قصة مصممة من الجيل "زد" تروي حواديت مصرية من خلال الديكور  

اكسسوارات من مجموعة "مرمزي" الأولى
قطع واكسسوارات من مجموعة "مرمزي" الأولى

يجتمع الشغف والوعي بأبعاد التصميم ودوره في التنمية، في قصة مرام نظمي، المهندسة المعمارية المولودة عام 1998، والمؤسسة والرئيسة التنفيذية للعلامة التجارية "مرمزي" Maramzy. تُقدّم الأخيرة قطع ديكور منزلي مصنوعة يدويًّا في مصر، ذات تصاميم مستوحاة من حواديت مصرية، بهدف التثقيف من منظور غير معتاد من العامة.
تهوى مرام التصميم والتصنيع بيديها وتعتبر أنها محظوظة كونها مصرية لأن الثقافة والحضارة في بلدها غنيتان وملهمتان لأي مصمم أو فنان. وتؤمن أن دمج الفن بـ"البيزنس" يؤثر إيجابًا في المجتمع ويُنمّيه.
قصة مرام جديرة بأن تروى للقراء، فهي تبرز للقراء نهج الجيل "زد" أو z، في "البيزنس" لا سيما إذا كان الأخير إبداعيًّا. النهج متعدد الأبعاد، الذي يهتم بالثقافة والتنمية والبحث ويقدم صنيعًا يعبر عن حداثة ويرتبط بالجذور، مع كل ما يتضمن الأمر من إصرار وصبر وجمع بين المهارات.

مرام نظمي

هندسة العمارة

لقطة في الاستديو

قضيتِ أيّامًا طويلةً من حياتك خارج مصر، التي تشدّك كثيرًا وتلهمك. حدّثينا عن علاقتك بالمحروسة؟
نشأتي في السعودية وقضائي لما يقرب من 18 عامًا خارج مصر، سببان أعطياني رؤية فريدة حول وطني. كانت نظرتي الأولى لمصر من نافذة الطائرة الصغيرة، أثناء الهبوط، خلال عطلة الصيف. وأثناء القيادة عبر الشوارع للوصول الى بيت جدتي، كنت أتأمل المباني، متخيلة الحياة التي تدور داخلها، مُتأثرة بالأفلام المصرية، التي شاهدتها وأنا طفلة. مع ذلك، وعلى الرغم من أنني مصرية، لكن كنت أشعر بالانفصال عن الثقافة المصرية وشعبها وأنني لست ملمة بها. هذا الشعور دفعني لقرار مهم، وهو دراسة الهندسة المعمارية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة. اتخذت هذا القرار لأنني أدركت أن العمارة ليست مجرد تصميم وإنشاء مبان جميلة الشكل، بل هي تتمحور حول فهم الناس الذين يعيشون في هذه المساحات وتصميمها بصورة تعكس شخصياتهم وأنماط عيشهم. وفكرت في نفسي أن هذه طريقة رائعة للتعرف إلى المزيد عن الناس في مصر وقصصهم و قصص المباني حيث سأتجاوز مجرد رؤيتها من الطائرة.

تراث مصري

كيف نشأت فكرة إعداد تصاميم للأثاث والاكسسورات من صلب حواديت مصرية؟
في بدايات تأسيس العلامة (مرمزي)، وأثناء مرحلة دراسة السوق، تحدثت مع الكثير من الأشخاص حول الأمور التي يأخذونها في الاعتبار عند شراء قطع لتزيين مساحتهم الخاصة، وقد توصلت إلى استنتاج، مفاده أن العملاء لا يبحثون عن شراء منتجات جميلة المظهر فحسب، بل عن منتجات تحمل قصصًا تعكس هويتهم. في هذه اللحظة، قررت أن القصص التي سأحكيها من خلال المنتجات، يجب أن تعكس ثقافتنا وتراثنا الغني في مصر، لأنها جزء من هويتنا. بذا، يمكن توصيل ثقافتنا إلى جمهور أوسع، بما في ذلك الأجيال الشابة الجديدة، مما يجعل لهذا النحو دوافع تثقيفية أيضًا.

