في قمة حزني

لكَم

لكم جعلتنا ننتظر.. وكنا نظن أننا ننتصر

لكم جعلتنا نتمنى.. بأن لا نتأنى

لكم جعلتنا نطير.. ولكن بلا أجنحة تطير

لكم كان الحلم جميلاً..ولكنه انتهى قبل أن يصير

لكم كان الأمل كبيرًا..ولكنه انتهى لأنه المصير

لكم سعدت بسماع زغردة العصافير..ولكنها أصبحت كصوت المصير

لكم أدهشتني ألوان الطبيعة.. لكنها الآن أصبحت جدا فظيعة

 

نسيم جميل – اليمن

 

 

طفلي الحبيب

 من منا لا يحب بلده، أرضه، رائحة التراب والأجداد، ومن منا لا يفخر بكونه منتميًا لأرض آبائه، وإخوانه، فهذا الحب الذي نكنه لأراضينا إحساس فطري، يولد مع الإنسان، ويبقى معه مهما تغيرت لغته، أو جنسيته، فالأصل يبقى، وكذلك الحب داخلنا.

أنا مثلي مثل أي شخص على وجه البسيطة، أحب بلدي بإيجابياتها، وعيوبها، وكلما حالفني الحظ، وحجزت تذكرة الطائرة للعودة لها لقضاء عطلة العمل بها، يسبقني الشوق، ويسافر خيالي إلى هناك، سوف أرى الأهل، والأحباب، والأصدقاء، والأصحاب، والصورة البريئة الصادقة المعلقة في ذهني وقلبي، مصحوبة بالصوت الخافت الحنون: «الله يرضى عنك يا ابنتي أينما رحلت وارتحلت».

 قبل يوم العودة تأخذني الأفكار إلى بعيد، إلى بلدي الذي أصوره طفلاً ينتظر ماما بفارغ الصبر، وملامح وجهه خالية من كل التعابير، قبل نزول الطائرة بدقائق أرى وجهه أخذ تعبير الفرح، وابتسامة يزيد عرضها كلما اقتربت الطائرة من الأرض، وما إن تحط حتى يقلب الطفل تعبير الفرح إلى فرح مضاعف، وسرور، يتحول إلى حركات شقية لطفل بريء، يجري باتجاهي رافعًا يديه نحوي ليحتضنني بشوق الطفل لأمه المهاجرة، فأغمس رأسي داخل صدره، وأغمض عينيَّ لأستشعر حبه، وحنانه نحوي: يا حبيبي، هذا طفلي، هذا وطني، هذه أرضي، تحبنا تماما كما نحبها أو أكثر.

 أخرج من الطائرة باتجاه بيتي، حتى نسمة الهواء لها طعم آخر، أَبسُط ذراعي بحرية، وأرفع رأسي للسماء كمن يريد أن يجمع، أو يأخذ كل الهواء داخله.

 آه..... لأرضك، ووطنك طعم رائع، أجدني أخيرًا في البيت، وكل فرد من أسرتي يحتضنني بقوة، ولا يريد أن يترك فرصة لآخر باحتضاني من كثرة الشوق إليَّ، فتجد تعبيرًا موحدًا على كل وجوههم، الفرح، والابتسام، هذه بلدي، هذه أرضي، وهذا هو وطني.

 

خديجة الوراق - المغرب



في قمة حزني

رحلت عني وأنا في قمة شوقي إليك، رحلت ولم تودعني

كنت كل يومِ أستيقظ فيه أذهب إلى غرفتك؛ راجية أن أراك نائمًا على سريرك، وآتي وأقبل جبينك، فتستيقظ على قبلتي كالعادة

فتضمني إلى صدرك وتقول لي: كم اشتقت إليك يا صغيرتي، وتشكو إليَّ كيف كانت غربتك وأنت بعيدٌ عنا، فأرد عليك: لا تحزن يا جدي فأنت الآن بيننا، وستنسى كيف كنت مغتربًا وحدك.

والآن، وأنا في قمة حزني عليك، آمل أن ألقاك ولو لحظة؛ ليتسنى لي أن أودعك، لكني أعلم أنه لا أمل لي في ذلك؛ فقد رحلت عن هذه الدنيا المؤلمة، رحلت بلا رجعة

تركتني وحيدة غارقة في أحزاني، أسمع صوتك كل لحظة، وأرى طيفك يطل عليَّ، ويقول: لا تحزني فإني الآن بين يدي الرحمـن -عز وجل- فأبكي بشدة داعية ربي أن يرحمك، ويغفر لك، ويسكنك فسيح جناته.

