نجيب طباع: ندمج في تصاميمنا ثقافة الشرق والغرب

«الشغف» كلمة قد تصحّ لوصف العلاقة بين آل طبّاع وعالم تصميم المجوهرات، ولتختصر حكاية عمرها يقارب الـ 150 سنة بين عائلة ورثت مهنة صناعة المجوهرات من الجدّ إلى الأب إلى الحفيد. لنتعرّف على هذه الحكاية عن كثب، قصدنا دار الحرف الفنية في بيروت حيث التقينا نجيب طبّاع الإبن الذي روى لـ «سيدتي» قصة هذا الحب المتوارث من جيل إلى جيل، وكشف أسرار العلاقة الفريدة بين آل طبّاع وزبائنهم من النخبة حول العالم.

يحبّ نجيب طبّاع استرجاع سيرة أجداده ويقول: «مهنتنا عائلية، بدأت مع أجدادي الذين كانوا يحفرون على الخشب أشكالاً من الورود ثم يطبعونها على الحرير. ثم تحوّلوا بعدئذ إلى الطباعة على الفضة، فالذهب. ومن هنا، اتّخذت العائلة بسبب هذه الحرفة إسم «طبّاع»، ولكن، أعتقد أننا باشرنا بصورة رسمية العمل في مجال تصميم المجوهرات عام 1905 حيث إن بحوزتي أول فاتورة موثّقة تشهد على تحوّل حرفة العائلة إلى العمل رسمياً في صناعة المجوهرات.

 ما الذي يميّزكم عن سواكم من مصمّمي المجوهرات، ولماذا تحيطون أنفسكم بهذه الخصوصية؟

ما يميّزنا هو نظرة خاصة جداً نحو المرأة، إذ لدينا عين على الشرق وعين على الغرب. ونحاول من خلال تصاميمنا أن ندمج بين الثقافتين، إذ إننا شرقيون في أصالتنا وفي أحجام القطع التي تحمل إسمنا، وأوروبيون من حيث جودة الإنتاج والصناعة و«نظافة» المجوهرات. نحن أيضاً لدينا خصوصية لناحية علاقتنا مع الزبائن، حيث نقدّم لكل إمرأة قطعاً خاصة بها تليق بشخصيتها، كما أن لكل قطعة مجوهرات حكاية أو شهادة ميلاد تلخّص الفكرة من وراء التصميم.

- ما هو الفارق بين أجيال طباع المتعاقبة على مهنة تصميم المجوهرات منذ 150 سنة؟

نحن نختلف من حيث رؤيتنا للمرأة، وإذا أردت الحديث عن تجربتي مع والدي نبيل طبّاع، فالإختلاف

يكمن في أن والدي يصمّم المجوهرات أو الأطقم الخاصة بمناسبات الليل مثل الأفراح الكبيرة والمناسبات،

في حين أنني أصمّم قطعاً خاصة للنهار والليل.

وفي كل الأحوال، نحن نتكامل من جيل إلى آخر، ويجمعنا في النهاية هذا الشغف الذي نتوارثه في عالم تصميم المجوهرات.

- من أين تستوحي تصاميمك، وكيف تبدأ القصة لدى نجيب طبّاع؟

الوحي بالنسبة إليّ هو ومضة أو «فلاش» في الذاكرة، ولا نعرف متى يحدث ذلك وأين ولِمَ. ما إن يحدث هذا الوميض حتى أبدأ بالرسم، حيث أضع على الورق

ما لديّ في مخيّلتي من أفكار. وهذا الوقت هو المفضّل لديّ، إذ يشكّل متنفّساً للتعبير. فأنا أفكّر ليلاً نهاراً في المجوهرات، وهدفي أن تلامس تصاميمنا قلوب النساء.

- متى تتحوّل قطع المجوهرات إلى «روائع» أي Mastepieces برأيك؟

لا يمكنني التكهّن بذلك أثناء تنفيذ القطعة ومرورها بكل مراحل التصميم والتنفيذ. ولكن، سرعان ما نلتمس روعة بعض القطع عندما تضعها المرأة وتظهر بها في إحدى المناسبات، وتخبرنا أنها تشعر بعاطفة مشدودة نحو ما صمّمناه لها.

- من هنّ زبونات داركم؟

إنهن النخبة من سيدات المجتمع والأميرات والعائلات المالكة اللواتي يرغبن في تصميم شيء خاص بهن ولا يوجد له مثيل. لذلك، فلكل شخصية قطعة خاصة لا تتكرّر لأننا نحرص على عنصر الفرادة.

 

المقارنة صعبة

- من ينافسكم اليوم من الأسماء الكبيرة والحاضرة بقوة في عالم تصميم المجوهرات الراقية؟

نحن نعمل بمفهوم عائلي ولسنا مجموعة أو شركة مساهمة. لذلك، من الصعب مقارنتنا بأحد أو التحدّث عن منافسة. فنحن نلتقي زبائننا وجهاً لوجه ونعرفهم واحداً واحداً. وأنا أنتمي إلى الجيل الخامس من عائلة طبّاع، ولا أجد منافساً يشبه أسلوب عملنا واداءنا لأننا في موقع مختلف تماماً عمّا هو موجود في السوق وتاريخنا يشهد على ذلك.

- هل تحتفظ بقطع مميّزة لنفسك؟

معظم القطع القديمة التي صنعها أجدادي محفوظة لديّ هنا في هذا المشغل. كما أنني أشتريها أحياناً من المزادات العلنية، وأبحث عنها وأحاول الحصول عليها بشتى الطرق. وأفكّر في إقامة معرض لهذه القطع العزيزة على قلبي لأنها تمثّل تراث أجدادي وتعبّر عن مدى عراقتهم.

- أخبرنا عن مجموعتك الأخيرة Super Nature أو الطبيعة الخارقة؟

إخترت موضوع الطبيعة الخارقة لأنني استوحيت من الطبيعة، من خلال إحساسي بها، مشاهدات معينة وحوّلتها إلى أفكار خارقة. قصّتنا بدأت مع الأفعى في الخمسينات من القرن الماضي، وحرصنا على تطويرها وامتدادها منذ ذلك الوقت. وقد أعدت إحياءها بصورة جليّة في مجموعة Super Nature.

- لماذا نرى حضور الأفعى بقوة في عالم تصميم المجوهرات؟

لأن الأفعى تعبّر بصورة أو بأخرى عن مفهوم الخصوبة كما أن انحناءاتها وطيّاتها توحي بالكثير، فهي غامضة، منفتحة وعدائية في آن، كما أن لها حضورها القوي في الأساطير منذ قيام جنّة عدن.

 

مجموعة واحدة فقط

- لماذا لا تطلقون أكثر من مجموعة واحدة محدودة لناحية الإنتاجية في السنة؟

نخشى أن نخسر صورتنا أي Image طبّاع ونتحوّل إلى إسم استهلاكي. هدفنا الرئيسي من هذه السياسة هو الحفاظ على المستوى الذي حرصنا عليه منذ أيام أجدادي. ولذلك، نكتفي بمجموعة حصرية نطلقها كل سنة، لكي نحافظ على عملية مراقبة النوعية والجودة Quality Control التي تميّزنا.

- أخيراً، هل اتّضحت ملامح مجموعتك للعام المقبل؟

أستطيع القول إنني سأنشد نفس الأغنية بلحن مختلف. اليوم، لدينا الأفعى والضفدع (مستوحى من حكاية الأمير الضفدع) وسأضيف شيئاً مكمّلاً لهذه المجموعة، إنما بنمط جديد.