أحزان الابنة الوحيد

أحزان الابنة الوحيد

  

سيدتي مشكلتي التي أعرضها عليك اليوم أتعبتني كثيرًا، وأخاف أن تؤثر على حياتي المستقبلية، أنا فتاة عربية مسلمة أعيش في دولة خليجية، حيث ولدت، وتربيت، وتعلمت، عشت طفولتي وحيدة أمي وأبي المتعلمين اللذين كانت المشاكل هي وجباتهما اليومية الرئيسة؛ لكنهما متفقان في حب الله، وطاعته، والتزامهما بأخلاقهما، وتكريس حياتهما لسعادتي، وتلبية رغباتي، مشاكلهما أثرت في شخصيتي كثيرًا، لكني بعدما كبرت، وفهمت أحاول جاهدة أن أقاوم، وأبني شخصيتي أمام نفسي والمجتمع حسب ما يتفق مع التعاليم الإسلامية، مشكلتي هي في  بنات عمتي اللاتي أحببتهن منذ طفولتي، وكنّ بمثابة أخواتي على اختلاف شخصياتهن، وحياتهن التي لا تنسجم مع حياتي، لكنني كنت أحترمهن، وما كنت أنتقدهن  بل اكتفي بالنصح  بهدوء، وكنت آمل أن أشدهن لطريقي، أو على الأقل أبعدهن عن الهاوية التي اخترنها بمحض إرادتهن، وجهل والدهن، لكنني صحوت على كابوس اسمه الكذب والنفاق من قبل إحداهن، وتشجيع من أخواتها، وكانت هي أقربهن لي؛ لأننا نعمل في نفس القطاع.

 حينما اكتشفت أنها شوهت سمعتي في الشركة بأنني شاذة جنسيًا كدفاع عن نفسها، وذلك بسبب المقارنات، والانتقادات التي وجهت لأخلاقها، وفي مرة اكتشف خطيبها أنها كانت تخونه، فادعت أن الشاب هو صديقي أنا، وأنني ورطتها، وبلغ الأمر أن اتصل بي خطيبها وشتمني شتائم لاذعة، وهددني بأن أبتعد عنها وإلا... وكانت بداية النهاية حيث ذهبت لمواجهتها بالحقيقة بعدما كظمت غيظي فاستقبلتني بالصراخ، والتوبيخ، وكذبة جديدة أمام أهلها هي أنني أحاول سرقة خطيبها، مع أنني كنت أدافع عن نفسي وأنفي كل الاتهامات الموجهة إلي، واتهامات كثيرة أخجل من طرحها لخدشها للحياء والدين، فوقف جميع أهلها ضدي.

أصابني الانهيار، ولم أتواصل معهن بعدها، وشكوت لأمي حقيقة ما حدث فهي الوحيدة التي تعلم بأخلاقي، وأنني لم أرتكب بحقهن أي ذنب، فكيف يكون هذا جزائي منهن بعد كل الحب الذي كان؟ كيف؟ ومع ذلك لم تكف عن التشهير بي، ولم تترك موظفًا كبيرًا ولا صغيرًا إلا وشكتني له، وهي تبكي.

 كلهم ذئاب، يأخذون منها ما يريدون، ويأتون لمكتبي؛ ليغتابوها، تعبت من مشاكلي معهم بسببها، ودفاعي الشديد عنها، وكنت أرفض أن أسمع عنها شيئًا سيئًا أو حتى أتناقش بالموضوع، فتركت العمل، انتقلت لشركة أخرى؛ حتى لا أسمع المزيد، ومع ذلك لم يسكت هاتفي من الرنين لسماع آخر تطورات سمعتي التي أصبحت كلبانة في فمها بغير وجه حق، وهي تعلم بوجود شخص يرغب في الزواج بي، كنت قد تعرفت عليه في مجال عملي، فحرصت أشد الحرص على تشويه صورتي أمامه، ولم يصدقها، فأصبحت المكالمات تتهافت عليه من رجال يتلذذون باستفزازه على أنهم على علاقة محرمة بي، ولم تكتف بهذا القدر، بل أخبرت أمي بأن خاطبي تحرش بها أكثر من مرة، فتسببت في مشاكل كبرى بينه وبين أمي، لم أحتمل كم المشاكل الهائل الذي واجهته، دخلت على أثره المستشفى، ألغيت رقم الهاتف، ومكان عملي، ولجأت لربي أكثر بالدعاء، والبكاء ليلا ونهارا لعل الحقيقة تعرف يومًا ما، فهو وحده يعلم قدر ظلمي وقهري، فهو القادر على إظهار الحق، الآن وبعد شهرين من العذاب والفضائح اعتذرت لي أمام أخواتها فقط، لكنني متألمة منهن، لم أستطع أبدًا مسامحتهن، ولا أعلم كيف أتعامل معهن، يأتين إلى منزلي يضحكن ويلعبن كأن شيئًا لم يكن، فأقابلهن بشكل رسمي، وبضغط من أمي بحجة أننا أهل ويجب أن نسامح، لكنني أنا من تضرر بغير وجه حق، لم آخذ حقي منهن؛ لأنني أنتظر عدل الله فيهن، فما عملنه بي كان قذف محصنة ظلمًا، كيف أتعامل معهن؟ ومازال ذلك الشاب مصرًا على الزواج بي رغم كل ما حدث، وأنا خائفة من أن يعايرني بهن في يوم من الأيام، علمًا بأنه على خلق ودين .فما الحل برأيك؟ وشكرًا