 

آلاء سعد – الرياض

 

بلدي الأبيض

ســأجول بين طرقات بلـــداني..!

سأمحو منها كل الدمــار الذي حلّ بها من ذاك العــدوان..!

وســأغرس زهورًا بيضــاء تحيط بأسواري....

سـأُبقي فيها قناعاتي التي لطالما آمنــت بها.. وسأرسخهــا دستـــورًا تسير عليه..!

وليكـــن أُنــاسها الحــــــب، والوفــــاء، والإخلاص.

بعيـــدة عن كل من اكتسى ثوبًا أسود ممزّقا من جرّاء اعتداءات قلب بشر..!

 سأجعل طرقها مشيّدة بلوحات عانقت تراسيم الأمل..

والتحفــت صباحات اليوم.. متبرئة من اعترافات الماضي وليله الدامس..!

سأجعلها لكل من التمس تأوهات دامية..

 وكان جرحهُ علامةً يستدل بها لتهاليل الصواب..

 فمرحبًا بكل نزلائي في بلدي الأبيض

 

مــاريا البناي - الأحســـاء

 

حنين

طال غياب الأخبار

والسؤال عشق المكوث بعيدًا فوق سحابات التأمل والانتظار...

لم تعد لدينا قدرة أن نحدث أقرب من لدينا كما كنا نفعل، نتصيد أخبار كل منا دون أن نظهر الرغبة في ذلك...

كم صعب أن يبقى سؤال

إن مازلنا ضمن المقيمين في ذاكرة من كانوا يومًا أحبابنا؟ أم أن المكان لم يعد يتسع لنا؟..

هي أحاسيس تعلمنا أن نداريها عن كل الناس، إلا عمن احتلوا ركنًا خاصًا في قلوبنا، وذاكرتنا، وأبوا أن يتركوها، أو نحن من طاب لنا بقاؤهم...

كم هو مؤلم أن تأخذنا موسيقى هادئة لأجمل ليال جمعتنا بمن نحب، وتفيض أعيننا شوقًا، ونحن على يقين بأنه في النهاية ليس لدينا سوى الوسادة التي تجمع ما تستطيع من الأشواق؛ لتلقيها بعيدًا عنا.. وتؤملنا بموعدٍ أجمل تعيد فيه الذكرى.. إلا أنها ترتجي أن تكون أفضل...

فريال سعيد - السعودية

 


غريبة الأحلام

غريبة وسط أهلي بعيدة عن أحلامي.. لماذا أسمع مناديا ينادي فيها؟ ينادي بصوت عالٍ يقول لي هلمي، تعالي فأنا أهلك.. ثم أنتظر أن أراه، ولكن سرعان ما يختفي، ويهرب صوت النجاة... لماذا يهرب هذا الصوت؟ كان لي أمل أن ينتشلني من ضياع الوحدة والغربة

لماذا أتى، ولماذا يهرب طوق النجاة؟! كلها تساؤلات لا جواب لها عندي، إلا أنني غريبةُ.. غريبة حتى في أحلامي فلا أرى إلا ما لا يرى.

فهل سيأتي يوم أكون فيه قريبة، ولست بعيدة؟ يا ليتني أستطيع الاقتراب.. الانتصار

على إحساسي بالغربة.. يا ليت قلبي ينبض من جديد؛ حتى أولد للحياة بإحساس جديد

فيا ليت ضحكة من القلب الباكي..تزيل كل دمعة نزفت من قلب شاكٍ

لا تستعجبوا، فالقلب يبكي قبل العين أحيانًا

 

آية سامي


صمت القهر

 لملمت الشمس أشعتها من الكون، وبدأت كتائب الظلام تزحف رويدًا رويدًا.. كانت تقف أسفل الشجرة تلتهم العلم من الكتاب الذي استعارته من إحدى صديقاتها، تستغل وقت انتظارها للقطار، بينما كان المسافرون في شغل شاغل، كانت الرياح تهب من ناحية البستان المجاور مهيجة رائحة الأزهار البرية، وعازفة غنوة من حفيف الأشجار المرتعشة من البرد.

