اصطحاب الأطفال للسينما يعزّز الإبداع ويوسع الإدراك والمعرفة

اصطحاب الأطفال للسينما يعزّز الإبداع ويوسع الإدراك والمعرفة
اصطحاب الأطفال للسينما يعزّز الإبداع ويوسع الإدراك والمعرفة

لا شكّ أن اصطحاب الأطفال إلى السينما لمشاهدة الأفلام، له فوائد كثيرة، منها توسيع الإدراك والمعرفة، زيادة قوة التفكير، الشعور بالحرية، الابتعاد عن الروتين، والانتقال إلى المشاعر الحسّية.
حول هذا الموضوع تؤكد ريتا الأسمر بريدي الاختصاصية في علم النفس العيادي الى أن مشاهدة الأفلام لها فوائد منوّعة خاصة وأنها تتضمّن رسائل خير قد يتعرّف عليها الطفل ويتمسّك بها.

 

إعداد: عفت شهاب الدين

الاختصاصية في علم النفس العيادي ريتا الأسمر بريدي

 

تحديث العقول من خلال التفاعل

تشير ريتا الأسمر بريدي (الاختصاصية في علم النفس العيادي) إلى فوائد مشاهدة الأفلام للأطفال، بأنها عديدة ومنوّعة، فهي تعتبر خياراً مثالياً لتعزيز الإبداع والتعرّف على ثقافات وحضارات ومجتمعات جديدة، بالإضافة إلى تحديث العقول من خلال التفاعل مع المشاهد والأحداث التي تدور، وهذا الأمر بلا شكّ يخلق وعياً كبيراً لدى الأطفال بشكل عام، لأنهم يتفاعلون مع قصة الفيلم وأبطاله، فكما نعلم جميعاً لكل فيلم قضية معيّنة يدور حولها، وشخصيات أدوارها إيجابية وأخرى سلبية، مع رسائل خير عديدة مهمة ومفيدة قد يتعرّف عليها الطفل ويتمسّك بها حتى يطبّقها في يومياته مع أصدقائه في المدرسة على سبيل المثال.
إن التعرّف واكتشاف ثقافات منوّعة يتضمّن تبادلاً ثقافياً، ومن خلال فيلم معيّن قد يتعرّف الأطفال على ثقافة شعب وحضارته، فتتعزّز قدرة الإبداع لديهم ويصبح خيالهم يعمل أكثر من خلال توظيف جميع الإمكانيات الفكرية، شرط أن يكون الفيلم ضمن المواصفات والشروط التي تتعلّق بالأطفال، وهنا أشدّد كثيراً على هذه النقطة. ومن المؤكد أن ذوق الأهل، وحتى الأطفال، يختلف من فيلم إلى آخر، لذلك أشير إلى أنه على الصعيد اللغوي مشاهدة أفلام السينما تساعدهم إلى حدّ كبير على الاستماع إلى لغات مختلفة، بالإضافة إلى الموسيقى والكلمات ومشاهدة الصورة مباشرة أمامهم دون حواجز وقيود، الأمر الذي يساعدهم كثيراً في تعزيز فهمهم للغة وانفتاحهم على لغات أخرى عديدة بالطبع. وكلما كان الفيلم كوميدياً كلما ساعد على ترسيخ عامل الترفيه عن النفس، لذلك أنا شخصياً أنصح دائماً بالتوجّه نحو هذا النوع من أفلام السينما للأطفال، فالكوميديا مفيدة للصغار والكبار لأنها ترسم ابتسامة على الوجوه وتتضمّن ذكاءً لا يستهان به، بالإضافة إلى أنها سينما علاجية إلى حدّ كبير. ويجب ألا ننسى أفلام الرسوم المتحرّكة المهمة جداً، لأنها هادفة، من خلال تحريك الرسوم والشخصيات.. فهي ممتعة جداً وتنقل الأطفال إلى عالم آخر من خلال المناظر الطبيعية الجميلة، كالبحر والزهور والألوان... كما أن هذه الرسوم تحرّك لديهم وظيفتي الدماغ العاطفية والإدراكية، فتخلق لديه الحشرية بمشاهدة المزيد من المناظر التي تبثّ السعادة والفرح في نفوسهم وقلوبهم.
ومن فوائد مشاهدة السينما أنها تساعد الأطفال على التعّرف إلى مشاعر إنسانية معينة مهمة في حياتهم ومستقبلهم، كالتعاطف مع الآخرين والشعور بهم ومساعدتهم، أي الإحساس بالآخر. كما أن الحزن والفرح اللذين يعيشهما الأطفال عند مشاهدة الفيلم يساهمان بالتعرّف إلى حالات وقصص إنسانية غريبة، حتى لو لم تكن تشبهنا وسائدة في مجتمعنا. لذلك أكرر بأنها تنمّي القدرات الفكرية والتحليلية وتعمل على الناحية العاطفية.
ننصحكِ بالتعرّف الى طرق كيفية تنمية حسّ المسؤولية لدى طفلكِ وفقاً لسنوات عمره.