 

ابنتك الحزينة «س»

 

 

عزيزتي لو صدق كل ما ورد في رسالتك لي فاسمحي لي بأن أقول: إن والدتك مخطئة، من الأفضل أن يصل الإنسان رحمه، ولكن هناك وسائل لذلك دون أن يتعرض الإنسان لمثل هذا الأذى، أحسنت بتغيير مكان عملك، وأحسن خاطبك؛ لأنه لم يصدق ما أشيع عنك، ولكن ما فائدة تغيير مكان العمل إذا ظل بيتك وحياتك معرضة للهجوم؟ وإن قبلت اعتذار ابنة عمتك في حيز الأسرة فأنت تقبلين بما أصاب سمعتك من تشهير وتعريض.

إذا أصرت أمك على استقبالهن في البيت فلا أقل من أن تسلمي، وتعتذري بأنك على موعد في مكان آخر. عجلي بزواجك، وإياك أن تفتحي بيتك لهؤلاء البنات اللاتي لا يأتي من ورائهن إلا الكيد والدمار.

لا تخافي من أن يعيّرك زوجك بهن؛ لأن العشرة الحسنة والتزامك بما أمر الله حصن، فاعتبري تلك التجربة برمتها امتحانا لإيمانك، لقدرتك على تحمل المصائب. كفى أن ترددي: حسبي الله، وتكثري من الدعاء لربك أن يحميك من شر كل دابة هو آخذ بناصيتها.

أحيانا يورطنا حسن النوايا في أمور لا قبل لنا بمعالجتها. إن صدق ظني فإن الأذى الذي صوبنه نحوك كان نتيجة لتمسكك بالصواب، مما أشعرهن بأنك الأفضل، وأصبح ذلك الشعور هو الدافع الذي حركهن في اتجاه تدمير سمعتك؛ كي لا يكون هناك فرق بينك وبين أي منهن.

الألم يصهر معدن الإنسان، ويجعله أكثر قوة على تحمل البلاء. لقد تحملت وانتصرت فاشكري الله، واحذري مستقبلا. اختاري من تصاحبين بعناية.

 

 

 

المغتربة

 

سيدتي السلام عليكم... أنا فتاة في العشرين، وأسكن في السويد، أدرس الثانوية، وسأدخل الجامعة بعد سنة.

قبل فترة تكلم معي شخص عبر الفيس بوك؛ لأنه رأى أنني من نفس بلده، طلب التعرف على أهلي؛ لأنه لا يحب دخول البيوت من شبابيكها، عمره 22 سنة، ويدرس المحاماة، هو متدين ويملك عملاً. سألني عن أهلي، ودراستي، وديني، طلب رؤيتي في مكان عام قبل أن يرى أهلي، قال: إن بإمكاني أن أصطحب من أريد معي.

ما رأيك هل أتوكل على الله وأراه؟ قلبي مرتاح له لكنني بحاجة إلى نصيحة؛ لأنني أثق برأيك.

 

 

 

عزيزتي أشكرك على ثقتك برأيي. وأقول لك: إن ما طلبه منك الشاب ليس عيبًا، ولكنني أفضل أن تروي الأمر كله لوالديك كما رويتِه لي، وفي تلك الحالة يمكنك أن تصارحي الشاب بأنك أطلعت والديك على الأمر، وأن بإمكانه أن يزوركم في البيت بلا التزامات بقصد الرؤية الشرعية، والتعارف عليك، وعلى أسرتك.