 وفجأة زمجرت السحب الساكنة في تلك المحطة.. سقط من يدها الكتاب، وتناثرت الأوراق، أسرعت تلتقطها من هنا وهناك، فيما بدأت الأمطار تهطل رذاذا رذاذا، تنهدت في حنق، ولفت شالها على عنقها وهي ترى أوراقها تتوه وسط العاصفة..اتكأت مجددًا على الشجرة، وسترت الكتب، والأوراق بمعطفها... وما كادت ترفع بصرها حتى لاح ضوء القطار، وعلا صوته، بينما تأهب الجميع لمغادرة المحطة، وحزم حقائبهم، تحركت متثاقلة، وكان شيء ما يخالج شعورها، نفضت شعرها المبلول، وصعدت القطار، ارتكنت مقعدها المجاور للنافذة، فيما كان البلل قد أصاب مقعدها الذي تستر بغلاف بالٍ قديم ممزق، وضعت الكتب في حجرها، وبدأ القطار يتحرك، حولت بصرها للجانب الآخر من الطريق المظلم، ودققت النظر في الوادي السحيق الذي أوشك المطر على إغراقه، وزلزلة جذوره الغافية، تنفست بعمق، وحدقت في الأشجار العارية مطولاً... فكرت في والدتها التي تجد ليل نهار لأجل إسعادها، تلاشت الأمطار، وبدأ الخيال المشوش يجتذبها، وهي أشبه ما تكون بالضريرة، لا حول لها ولا قوة، مجبرة على الإبحار في ذلك الماضي الدفين في ضلوع الأيام الخالية، وجدت نفسها في أروقة الماضي المريع مجددًا... ذلك الواقع الذي لطالما أرادت أن تلقيه بعيدًا، إلا أنه مازال يرافقها كالظل في دروب الحياة، اجتازت بيوت القرية الساكنة.. رأت دخانًا كثيفا يشوب شمس الغروب، مهيجًا داخلها هاجسًا ما، تركت كل ذلك وجرت في حبور لتشق صفوف الجمع المفجوع، دون أن تطرق إلى ما أذهلهم، أو عم كل هذه الفوضى، وجدت نفسها سجينة ذلك المشهد المخيف، والابتسامة تهرب من وجنتيها، وتحل الدموع الحارقة في عينيها، وتمرغ سعادته في الجحيم، رأت امرأة مكبة على جثة سوداء كالحة... تصرخ كالمجنونة، وتروي جسده بالدموع الأخيرة... دموع أعلنت موت عناء السنين، رفعت المرأة رأسها على الصمت السحيق الذي ساد الكون بغتة، فإذا بالفتاة لا تصدق عينيها، المرأة المكبة ليست إلا.....

عائشة احتشام الحق

 


ألم الفراق

هانحن يا حبيبتي أصبحنا غرباء.. لا نعرف ملامح بعضنا، وتلاشى ذلك الحب الذي كان يجمعنا.. وضل كلّ منّا طريقه في لحظة..وأصبحت كل الوعود رمادًا

انتظرتك يا حبيبتي تحت ظل الأمل.. وتمسّكت بخيط الرجوع الممزق.. أنهيت روايتنا، حبّنا دون سابق إنذار، ولم تمنحيني الفرصة بأن أكون بطل تلك الرواية

رسمت عالمي بأناملك القاسية كدائرة مغلقة..وقُلتِ لي: «أدخل هُنا وحدك»

هاأنا أمكث داخلها وحيدًا.. لا أجد من يُؤنس وحدتي، حتّى قناديل عينيك أطفأتِها عنّي

رحلت يا سيدتي عن عالمي..ورحلت معكِ كلماتي، والقمر أصبح باكيًا حزينًا..والنجوم تتساقط ألمًا على أوراقي.. أصبح كلّ شيء يكسوه العذاب، لذلك لم يبقَ لي سوى الرحيل!

لم أعد أستطيع العيش عند قبور الذكريات، أُناجيكِ أمامها وهي صامتة، وكأن حبّنا أصبح من تعداد الأموات.. لم تعد دقائق السّاعة تُذهب ذلك الظلام.. لم يعد ضوء الشمس يزرع أحلامًا جديدة.. لم يعد البحر أزرق.. لم تعد السّماء تمطر.. كارثة يا حبيبتي أصابت عالمنا هي «الفراق».

حلم اللقاء

 

 

ردود

 

إلى بدر الدوادمي الذي نسي ذكر بلده، نعتذر عن نشر مادتك «إذا مرّ بخيالك» لأننا لا ننشر مشاركات بالعامية، ننتظر منك مادة باللغة الفصحى.

إلى سوزان سعيد من السعودية: نحن لا نهمل أحدًا من أصدقائنا، ثم إننا نشرنا لك مادة، ونتمنى متابعتك أكثر، وننتظر منك المزيد.