تكوين الذاكرة طويلة المدى

يمكن أن تساعد مشاهدة الأفلام في السينما في تطوير المهارات المعرفية لدى الأطفال، مثل تكوين الذاكرة طويلة المدى، الحفاظ على التركيز، تطوير المنطق والاستدلال والعمليات البصرية والسمعية. فالأفلام تعرض العديد من مشاهد المحادثة التي يمكن أن تساعد في تعريف الأطفال بالكثير من المفردات والنطق، وتقدّم لهم قصصاً وصوراً متنوّعة تزيد من معرفتهم بالأشياء والأفكار المختلفة التي تؤدي إلى زيادة خيالهم وإبداعهم.
كما يمكن أن تكون الأفلام بمثابة مقطوعة موسيقية للأطفال تأخذهم بعيداً عن أنشطتهم اليومية، ففي بعض الأحيان يشعر الأطفال بالتعب من المدرسة، لذا فإن مشاهدة الأفلام تجعلهم يشعرون بالتحرّر من الإرهاق، فعند مشاهدة فيلم يفرز دماغ الطفل هرمونات التوتر ويستبدلها بالإندورفين الذي يجعل الحالة العاطفية أكثر سعادة. أخيراً يحتوي كل فيلم على شخصيات أدوارها إيجابية، وقصص كثيرة تنشر رسائل مختلفة مفادها أن القيام بالأشياء الإيجابية سيؤدي إلى الخير. لذلك نؤكد أن الفيلم الموجّه للأطفال هو رسالة تربوية قبل أن يكون مضموناً ترفيهياً.
لهذه الاعتبارات جميعاً يفترض في الفيلم الذي يشاهده الطفل أن يكون حاملاً لقيم اجتماعية وإنسانية سامية، كفيلة بأن تجعله قادراً على التمييز بين الأمور والحكم عليها، وألا يكون الفيلم مجالاً لإلهاء الطفل بمجرد لقطات استعراضية لا تتلاءم مع مداركه العقلية والذهنية. لذلك على هذه الأفلام أن لا تكون أداة سلبية، بل تكون مقياساً للتمييز بين السلبي والإيجابي، القبيح والجميل، النافع والضار، وهو ما من شأنه إعداد الأطفال إعداداً سليماً من جميع النواحي النفسية، العقلية، والفكرية، بالإضافة إلى تنمية مهاراتهم وقدراتهم وإشباع حاجاتهم، وصقل مواهبهم، وتشجيعهم على ممارسة حريتهم. من هنا يرسخ معنى السينما للأطفال في المشهد الثقافي والفكري، دالاً على عمل فني إبداعي موجّه لهم، سواء كان من الكرتون المعالج بطرق بالغة الحداثة، من فن الجرافيك، أو كان من الدمى المقلّدة لصور شخصيات حقيقية، أو كان فيلماً عادياً بطله طفل أو أكثر. وأخيراً، تختم ريتا الأسمر بريدي حديثها مشيرة إلى أن اصطحاب الأطفال إلى السينما أمر يفيدهم جداً، ويساعدهم على الاستمتاع وتجديد نشاطهم، وتعزيز قدراتهم وذكائهم، والاطلاع على شاشة عرض مختلفة، عدا عن تغيير الأجواء السائدة الموجودة في المنزل. مشيرة إلى أهمية أن تسمح الأسرة للطفل بالاختيار ما بين مجموعة من الأفلام المطروحة في السينما، وبعد الانتهاء من مشاهدة الفيلم، يجري العمل على محاورته حول أحداثه لفهم وجهة نظره ومعرفة مدى رضاه وإعجابه به أو العكس.
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط  السينما والأطفال