لدى وصولكم
القاهرة، لا تخشوا ألا تجدوا أحداً في استقبالكم، فـ «رمسيس» يقف بعظمة على مسافة
خمس دقائق من المطار ليقول لكم: «أهلاً بكم في مصر».
تلقّت «سيدتي» دعوة لمرافقة الوفد الصحافي الخليجي المتوجّه إلى مصر للإطّلاع على معالمها التاريخية. وبعد بلوغ مطار القاهرة الدولي، توجّهنا إلى «قلب المدينة التي لا تنام»، وراحت مصر تفتح ذراعيها مرحّبةً بضيوفها، لتطلّ بعد حوالي عشرة كيلومترات «قلعة صلاح الدين» بمهابة، شاهداً حقيقياً على ما مرّ على هذه الأرض من انتصارات وانكسارات... وكان في أحد أركانها «مسجد محمد علي» الشهير يستقبل زوّاره المقبلين إليه من كل صوب. وعلى مقربة من القلعة، لاقتنا حديقة الأزهر بأشجارها ورياحينها، ودهشنا عندما أخبرنا الدليل أن ما نراه كان في ما قبل مقبرة فاطمية نُقلت رفات من فيها إلى مناطق أخرى منذ 15 عاماً فقط، وبنيت مكانها تلك الحديقة الغنّاء التي غدت من معالم القاهرة الحديثة.
واثق الخطى
إتّجهت بنا السيارة نحو الفندق الذي يقع على ضفاف النيل، وأثناء الطريق طالعتنا مناظر المدينة الخلاّبة وشوارعها الضخمة المكتظّة بالناس والسيّارات. ومن بعيد، لاح «برج الإذاعة والتلفزيون» على مقربة من «برج القاهرة» الشهير الذي يزيد ارتفاعه عن 187 متراً، والذي يعلوه طابقان، يضمّ الأول المطعم الدائري المتحرّك، متيحاً لزوّاره مشاهدة القاهرة من حولهم. أما الطابق الثاني فيشكّل متعة للنظر، يصعد إليه الزوّار للتمتّع بمشهد «بانورامي» للمدينة القابعة تحته، مغلّفةً بطبقة رقيقة من الضباب.
وتتناثر مجموعة من الفنادق ذات النجوم الخمس في هذا المكان، وكان كل منها يشقّ طريقه علواً وكأنّه يدعو زوّار المدينة وضيوفها من على بعد لقضاء ليلة على ضفاف النيل الذي يسير واثق الخطى تاركاً بصمته في كل شبر من القاهرة، موزّعاً الفرح أينما مضى ليكسر من حدّة مشهد الباطون الممتدّ على مدّ النظر لمدينة تضمّ أكثر من 22 مليون نسمة. ومن خلاله، كانت تتحرّك القوارب الخشبية القديمة والسياحية الحديثة ذات المطاعم الراقية والمرافق الترفيهية.
عجائب الدنيا
في اليوم التالي، بدأنا نعدّ العدّة لزيارة أهم معالم مصر التاريخية وإحدى عجائب الدنيا السبع، فتوجّهنا إلى «أهرامات الجيزة». وبعد مسافةٍ بلغت حوالي ساعة في طريق تفترشها الرمال الصحراوية، بدأت الكتل الحجرية الهائلة، تطّل بهيبة العصور حاملةً في جوفها إرث الفراعنة وكنوزهم التي لا تحصى! وعندما ترجّلنا من السيارة، بدأت موجة محمّلة بالغبار والرمل والحصى الصغيرة تهبّ علينا بقوة، ممّا كان يضطرّنا للإلتفاف وحماية أعيننا ووجوهنا من هجوم مباغت.
وقفنا أمام الهرم الأكبر «خوفو»، والذي يبلغ ارتفاعه 137 متراً بقاعدة طولها 230 متراً، وأوضح الدليل السياحي "أنه قد استُخدم ما يقارب 2.5 ملايين من القطع الحجرية في بنائه والذي يعود إلى 2650 سنة قبل الميلاد». وعلى مقربة من «خوفو»، يقبع «خفرع» الذي يقاربه في الحجم و«منكاورع» الذي يبلغ ارتفاعه 62 متراً والذي ما يزال مكسوّاً بطبقة من «الغرانيت». وليس بعيداً عن «الأهرامات» الرئيسة الثلاثة، يربض «أبو الهول» الذي يحرس سكان القبور بجسده الذي يشبه جسد الأسد!
إلى
أسوان جنوباً
إنطلقت بنا الطائرة إلى المدينة الجنوبية الدافئة «أسوان» والتي يخترقها النيل كما يفعل في القاهرة، محوّلاً إيّاها إلى واحة خضراء تتضمّن آثاراً منتشرةً في كل مكان، حتى في حقول قصب السكر التي تظهر على جانبي الطريق. ولعلّ أفضل وقت لزيارة هذه المدينة هي الفترة الممتدّة بين أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) والأيّام الأخيرة من فبراير (شباط)، حيث يكون جوّها معتدلاً، علماً أنّه قد تتجاوز الحرارة فيها 50 درجة مئوية، صيفاً.
تمثّلت محطتنا الأولى في جزيرة النباتات (كتشنر) التي تضمّ النباتات والأشجار الموجودة في الدنيا، والتي تمتدّ على مدّ النظر من أماكن شتى، علماً أن لبعضها استخدامات طبّية، فيما بعضها الآخر للزينة والظلّ. وفي اليوم الثاني، بدأنا نجوب آثار المدينة، وشملت رحلتنا زيارة «المسلّة الناقصة» التي يبلغ طولها 41 متراً ووزنها 1150 طناً، وهي ما تزال موجودة في داخل أخدود في قلب الأرض حيث تمّ نحتها بالصخر، وعلى مقربة منها تمتدّ «المقبرة الفاطمية» التي ترجع للقرن التاسع الميلادي. كما زرنا «معالم فيلة» والتي تقع على بعد 8 كيلومترات جنوب أسوان، حيث تمّ تجميعها وتركيبها من جديد على مسافة قريبة من مكانها الأصلي، ولم نكن لنعرف أنها منقولة أعقاب إنشاء «السد العالي» لو لم يخبرنا الدليل، فقد كانت مركّبة بطريقة حرفية متقنة وتضمّ «معبد الحتحور» وصرحي «إيزيس» و«أوزيريس».
وحين وقفنا عند «السدّ العالي» في «أسوان» الذي يوفّر مياه الري والكهرباء لكلّ مصر والذي يبلغ حجمه حجم «الهرم الأكبر» مضاعفاً 17 مرّة، فيما كمية الصخور المستخدمة في بنائه تبلغ 43 مليون متر مكعّب، أطلّت علينا «بحيرة ناصر» و«معابد كلابشة».
أمّا محطتنا التالية، فكانت مدينة «كوم أمبو» الشهيرة التي تحمل جدرانها نقوشاً مرسومةً تمثّل معدّات طبّية وأدوات علاجية كان يستخدمها الفراعنة. وفي مدينة «أدفو»، وذلك على بعد 105 كيلومترات من «أسوان»، تعرّفنا على معالمها التي شيّدت أثناء حكم البطالمة، تمجيداً لحورس الذي يظهر على الدوام برأس صقر.
لمتابعة بقية تفاصيل الرحلة اقرأوا العدد رقم 1519 من مجلة "سيدتي"
