إهمال تشخيص «الهربس» قد يؤدي إلى نتائج مميتة

رغم تطوّر العلاجات والفحوص الوقائية، ما تزال الالتهابات المتناقلة عبر العلاقة الزوجية بالغة الانتشار وتؤدي إلى نسبة مرتفعة من الوفيات والمشكلات الصحية والنفسية في العالم. ولعلّ أبرزها «الهربس التناسلي» والذي وإن بدا مرضاً غير خطير الا أنّ معدّلات انتشاره ترتفع باستمرار خصوصاً في المجتمعات الشابة، علماً أن عواقب عدم تشخيصه وعلاجه قد تؤدي إلى نتائج مميتة، خصوصاً لدى الجنين.

«سيدتي» تسلّط الضوء على «الهربس التناسلي» من خلال الحوار الآتي نصّه مع  الاختصاصي في الصحة العامة الدكتور سامي أبي سليمان.

ما هي الأسباب المسؤولة عن الإصابة بـ  «الهربس»؟

تسبّب الفيروسات التي تصيب الفم النوع الأوّل من «الهربس»، وتلك التي تصيب الأعضاء التناسلية النوع الثاني منه. وتكمن المشكلة في غياب الأعراض الظاهرة للإصابة لدى نحو 90 % من الحالات، أمّا في حال بروز هذه الأخيرة فتتخذ شكل حبيبات شبيهة بالجدري مصحوبة بآلام حادة وحكة شديدة، وذلك في خلال أسبوع من التقاط العدوى. وفي هذا الإطار، يمنع منعاً باتاً العبث بهذه الحبيبات الصغيرة لأنها تضاعف الألم وتترك آثاراً بعد زوالها. ورغم أن النوع الأوّل من «الهربس» يصيب الفم عموماً، فيما النوع الثاني ينتشر في الأعضاء التناسلية، إلا أن هناك إمكانية مرتفعة أن تنتج إصابة الأعضاء التناسلية عن النوع الفموي بصورة أكبر.

وإذ تنحسر هذه الأعراض بعد نحو أسبوع وتختفي تماماً، إلا أن ذلك لا يعني أنّها تشفى بصورة تامّة، نظراً إلى أن هذه الفيروسات تكمن في داخل الجسم، وهي بالتالي قادرة على الانتشار مرّة أخرى!

 

هل يلازم هذا الفيروس المرء، وبالتالي هو قادر على العدوى مدى الحياة؟

ليس هناك شفاء تام من «الهربس»، لأن الفيروس يصبح كامناً داخل الجسم،  وبالتالي إن الأشخاص حاملي هذا الفيروس قادرون على التسبّب بالعدوى وبنشر الإصابة، ولكن بمعدلات متدنية. ويتخذ هذا الموضوع أهميّة لدى الأزواج الذين ينوون الإنجاب.

 

هل لهذه الالتهابات تأثير على عدم الانجاب؟

ليس هناك من علاقة أو دليل نهائي على الارتباط المباشر بين الإصابة بـ «الهربس» والعقم سوى أن تعقيدات الإصابة واشتراكاتها قد تؤثّر بشكل جزئي على مستوى الخصوبة عند الرجل والمرأة.

 

خطر على الجنين

ماذا عن حال الحامل؟ وهل من تأثير على الجنين؟

إن الإصابة الحادّة بـ «الهربس» قبيل الولادة أو في خلالها يشكّل خطراً كبيراً على المولود، ويؤدي إلى وفاته أو إصابته بأمراض صدرية وعصبية خطرة كالتهابات السحايا والدم والجلد والعيون والفم. وفي هذه الحال، يتم اللجوء غالباً إلى الولادة القيصرية لتحاشي مرور الجنين في قناة الولادة، وبالتالي حتمية اصابته بهذا الفيروس. ويستدعي هذا الأمر التأكد من خلو الحامل (في حال وجود اي شك) من الاصابة لتحديد طريقة الولادة.

 

هل من تطوّر على صعيد تشخيص هذا الداء والفحوص اللازمة؟

إلى جانب التشخيص السريري المرتكز على ظهور الأعراض في بعض الحالات، تشكّل فحوص الدم المخبرية الوسيلة الافضل للتأكد من الإصابة بـ «الهربس» عن طريق معرفة مستوى الأجسام المضادة، إلا أنّ هذه الفحوص لا تميّز بين نوعي «الهربس»، ممّا لا يسمح بالتشخيص النهائي، خصوصاً في ظلّ غياب الأعراض. ولذا، توصلت البحوث إلى تقنيّة تعمل على قياس نسبة «البروتين ج» القادرة على التمييز بين النوعين الأول والثاني، وبالتالي تقديم النصح للوقاية.

 

مضادات الفيروس والمراهم

ما هي العلاجات الفعّالة لهذه الحالة؟

تعتبر مضادات الفيروس أسّ علاج هذه الحالات، رغم أنّ فعاليتها تنحصر في الحدّ من الأعراض المتمثّلة في الألم والحكة، فضلاً عن التخفيف من مدى انتشار الفيروس في داخل الأعضاء التناسلية ومن قدرته على العدوى لدى الأشخاص الذين لا تبدو الأعراض ظاهرة لديهم أو لدى من مضى وقت طويل على اصابتهم.

ما هي المدة اللازمة لهذا العلاج؟

تعتمد مدّة العلاج على أسباب مختلفة، من بينها: توقيت الإصابة، تكرار الإصابة، حال الشريك الصحية، وجود أمراض جنسية أخرى، الحمل والولادة والرضاعة. وتتراوح مدّة العلاج بين 7 و10 أيّام.

وإذا كانت الإصابة من النوع الأول، يتمّ تناول العلاج الفموي من 3 إلى 5 مرّات يومياً، وذلك لمدّة 7 أيّام، ويصاحبه دهن الحبيبات البارزة بالمراهم المضادة لهذا الفيروس.أمّا في حال الإصابة المتكررة، فتزداد جرعة الدواء اليومية، ولكن يقتصر تناولها على مدّة تتراوح بين أسبوع وعشرة أيّام.

وفي حال الخوف من تكرار العدوى خلال وقت قليل، يوصي الطبيب المعالج بتناول جرعة قصوى من الدواء لفترة أسبوعين، مع الإشارة إلى أنّه يحظّر تناول هذا الدواء من قبل الحامل أو المرضعة، إلا إذا لاحظ الطبيب أن منافع العلاج تفوق مخاطره.