كما يمكنني أن أقترح عليك أن يصحبك شخص من أسرتك إلى المكان العام الذي اقترحه الشاب للقاء، ولكنني شعرت بأن اقتراحي الأول أفضل؛ لأنه إن رآك، وعدل عن فكرة الزواج فلن تشعري بالإهانة؛ حيث إنه هو الذي جاء إلى البيت طالبًا، أما اللقاء في مكان عام فيفترض أنك جئت تعرضين نفسك تحت الطلب.

يمكن أن يكون رأيي موضة قديمة، ولكنه الأسلم.

تحياتي، وأطيب تمنياتي لك.

 

 

 

نشوز الأزواج

 

 

 

سيدتي أشكرك على اهتمامك بنصح كل من يطلب منك النصيحة. لم أتصور يومًا أن أكون إحدى هؤلاء اللاتي تجبرهن المشاكل على طلب المشورة.

أنا سيدة متزوجة، وأم لثلاثة أولاد، في الثلاثينات، ومازلت حسنة المظهر رغم كل المشاكل التي تكاد تفتك بي، مشكلتي هي أن زوجي يشتمني بأقذع الألفاظ بشكل شبه يومي، وفي حضور أولادنا، ينفجر لأقل سبب، ولا يتردد في خيانتي، ويشرب الخمر، ويهددني بالطرد من البيت، ويجهر بأنه لا يريدني في بيته ولا في حياته، وفي أحيان أخرى يتصرف بشكل طبيعي، ويدعي أنه يحبني.

نصحته بالمعروف أن يقلع عن شرب الخمر حتى في أثناء النهار، ولكنه يقول: إن ضغوط الحياة أكثر مما يحتمل، حيث إننا تعرضنا لأزمات مالية حادة. أنا أعمل بنصف دوام، ودخلي لا يكفي لكي أفتح بيتا منفصلا. وقد تركت عملي بدوام كامل من أجل أولادي الذين يبلغ أكبرهم عاما. لقد عيل صبري، ولا أعرف كيف أتعامل مع حياتي، كما أنني أخاف على أولادي أن يكبروا مشوهين نفسيًا من جراء ما يحدث في البيت. ماذا أفعل؟

الحائرة  هند

 

 

 

عزيزتي لا تتصوري أنني أستهين بما تعانين، ولكنني، ورغم ذلك، لا أنصحك بفض الشركة الزوجية، فأولادك صغار، وهم بحاجة إلى أبوين، وفي ظل ما حدث، وما يحدث حاليًا، إذا انفصلت عن والدهم فسوف تتضاعف مشاكلك ماديًا ومعنويًا؛ لأن الأولاد على أعتاب المراهقة، وإن عملت بدوام كامل لكي تضاعفي دخلك فسيكون الأولاد عرضة لسلبيات كثيرة في غياب الوالدين.

ما أنصحك به هو أن تبحثي عن عمل أفضل؛ لكي يتضاعف دخلك، ويمكنك المساهمة في تخفيف الأعباء المالية القائمة. لا تتسرعي، ابحثي بصبر؛ حتى تأتي الفرصة التي تخرجك فعلا من دائرة الضيق.

قلت: إن زوجك ينفجر لأقل سبب، لابد أنك تعرفين أسباب الانفجار فحاولي تحاشيها؛ حتى لا يهينك أمام أولادك، حاولي أن تقنعيه بأنك لست العدو الذي يهدد إحساسه بالأمان، وبأنك لو خرجت من حياته خسر كل منكما خسارة كبيرة.

لقد نصحته بالمعروف أن يقلع عن الخمر، ولم ينصت لك، كوني قدوة قدر المستطاع؛ كأن تؤدي الصلاة في وجوده، الكلام الطيب له مفعول السحر، وإن لم يجدِ فاصبري، إذا انفجر فاتركي الغرفة إلى أن تهدأ ثورة غضبه.

لم تذكري شيئًا عن أهلك وأهله، وعن حياتكما الاجتماعية، وعن الأشخاص الذين يثق برأيهم. العزلة يمكن أن تزيد المشكلة حدة، لكي ينصرك الله قومي بواجبك كاملا مهما كلفك ذلك من جهد، تأكدي أنني أنصحك بما أظن أنه يحميك مما هو أشد من شطط هذا الزوج.