حقاق العيد

ريم البسام
ريم البسام
ريم البسام

كما يشتهر القرقيعان كعادة رمضانية اجتماعية يحتفل بها الأطفال في منتصف شهر رمضان في بعض دول الخليج وفي المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، مع ملاحظة اتساع رقعة الاحتفال به مؤخراً في أغلب مناطق المملكة.

فهناك عادة أخرى تتعلّق باقتراب يوم العيد، تسمى بـ"الحَقَاق" أو "الطَلَب" أو "التشرّط" (شروط العيد) أو "الحْوَامة" وهو موروث شعبي قديم وأصيل في منطقة نجد، يكون عادةً قبل العيد بيوم أو يومين ويعبّر عن فرحة الأطفال بالعيد، حيث "يحوم" الأطفال في الحي ويمرّون على المنازل بملابسهم الجديدة، مرددين بعض الأهازيج، مثل:

عطوني عيدي.. وألبس جديدي

عادت عليكم.. في حالٍ زينة

جِعل الفقر ما يدخل عليكم

ولا يكسّر إيديكم ولا رجليكم

ويوزّع عليهم الأهالي ما يتوافر لديهم من الحلويات والمكسرات.

أما الشباب فكانوا ليلة العيد "يتساوقون" فيما يسمى بـ "المْساوَق" أي أن كل شخص يَسُوق ويأتي بما يقدر عليه من طعام -يكون عادةً من الأطعمة الجاهزة كالمعلبات والكليجا- ويجتمعون لتناوله في ليلة العيد في صورة من صور البهجة والاحتفال بقدوم العيد.

وهناك العديد من العادات الاجتماعية التي ارتبطت منذ القدم بالعيد وبهجته، يمكن أن نستدل على بعضها من خلال الشِّعر الشعبي والأمثال، فالشاعرة "غزية الدويش" - الملقبة بـ "طفلة" - تخاطب زوجها "خلف الفغم" وتتمنى وجوده معها في العيد ليرى زينتها من الحناء، فتقول:

لا يا "خلف" يا الفغم وين أنت عنّا

ليتك ضْحَي العيد عندي تشوفِ

خضّبت لك روس الأصابع بحنّا

ومن حشمتك خضّبت كل الكفوفِ

فتزيين الأيادي بالحناء كان من أساسيات زينة المرأة، خاصةً في المناسبات كالأعياد.

وهنا الشاعرة "بخّوت المريّة" تصف أجواء العيد وحنّاء الفتيات، بينما تتحسّر على نفسها بقضائها العيد بين الإبل:

عيّدوا بي في الخَلا والفريق معيّدين

وكل عذرا نقّشت بالخضاب كفوفها

أما بعد انتهاء صلاة العيد فكان الناس يجتمعون لأكل "العيد"، وهي وجبة طعام تكون غالباً من المأكولات الشعبية كالجريش أو المطازيز أو المرقوق أو القرصان، يُخرجها كل منزل ويجتمع الجيران من الرجال والأطفال لأكلها في الشارع "أمام منازلهم"، ويتنقّلون بين هذه الأطعمة لتذوق "عيد" كل بيت، وجاء في الأمثال الشعبية بيان بعض آداب تناول وجبة "العيد" فيقال: "جاب عيده وارتكى له"، وفيه ذم للشخص الذي يكتفي بطعامه الذي أحضره عن تناول بقية أطباق الآخرين.

ومن الأمثال التي تذكر هذه العادة: "يوم العيد، ما يبي غَدا"، أي أن يوم العيد لا يحتاج إلى وجبة غداء، حيث العادة أن يتم تناول الطعام بعد صلاة العيد مباشرة فتغنيهم عن تناول الغداء.

ونلاحظ أن عادات العيد قديماً تتّسم بالفرح والابتهاج به مع وجود صور رائعة من الترابط والتكافل الاجتماعي، فيا ليتنا نحافظ على هذه العادات ونورّثها للأجيال الجديدة حتى لا تسلبهم الحياة العصرية جمال هذه العادات.