لست قيسي

لست قيسي

 

لستُ ليلاك وأنت لستَ قيسي.. لأنك لم تكن في عاطفة قيسي، ولم أكن في ذل ليلاك.. عزيزي.. إن قيسي يحمل صفات عدة... إيمانه.. قوته.. نبله... حلمه.. تفهمه.. أمانته.. رومانسيته.. شاعريته.. لمسته الحنونة.. كلمته الرقيقة.. احترامه لنفسه ولي.. تقبله لآراء الآخرين.. اتساع فكره وشموليته.. تواضعه.. ثقته بنفسه وبمن حوله.. رفعته.. شخصيته الناضجة.. أشياء كثيرة لا حصر لها تمنيتها في قيسي لم أجد بعضًا منها بك.. وأشياء عديدة رغبت أن تكون في ليلاك لم تكن بي، كتلذذها بنكهة الذل والإهانة.. ألا تبصر وألا تسمع وألا تتفوه أمام ما تعايشه معك من اضطهاد وظلم وقهر وتفكير متخلف مظلم محدود.. شخصية ناقصة دكتاتورية.. تعصب للآراء.. وحشية وعنف.. وغير ذلك الكثير والكثير جدًّا مما رأته وسمعته وعايشته ولم تستطع التكيف معه.. ففضلت الانسحاب من حياتك وبهدوء.. لأني لستُ ليلاك وأنت لستَ قيسي..

 

صاحبة الجرح السرمدي - جدة

 

 

 

الخوف من قسوة الجبروت «2»

 

قلت له: يقال إن قلبك كبير رغم أن همك أكبر؟ اجتاحه الصمت لحظات، ثم نظر كمرتقب لنافذة القطار، أعاد إشعال تلك السيجارة، ثم استطرد بقوله: لقد كنت معتادًا أن أشغل نفسي بهموم الآخرين لتملأ مساحات شاسعة من فراغات أراها أمامي.. أما اليوم فهي مجرد وقود للامبالاة لديَّ، كل الفراغات الشاسعة التي كنت أمتلكها باتت لي وحدي، أملأها بهمومي التي فاقت مساحتها قدرتي على مشاطرة الأحزان، لقد وصل بي اليأس إلى حد يصعب معه تصور كينونة الأمل، تعجبني الفكرة كنهاية حتمية لكنها ترعبني كمرحلة.. هذا ما حدث لي..فأي ألم يفوق كل هذا الألم واليأس؟!

كنت أستمع جيدًا لكلامه، ويداي ترتجفان خوفًا وبردًا، فأنا لم أجد تفسيرًا لكلامه.. لم أفهم ما حدث عندما وقعت عيناي على هذا الرجل بالذات.. فقلت له: يبدو أنك كنت تسعى بمفردك لإنجاح تجربة بعد أن تخلّى عنك جميع أقطابها.. لكن ما الجدوى في أن تثبت ما لا يريد لنفسه أن يكون حقيقة؟

أجابني بسخرية: لقد كنت أنظر لنفسي بأني من سلالة القدر المحتوم، الأشد بؤسًا في الأمر أن خوفي وترددي متوازيان مع أحلامي، لذا لن يلتقيا إلا أن يخرج أحدنا عن حدود النص!

سألته: أيعني هذا أنك لم تنجح، وبدأت تبحث عن بر الأمان لسفينتك وحدك؟

أجابني: لا بد أن أبحث لسفينتي عن بر الأمان بلا اكتراث لكل سفن الدنيا، حتى لو غرقت إحداها قرب شواطئي فأنا لا أقبل الاستسلام!

سألته: هل كنت تراهن على نجاحك بعد أن أصبحت حواسك ميتة وأنت مازلت حيًّا؟

أجاب قائلاً: كنت أراهن جمودًا واشتعالاً ما بين ماء ونار، فهذه أزلية أدمنتها.

قلت له: ربما لأنك تصنع نهايات عديدة مللاً من الاستمرارية، فلا يكون تمثيلك مقنعًا حتى لنفسك، تستمر خطواتك على دربك، كل نبضك يسعى ثأرًا للاقتصاص منك، كل نبضة انقبضت على بصيص أمل تكون هي الأخيرة، حتى أصبح تواصلك مع محيطك منكمشًا؛ ليصل إلى مرحلة يستقبل فيها مؤثرات الألم وحدها دون غيرها.. داهمنا سكوت لثوانٍ معدودة، وبدا كل منا سارحًا بخياله في بيداء من التفكير، نتساءل: لماذا أحيط حاضرنا بشيء من رونق الخداع؟ أسكت تفكيري عزف موسيقى وتعبيرات ذلك الرجل الغريب، وعادت ذاكرتي لدقائق مضت، كان الرجل ينسب كل حادثة وموقف إلى الخوف من مقصلة الجبروت!!

