حديث الروح

في البداية يقول الشيخ سراج الدين سليمان: إن الرسول، صلى الله عليه وسلم، حث على حسن صوت المؤذن والترغيب فيه، والحث على الصلاة في الصف الأول والتبكير إلى الصلاة عند سماع الأذان.

 

لذلك فإن الأذان في الإسلام له مرتبة وشأن عظيم، فقد قال النبي، صلى الله عليه وسلم: من سمع المؤذن يقول: «أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله» فقال مصدقًا محتسبًا: «وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله أكتفي بها عن كل من أبى وجحد، وأعين بها من أقر وشهد».

 

ومن هنا فقد حصل على مرتبتين: الأولى غفر الله له ذنبًا، وحصل على شفاعة النبي، صلى الله عليه وسلم، وقد أشار الشيخ سراج إلى أهمية وجود حسن الصوت عند المؤذن، فقد اختار النبي، صلى الله عليه وسلم، بلال بن رباح، وهو صحابي جليل؛ ليكون مؤذن رسول الله لحسن صوته.

 

ومن ضمن الشروط التي يجب أن تتوافر في المؤذنين قال الشيخ الطوخي: حسن وجودة الصوت، والأداء والخشوع، والقدرة على تأثير المؤذن بصوته في نفوس الغافلين عن أداء الصلاة، وإتباع مدارس الشيوخ الكبار في هذا المجال، وتعلم المقامات في علم الموسيقى؛ حتى لا يخرج المؤذن على المقام الذي يتبعه.

 

وقد قامت لجنة التحكيم بتوزيع الجوائز على الفائزين، حيث حصل الشيخ جمال فتح الله على المركز الأول، وجاء في المركز الثاني ماجد الشرقاوي، وحسام حسن في المركز الثالث، ومحمد حسن محمد في المركز الرابع، ومحمود عبدالقادر في المركز الخامس.

 

 

 

الأذان الحي هو الأصل

 

يقول الداعية الإسلامي دكتور مبروك عطية، الأستاذ بجامعة الأزهر: الأذان الحي هو الأصل الأصيل، وتوحيد الأذان من خلال اسطوانة تكنولوجية وإن كان مكلفًا فإنه يفقد الأصوات الندية الجميلة. فنحن نملك من هذه الأصوات الكثير الذي يغطي المساجد وزيادة لو كنا جادين في اختيار المؤذنين.

 

وقد رأى عبدالله بن زيد الأنصاري، رضي الله عنه، رؤيا الأذان، فلما عرضها على النبي، صلى الله عليه وسلم، قال له: «لقنها بلالاً فإنه أندى منك صوتًا»، وفي موسوعة «المغني في الفقه لابن قدامة» نجد أن المؤذن حسن الصوت إذا طلب أجرًا أعطيناه الأجر، وأبينا المؤذن الذي يعرض نفسه بدون أجر إذا كان صوته غير جميل؛ لأن الأذان إعلام بدخول وقت الصلاة، والصلاة جميلة فهي صلة بين العبد وربه، وسبب في الطهارة، وهي عماد الدين؛ لذلك كان لابد أن يكون صوت المؤذن الذي يدعو الناس إليها جميلاً، لكن المأساة أننا نعين المؤذنين دون رعاية الصوت الحسن من عدمه، وبعض الناس يهجم على الميكروفون في المسجد، فيؤذن بالقوة وصوته غير جميل، وقد روى «السهيل» أن المدينة في زمان النبي، صلى الله عليه وسلم، كان بها سبعة مساجد كلها تصلي بأذان بلال أي كان بلال يؤذن والمساجد الأخرى لا تؤذن؛ لأنها تسمع ونحن في حاجة إلى تصديق ذلك، بحيث أن مكبرات الصوت تعين على نشر الأذان الجميل في منطقة كبيرة فلا داعي لأن ينطلق الأذان في شوارع وميادين صغيرة قريبة من بعضها، وقد ذكر الإمام النووي في صحيح مسلم أن التشويش في الأذان لا يجوز؛ لأن التشويش، ومعناه أن يشوش مؤذن على مؤذن آخر مثلما يحدث الآن، فمثل هذه المسابقة تفتح بابًا من أبواب الجمال، كان علينا أن نفتحه من قديم الزمان، وسوف تسفر عن نتائج لأصوات يستجيب لها الوجدان قبل الأذان.

 

 

 

مسابقة حسنة

 

الدكتور عبد الفتاح إدريس، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، يرى أن إجراء المسابقة في حد ذاتها في اختبار أفضل الأصوات وأحسنها؛ لإعلام الناس دخول وقت الصلاة شيء حسن، كان قد أجراه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بين عشرة من أصحابه، يظن فيهم حسن الصوت بالأذان، وكان من بين هؤلاء المؤذنين العشرة صحابي يُدعى «أبو محذورة» فيقول: «علمني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ألفاظ الأذان، فأذنت بين يديه، فلما فرغت أعطاني صرة فيها بعض الدراهم، وهذا يدل على أمور كثيرة غابت عن بصر وبصيرة القائمين على وزارة الأوقاف المصرية، الذين هداهم تفكيرهم العاثر إلى إبطال سنة من سنن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن هذه الواقعة تدل على اختيار المؤذن، واختيار حسن الصوت، وارتفاعه فيه باعتبار أنه يعلم الناس بدخول وقت الصلاة،

 

يضاف -كما يقول د.إدريس- إلى هذا أن الواقعة تدل على جواز إجراء المسابقات لاختيار أفضل المؤذنين من بين المتقدمين، وجواز إعطاء من فاز في المسابقة جائزة؛ لحسن صوته في الأذان، وهذا كله يدحض العلل العليلة التي تمسك بها من أبطل الأذان في مصر، مكتفيًا بإذاعة الأذان من خلال برنامج مخزن أنفقت عليه عدة آلاف من الجنيهات.

 

ومن ثم فإن إجراء مسابقة في أي موضوع كان بين المؤذنين شيء حسن، ويحيي سنة من سنن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الذي كان يختار بمقتضاها أفضل المؤذنين؛ لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة.

 

أما بالنسبة للأذان في الإسلام فهو سنة مؤكدة، ومن أهم شروطه أن يكون عالمًا ضابطًا لألفاظ الأذان، ذكرًا، حسن الصوت وأعلاه؛ ليسمع أكبر قدر من الناس بصوته؛ ولهذا فإن عبد الله بن زيد الأنصاري، الذي رأى رجلاً، وبيده الناقوس والذي علمه كيفية الأذان لما قص على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رؤياه قال له: «ألق ما سمعته على بلال فإنه أندى منك صوتًا، ومعنى هذا أن المؤذن يستحب فيه أن تكون طبقة صوته عالية، ولهذا اختار رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بلالاً؛ ليؤذن في الناس لارتفاع طبقة صوته عن صوت عبد الله بن زيد، الذي علم ألفاظ الأذان في رؤياه.

 

وهذا وغيره دليل على أن المؤذن في الإسلام لا يكون آلة ينبعث منها الصوت، وإنما ينبغي أن يكون بشرًا، وأن تتوافر في هذا البشر شروط معينة وضعها الشارع؛ لكي يؤذن له في النداء على الناس لدعوتهم إلى الصلاة.