بداية الحكاية

ماذا عن مجسم رأس الغزال الذي سجل انطلاقة العلامة؟
رأس الغزال، قطعة تمتلك مكانة خاصة في قلبي، إذ تمثل بداية رحلة "مرمزي". هي ترمز إلى الصمود، والأخير جزء من شخصية العلامة، وتحمل معها روح الاستكشاف والإبداع، والاعتقاد الثابت بأنه لا يمكن لكلمة "لا" أبدًا أن تعيق حلمًا. خلال إحدى المحاضرات في الجامعة عام 2019، رأيت عن طريق الصدفة صورة لرأس غزال من ورق الأوريغامي أثارت اهتمامي، فقررت اللعب بالورق وعمل نفس الشكل. بعد الفراغ من ذلك، نظرت إلى صنيعي، وقلت في سري: لماذا لا أفكر خارج الصندوق وأصنع رأس الغزال من مادة معمرة وصلبة، حتى يمكنني بيعها للناس لتزيين مساحاتهم في ما بعد. عندئذ، تغير كل الأمور، إذ قررت اختيار مادة الحديد الصلب في التصنيع، مما دعا بالتأكيد إلى الحصول على مساعدة خارجية. لشخص مثلي قد انتقل للتو إلى مصر، كان من الصعب عليّ التنقل والذهاب إلى المناطق الصناعية والتحدث بلغة الحرفيين وباستخدام مصطلحاتهم. لكن، بدأت بالفعل. حملت رسمة رأس الغزال في حقيبتي وتجولت في حواري وورش القاهرة القديمة، بحثًا عن المساعدة. كان الأمر صعبًا للغاية، إذ تلقيت الكثير من الرفض، لكنني تمكنت من تحقيق ما أصبو إليه، في نهاية المطاف! لم يحوّل رأس الغزال الرحلة إلى منتج ملموس فحسب، بل سمح لي أيضًا برؤية القاهرة من منظور جديد، واكتشاف أماكن جديدة رائعة مختبئة والتعرف إلى الحرفيين الذين يصنعون بشغف.

ماذا عن دور الحرفيين في نتاج العلامة؟

مرام نظمي، مع أحد الحرفيين


يُمثّل الحرفيون، ركنًا من ثلاثة أركان رئيسة في "مرمزي". يقوم الحرفيون بتحويل أفكارنا إلى واقع ملموس. إنهم جزء من القصص التي نشاركها مع عملائنا. نحب التأثير على مجتمع الحرفيين، من خلال عملية التصميم التعاونية بين مصممينا والحرفيين، ونهدف إلى خلق فرص عمل مستدامة لمجتمعات الحرفيين، الأمر الذي يجعلهم يشعرون بالثقة والقيمة في صنيعهم. نحن ندفع بهم خارج منطقة راحتهم لاستكشاف إمكانيات حرفهم التقليدية، وذلك من خلال التصميمات المبتكرة ودمج المواد الجديدة كأداة تدخل لاكتشاف أبعاد جديدة للحرفة. ما نحبه في العمل مع الحرفيين هو أنها عملية تعلم ذات اتجاهين؛ نتعلم من بعضنا البعض.

"خطوط القاهرة"

مجموعة علامة مرمزي الأولى تحمل عنوان "خطوط القاهرة"

