الهوية الثقافية والشعور بالانتماء بين الشباب.. إلى أين

الهوية الثقافية - الصورة من envatoelements
إشكالية الهوية الثقافية
أهمية الهوية الشخصية (المصدر: pexels bymax-chen-)
اختصاصية التنمية البشرية غادة حسن
غادة حسن.. اختصاصية التنمية البشرية- الصورة مرسلة من قبل الاختصاصية لـ«سيدتي»
إشكالية الهوية الثقافية
الثقافة هي التي تحدد هوية المجتمعات (المصدر: pexels by eduardo-lópez)
إشكالية الهوية الثقافية
إشكالية الهوية الثقافية (المصدر: pexels by -jj-jordan)
إشكالية الهوية الثقافية
إشكالية الهوية الثقافية (المصدر: pexels by -jj-jordan)
إشكالية الهوية الثقافية
اختصاصية التنمية البشرية غادة حسن
إشكالية الهوية الثقافية
إشكالية الهوية الثقافية
إشكالية الهوية الثقافية
6 صور
إن الشباب هو رأس مال المجتمع ومصدر قوته وعزته، من خلال ما يمتلكه من إمكانيات وطاقات وقدرات على التفاعل والاندماج والمشاركة في قضايا المجتمع، ومن أخطر التأثيرات التي تهدد الهوية الثقافية للمجتمع، عندما تكون ثقافته ضعيفة وقابلة للذوبان في الثقافات الأخرى الأكثر قوة منه، ولعل الشباب هم أكثر الفئات تأثراً بالثقافات الأخرى.

الثقافة هي التي تحدد هوية المجتمعات

الثقافة هي التي تحدد هوية المجتمعات (المصدر: pexels by eduardo-lópez)

تقول غادة حسن، أخصائي التنمية البشرية لـ«سيدتي»: الثقافة هي نوع من أنواع التعبير عن حالة المجتمع في ضعفـه أو قوته، وهي التي تحدد هوية المجتمعات، سواء أكانت بدائية أو متقدمة، والهوية تُعتبر ماضياً متأصلاً في حياة الفرد، هذا الماضي يخطط كل مراحل حياة الفرد، بما فيها من تقاليد وصفات وطباع وعادات وثقافة؛ فالهوية الثقافية هي حصيلة الفكر واللغة والتاريخ والعادات والتقاليد والفنون والعقيدة والقيم والأخلاق.. وعندما ننظر إلي الوقت الحالي، نجد أن ثَم خطراً يترصد شبابنا، ويتمثل في تهديد هويته، ومصدر هذا الخطر يتضح في سطوة العولمة وتراجع قيم الولاء والانتماء؛ مما يشکل ضغوطاً وصراعات نفسية، ولعل الشباب هم أسرع الفئات تأثراً؛ لذلك ينبغي التنبه والحرص المضاعف على الشباب من انخراطهم في هذه الثقافات الأخرى؛ فالعوامل المؤثرة على الهوية كثيرة جدً، أهمها: الأحداث الجارية، والخبرات الحياتية، والإعلام والتعليم والعمل الاجتماعي والتطوعي.

أهمية الهوية الشخصية

أهمية الهوية الشخصية (المصدر: pexels bymax-chen-)

تقول الاختصاصية غادة حسن، إن الهوية الشخصية بمثابة البوصلة التفكيرية التي تحدد تصرفات الإنسان وردود أفعاله؛ فكلما أدركت من أنت، علمت ماذا ستفعل، وكلما زادت معرفة الإنسان لنفسه وتاريخه وخبراته ومقدراته، زاد إيمانه بنفسه وارتفع سقف طموحه وحدود أهدافه.. وعلى العكس، عندما يسيطر على الإنسان الإحساس بالدونية، يتراجع الإحساس بالذات، وتضعف الهوية وتتهاوى الثقه بالنفس.

• تمرد الفرد على ثقافة مجتمعه

تقول اختصاصية التنمية البشرية غادة حسن: كثير من الشباب يتمرد على ثقافة مجتمعه الذي يعيش فيه؛ فنجده يعيش في حالة اغتراب ثقافي نتيجة لانبهاره بثقافة أجنبية عنه، وميله نحو تقليد الثقافات الأخرى الوافدة؛ خاصة في الأمور الخاصة بالعادات والتقاليد والأعراف وأسلوب الحياة والنظام الاجتماعي، وما ينتج عن ذلك من ضعف قدرة الفرد على التواصل والانسجام مع ثقافته، والميل إلى العزلة والشعور بالعجز واللامبالاة والإخفاق في التكيف مع الثوابت السائدة، وكذا التغيرات الطارئة على المجتمع.