كيف ذلك ولِمَ؟ هل كان ذلك حكم العدالة؟ أم هو حقًّا مجرد خوف من تلك المقصلة التي هددت حريتنا مع خيوط صباح كل يوم؟

نورة محمد – السعودية

 

يوميات رجل متزوج

 

إن بداية النهار الطبيعية عند الرجل المتزوج هي «تكشيرة» مرسومة بحكم الطبيعة على وجهه الصبوح.. وسيل من الأوامر والأسئلة (أين ملابسي؟!).. (أين قهوتي؟!).. (أين مفاتيح سيارتي؟!).. (أين أنا؟!)..

ويتوجه إلى عمله ليتحول إلى شخصية أخرى.. شخصية مرحة متسامحة متفهمة تجعل كل عزباء تحسد اللئيمة القابعة في البيت.. فشكواه من زوجته الثرثارة تتلاشى أمام ثرثرة زميلاته في العمل.. ولا يدخر جهدًا في حل أي مشكلة يشعر أنها تؤرق إحداهن.. ولا تستغربوا لماذا يعتبرنه جميعهن الرجل المثالي والزوج «اللقطة»، ولا يزلن يحسدن زوجته عليه..

ولكن.. وآه من كلمة لكن... ما إن يحين موعد عودته إلى البيت، حتى يبدأ بتكوين ذات «التكشيرة» على وجهه الصبوح، وقد يحيي زوجته أو ينسى كالعادة، فهو مرهق من العمل ومن مجاملة الزميلات..

ويبدأ أنفه بالبحث عن الطعام.. فإذا وجده أكله صامتًا، وإذا لم يجده يبدأ في «الرغي»، ويزيد ويتحدث عن تقصيرها الدائم، ويذكرها بمدى التعب والجهد اللذين يلاقيهما في عمله..

بعد الغداء تنهار قواه من امتلاء معدته، ويقرر الجلوس أمام التلفاز ممسكًا بالريموت كنترول.. وعندما تطل مذيعة جميلة على الشاشة لا يملك إلا أن يرمق زوجته بطرف عينه ويلعن حظه النحس.

وإذا حاول أحد الأطفال اللعب معه أو التقرب إليه، يبدأ بالمناداة عليها، ويأمرها بأن تأخذهم بعيدًا فهو متعب، وهي لا تفعل شيئًا طوال النهار، فالبيت ينظف نفسه آليًّا، والأطفال يعتنون بأنفسهم وحدهم!

وفي المساء إما أن يذهب إلى أصدقائه، أو يمدد فترة احتلاله للريموت كنترول، معلنًا ضرورة تحضير العشاء، و«يا ويلها ويا سواد ليلها» إذا حاولت الزوجة أن تفتح معه أي موضوع.. فهو مرهق من الجلوس أمام التلفاز ويجب أن ينام ليستيقظ مبكرًا، ليستطيع مجاملة زميلاته في العمل..

ولن أحدثكم عن يوم الإجازة، فهو كارثة قائمة بذاتها..

وختامًا رجاء أن تتذكروا أن هذا مجرد نموذج واحد، والحمد لله ليس كل المتزوجين هكذا.. ولكن -عذرًا- أقول أغلبهم. 

عبير البشير - الأردن

أنت الوعد

 

بداية وعدتني بعدم الفراق، وبأن نظل معًا على مدى السنين، وجعلتني أعـدك بذلك أنا أيضًا، جعلتني أكره فراقك.. وأكره هذه الكلمة، وأكره كل طريق يبعدك عني، وفجأة وبين ليلة وضحاها..غيرت رأيك، وانسحبت! لماذا؟! وما السبب الذي جعلك فجأة تجهز عتاد السفر.. لترحل لعالمك الخاص وتجعلني أنا.. حبيبتك.. وحيدة.. لعالمي الصغير؟ الذي جعلت حدوده كلها أنت.. لن أطلب منك عدم الرحيل.. لأنه قرارك وحدك.. وكم حاولت منعك عنه.. ولكن إن أردت الرحيل، فأطلب منك نسياني للأبد..

وها أنت تختارني لأكون ضحيتك، لا أملك ما أقوله.. ولكنك تخليت عن وعدك لي..

 ولكنني لن أتخلّى عن وعدي لك أبدًا.. حتى لو كلفني ذلك عزلتي وحيدة، لأن حبي لك أكبر من أن أستسلم لفراقك.. لا ولن أستسلم..

شوق - الخبر

 

إلى من أحب

 

أحبك على ما أنت عليه، أين كنت قبل تلك السنين؟ لقد التقينا بعد تلك المدة، أجل التقينا.. إنه القدر، من الجميل أن أجد بعض التشجيع والمحبة منك، حبك غمرني، جعلني أشعر بقدر كبير من السعادة أنت تجهله، ربما تظن نفسك بأنك تعلم.. فأنت مخطئ.