حدثينا أكثر عن قطع مجموعتك الأخيرة، لنواحي عدد القطع وماهيتها والفكرة خلفها والمواد والألوان؟
تُجسّد مجموعتنا الأولى، "خطوط القاهرة"، رؤيتنا وغرضنا والرسالة التي نسعى لنقلها والقصة التي نسعى لسردها. قطع المجموعة مستوحاة من شوارع القاهرة المزدحمة، فهي تعكس جوهر المدينة الحيوي ومتعدد الوجوه. القطع عبارة عن عناصر الإضاءة والاكسسوارات المتعددة، بالإضافة إلى أول قطعة أثاث تجريبية للعلامة - طاولة الزاوية الخشبية (المصطبة). المعادن، من نحاس وحديد و"ستاينلس ستيل"، هي من المواد الأساسية المستخدمة في تنفيذ هذه المجموعة، لأن المعادن تميز مصنوعاتنا وتعبر عن حداثة. إلى ذلك، اخترنا مواد ثانوية أخرى لتحقيق التناقض مع حدة المعادن، مثل: الجلد الطبيعي المفرغ لتمثيل نمط شوارع القاهرة وتقنية الفخار الراكو المصنوع في الفيوم، التقنية التي تنتج عنها تشققات تشبه خطوط القاهرة عند النظر إليها من الأعلى. استخدمت المعادن باللون الذهبي بشكل رئيس، حتى تبرز، فيما الباقي من اللوحة، هو الألوان الدافئة الخاصة بالجلد البني والخشب والطين.

مصباحان من مجموعة مرمزي الأولى


إلى من تتوجه القطع، في العموم؟ وماذا عن أسلوبها؟

إضاءة حائطية


إلى عملاء واعين، يسعون إلى التميز ويفكرون في مدى تأثير استهلاكهم على المجتمع والبيئة حولهم وإلى أكثر من مجرد اقتناء منتجات بل إلى قصص معنوية وتميز وغرض وراء مشترياتهم. هؤلاء، هم الركن الثاني في "مرمزي". تعكس القطع قيمهم وهويتهم وانفرادهم وتشجعهم على التفكير في كيفية صنع المنتجات والتأثير الذي تتركه في العالم وفي قصص الثقافة المصرية وتراثها، بنهج عصري يتحدث عن لغة الـتصميم الأنيقة الحالية.

قوة الفن

ماذا عن مبادرتك لتقريب الأطفال من الفن؟
في مرمزي، تتجاوز مهمتنا النماذج التقليدية للأعمال. نحن مؤمنون برؤية خلق قيمة مشتركة لثلاثة أركان أساسية في كياننا: حرفيونا الموهوبون، والعملاء الواعون، والمجتمعات المحلية التي نخدمها. ستطلق المبادرة المذكورة في السؤال، خلال وقت لاحق من العام الجاري؛ مؤمنة بقوة الفن في تحويل المجتمعات وتنميتها، لا سيما في صفوف الأطفال في المناطق الأقل حظًّا. في هذا الإطار، أنطلق من ذاتي، إذ لم يكن لديّ فرصة الوصول إلى دروس الفن في مدرستي لأن الفن كان يعتبر أنه ليس بالأهمية الكافية، مقارنة بالعلوم والرياضيات، ولولا دعم والدي أثناء تعلمي عبر الإنترنت بنفسي، لما اكتشفت شغفي بصنع الأشياء بيدي. لذلك، أعتقد أن الجميع بحاجة إلى الوصول إلى الفن لأنه سيؤثر عليهم سواء على المستوى المهني، أو التفكير الإبداعي، أو كوسيلة للتعبير عن مشاعرهم.

جمهور عالمي

ما هي مشاريعك المستقبلية، في الأشهر الباقية من هذا العام؟
هذا العام، يتمحور تركيزنا (فريق العمل وأنا) على زيادة منتجاتنا والتنويع فيها، للوصول إلى عدد أكبر من العملاء، على الصعيد المحلي، الأمر الذي سيحفز على نمو أعمال الشركة وسيساعد في زيادة تأثيرها في المجتمعات التي تحتاج للتنمية. أضيفي إلى ذلك، نفكّر في قصة وموضوع المجموعة القادمة، التي من المُقرّر إطلاقها بحلول نهاية العام الجاري. بالإضافة إلى التوسع في المنتجات، حريصون على توسيع نطاق تأثيرنا عالميًّا ومشاركة قصصنا مع جمهور عالمي. تشمل الأسواق المستهدفة: المملكة العربية السعودية والإمارات، المعروفة بتنوع سكانها، مما يسمح بالتواصل مع جمهور أوسع من مختلف أنحاء العالم.