التحديات التي تواجه الهوية الثقافية

إشكالية الهوية الثقافية (المصدر: pexels by -jj-jordan)

• العولمة الثقافية من التحديات التي تهدد خصوصيتنا؛ بل تهديد للهوية العربية ككل من خلال محاولة تحويل نمط الحياة إلى نمط حياة غربي؛ فهذه العولمة تأتي على الآليات والأدوات التي تستخدمها لفرضها وبسط هيمنتها على عقول الشباب.
• معاول الهدم والتهميش والتشكيك في كل ما يتعلق بتاريخ العرب والمسلمين وحضارتهم، ويتم تشجيعها ونشرها بأساليب وطرق مختلفة؛ لكي يتم إجهاض الهوية الثقافية لهذه الأمة، ولعل ما يقوم به الإعلام من دور، وتقاعس التعليم عن دوره المأمول وانحسار دور الأسرة، قد عزز من قوة هذا الاختراق.
• التطلع من الشباب لمشابهة الغربيين وغيرهم من الشعوب المتقدمة، مع الشعور بالدونية والانكسار تجاه تلك الشعوب.
• الانبهار الشديد من جانب الشباب بالتقدم الغربي على مستوى التكنولوجيا والحضارة المادية.
• سيطرة وسائل الإعلام الغربية، وتمييع الخصوصية الثقافية لأيّ بلد، والترويج للقيم والثقافات والسلوكيات التي ذوّبت خصوصيتنا الثقافية وهويتنا، وإثارة الشبهات حول الهوية الثقافية العربية؛ بل وتذويب الثقافة العربية من خلال الترويج لقوى عولمة الثقافة، والتركيز على نشر الثقافة الغربية وجعلها النمط الثقافي السائد والمعاصر.
• التبعية الثقافية من خلال اعتماد ثقافاتنا على الثقافات الأخرى في إنتاج وتطوير ثقافاتها، وتتمثل هذه التبعية في عدة مظاهر، منها: إحلال قيم وعادات وأنماط سلوكية محل القيم السائدة في هذه المجتمعات آليـات للعمـل مـع أزمـة الهويـة الثقافيـة للشـباب
• الاهتمام بالشباب ورعايتهم وتزويدهم بمستجدات العصر، مع ضـرورة الحفـاظ علـى الهويـة الثقافية وتراث الأمة.
• عمل مبادرات لتعزيز الهوية الوطنية للشباب، وحث الشباب بالانتماء للوطن وتنمية روح المواطنة لديهم.
• توعية الشباب على التمسك بتراثهم الثقافي وعاداتهم وتقاليدهم، وبعدم الانجذاب للثقافات الغربية وتقليدها من دون وعي، مع الأخذ فـي الاعتبـار عادات وتقاليد المجتمع العربي المنتمين إليه.
• العدالة والمساواة في توزيع الحاجات والخدمات للشباب، وفي حصـولهم علـى فـرص العمـل، وذلك للتقليل من المشكلات التي يواجهها الشباب.
• إقامـــة حـــوار فعــال وحــر بـــين الشـــباب والجهـــات الثقافية والاجتماعيـــة المســـؤولة فـــي المجتمع.
• بث روح التعاون والمشاركة بين الشباب، بما يعود بالنفع على مجتمعهم ووطنهم.
• ضــرورة الانفتــاح علــى الثقافــات الأخرى، في حدود التبادل والتوازن الثقافي على أساس الحوار من دون المساس بثقافتنا.

لماذا المشاعر السلبية لدى الشباب؟

وعن السبب الرئيسي الذي زرع المشاعر السلبية لدى الشباب، تقول الاختصاصية غادة حسن، إن تراجع الثقافة المستنيرة، أدّى إلى دخول الكثير من الأفكار المغلوطة وانتشارها بشكل واسع بين الكثير من الشباب، كما أن الكثير من الشباب أساء فهم معنى إتقان اللغة، من أنها وسيلة معرفة، إلى أنها تميُّز طبقي أو رقي؛ فأصبح استخدام الألفاظ الأجنبية من مظاهر الرقي، ومن دون شك، إن على الجامعة العبء الأكبر من مسؤولية تكوين وعي الشباب ثقافياً وفكرياً، وتهيئتهم علمياً لمواجهة عالمٍ تُحرّكه الأفكار والقيم، ثم يأتي دور مؤسسات صناعة الوعي، من الإعلام وهيئات الكتاب والصحف، وغيرها، وهي التي تحدد التوجهات الفكرية للمجتمع، وتصوغ قضاياه الكبرى واليومية في ممارسات اجتماعية وثقافية.

• كيفية تأصيل قيمة الوطن

غادة حسن.. اختصاصية التنمية البشرية- الصورة مرسلة من قبل الاختصاصية لـ«سيدتي»

بالنهاية تقول غادة حسن: لا بد من تأصيل ثقافة العودة للجذور، وإحياء كل ما هو أصيل، وإرجاع الحضارة إلى جذورها الأولى؛ فلدينا من حضارتنا ما يكفينا؛ فإن كلمة وطن تحوي الكثير من العناصر، منها: الماضي والحاضر والمستقبل، ومن يعرف ماضيه جيداً، يعرف من هو؛ فلا يضل مستقبله ولا يضيع حاضره؛ فلا بد من معرفة التاريخ، وأهم ما فيه أن يعلم جيداً أنه اليوم تاريخ الغد، وعليه أن يعمل ما يجعل أولاده يفخرون به، كما يفخر هو اليوم بأمجاد أجداده، وإلا عندما يصبح تاريخاً، لن يرحمه أحد؛ فاصنع بنفسك ما يفخر به أبناؤك.