أتعلم يا من تسمي نفسك..! أنا وأنت من عالمين مختلفين، اجتمعنا مع بعضنا، ومع هذا لدينا قواسم مشتركة كثيرة، ربما تكون صدفة لكنها ليست كذلك، أتعلم لماذا؟!

أنا سأخبرك بنفسي، لأني مثلك أجهل هذا الأمر!

لقد لمست فيك الصفات الحسنة... طريقتك في التعامل مع الآخرين، وأثناء الحديث معي تجعلني أصغي إليك جيدًا، عندما تتكلم معي بهدوء ومحبة، حتى اهتمامك بي، هما سبب احترامي لك، مع هذا أخجل منك.

لمحت لفترة قصيرة تعابير وجهك عندما تغضب، عندما نظرت إلى عينيك، امتلكني الخوف، لم أستطع نطق كلمة واحدة، أجل أرعبتني.. مع أنك لم تقصد، لكنّ عينيك كانتا تحملان الكثير من الحب والعاطفة، لا تسألني متى رأيتك وأنت بهذه الحالة؟

أتعلم يا من تسمي نفسك..!

تعجبني نظراتك عندما تنظر إليَّ، تجعلني أشعر بالخجل كلما أنظر إليك، فأُبادلك بابتسامة لطيفة لعلّها تكفي، وحتى عندما تسخر من تصرفاتي!

رغم هذا أحبك، وأحب سماعك وأنت تضحك، لأنها تشعرني براحة البال والطمأنينة في قلبي، أريد تمضية بقية عمري وأنت بجانبي، أسمعت يا من تسمي نفسك..!

 

 نورة أحمد أحمد سعيد - البحرين

 

روتيني

 

 

يستيقظ في السابعة صباحًا.. وينام في التاسعة مساء، يلبس قميصًا أبيض وربطة عنق حمراء.. حذاؤه أسود كلاسيكي.. يرتدي نظارة ضخمة تخفي خلفها عيونًا ذابلة.. أظنها خضراء، نفس طريقة تصفيف الشعر.. يذهب إلى عمله من نفس الطريق.. ويعود من نفس الطريق.. كلما تحدثت إليه يصيبه توتر.. فيحرك قدميه..

بارد..لا يبدي أي ردة فعل حتى لو حدث حريق.. لو وقفت ذبابة على أنفه.. لا يحرك يده كي «يهشها»..اتركوها وشأنها الآن ستطير!

 لا تناقشه كثيرًا.. سيقول لك لا تدخلني في متاهات، لا يحب أبدًا أن يجرب أي شيء جديد، ليس له أي علاقة بما يُسمى «فنّ».. لا من قريب ولا من بعيد.. فطوره حبة فاكهة.. غداؤه خضار وقطعة لحم.. عشاؤه كأس حليب..

لا يدخن.. لا يشرب الشاي والقهوة.. ولا يتعاطى المسكنات..

الحديث عن المرأة في نظره خطيئة.. تستحق العقاب..

اقتربت منه.. فتلعثم.. ارتبك.. تحول لونه للأزرق.. كما لو أصابته صدمة كهربائية، لدرجة أنني خفت أن يصاب بنوبة قلبية!

سألته: هل رأيت زهرة بنفسجية؟

أجاب: وهل هناك وردة بنفسجية؟! لا أعرف غير الوردة العادية..

لا يفكر إلا بالرغيف.. وإن لم يتفق الناس على أنه رغيف لما سلّم بأن هذا هو الرغيف!

لا يسافر ولا يريد السفر.. رغم أن الله وهبه كثيرًا من المال، لا يضحك ولا يبكي...

لا يقرأ سوى الجريدة... بالطبع منذ سنوات.. نفس الجريدة..

إن سألته.. سيجيبك.. ربما.. لا أعرف.. ممكن.. لا يمكنني الإدلاء بأي معلومات أكيدة.. تشعر وأنت برفقته بأنك تحتضر..

التلفاز.. لا يعني له إلا أي الفريقين فاز!

لا تشغله أبدًا الألوان.. الجبال والأنهار.. الخيول التي تركض في الحقول! ربما في ذاكرته بعض من تلك المفردات! نعم.. لقد قرأها في المدرسة.. في ذلك الكتاب..

دخل أحدهم.. تحدث في أمور كثيرة.. أخبره عن بعض الاختراعات.. سرد بعض النكات.. لم يشعر بوجوده في الغرفة إلا حينما خرج؟!.. سمع صوت الباب..

جثة متحركة ترتدي ثيابًا.. كم هو مسكين.. هذا الرجل الروتيني!

 

لبنى السحار

 

 

ردود

إلى المشارك عادل مصلح من الأردن: نعتذر عن نشر قصيدتك «ما في أحد مثلك» لأنها باللهجة العامية، ننتظر منك مواد أخرى.

إلى نهى سعد من دبي: كتابتك باللغة العربية ركيكة جدًّا، كأنك متأثرة بلغة أجنبية، حاولي العودة للقواعد الأساسية، وننتظر منك الأفضل.