البحث عن زوج!

في القديم لم نكن نعرف إلا طريقة واحدة للزواج، وهو الشكل التقليدي الذي يعتمد على الأهل والأقارب والأصدقاء، وكان هذا النوع من الزواج يضمن حياة مستقرة وسعيدة، وكنَّا نسمع نصائح الكبار بأنَّ الحبِّ يأتي بعد الزواج. ومع تطور العصر فتح المجال لبعض المنتفعين للظهور على السطح، واستغلال التكنولوجيا في عمل مواقع زواج إلكترونيَّة، وهي في الغالب مواقع مدفوعة الأجر تحقق مكاسب كثيرة، ويعتبر مؤسسوها أنَّها مبادرة اجتماعيَّة للقضاء على العنوسة، وخلق تيار اجتماعي يساعد على تغيير عادات الزواج الصعبة. وبالتأكيد فإنَّ الدخول لهذه المواقع يكون وفق شروط خاصة منها إرسال الصور الشخصيَّة للفتاة، والمواصفات، والعمر، والمؤهل العلمي، والمستوى المادي والاجتماعي، وإرسال مواصفات شريك الحياة، وبعد دفع المبلغ المحدد يتم إرسال رقم سري للدخول للموقع، ولقد تعجبت عندما أخبرتني إحدى طالبات الزواج بألم مصحوب بندم عن تجربتها مع أحد تلك المواقع فقالت:عندما يئست من الزواج بالطريقة التقليديَّة نصحتني صديقتي بالبحث عن زوج عن طريق أحد المواقع المخصصة للزواج. وقررت الاشتراك. وعندما انتهيت من الإجراءات فوجئت بعدد لا يستهان به من الرسائل التي يرغب فيها الشباب بالتواصل معي، وشعرت بأحاسيس متضاربة بين السعادة والخوف، وبما أنني ليست لديّ الخبرة الكافية في التعامل معهم استشرت مرشدتي وبكل ثقة أخبرتني بأن أتواصل مع الجميع، أخبرتها بأنَّ هذا التصرف ليس من تربيتي، ولا أخلاقي، فكل ما أطمح إليه أن أتزوج، لكنَّها أخبرتني بأن ليس كل من يتقدم يكون جادًا، فمنهم الكاذب، ومنهم من يرغب بالتسلية، ومنهم الفاشل، والمتزوج، والعجوز، وهناك غير المتكافئ علميًَّا واجتماعيًَّا وثقافيًَّا؛ لذلك لابد من التواصل معهم جميعًا؛ لأتعرف إليهم واختار الأفضل.

 

 سيدتي لن أخبرك كيف تفاجأت، وانصدمت مع واقع أليم تجاوز كل حدود الدين، والأدب، والأخلاق مقارنة بما كنت أحلم به، وأسفرت الحقيقة عن عصيان الخيال، واكتشفت أنَّ الخطأ له ناسه، وأنا غير مؤهلة له، فأوصدت أبوابي، وتآلفت مع وحدتي، وبفضل دعاء والديَّ، وحسن نيتي، وتربيتي عصمني وحماني الله من الوقوع في مثل تلك العلاقات، وبدوري أقول لا أدري من الذي زرع فيّ عقل الفتاة بألا تعيش إلا على أمل الزواج فقط، وأن تكون وظيفتها البحث عن رجل يتزوجها. على الفتاة أن تسمو بروحها، ومكانتها، وكرامتها، وتبحث عن أهداف تثري عقلها، وفكرها، وقلبها، وحياتها حتى يأتي نصيبها، فالزواج قسمة ونصيب، وقدر إلهي مكتوب وليس معنى ذلك الاستسلام، لكن عليها السعي مع الأخذ بالأسباب، وفي النهاية كما البداية بيد الله سبحانه وتعالى، أما عن بعض تلك المواقع التي تسهم في انتشار العلاقات المحرمة التي تسمح بالتعارف بالصورة والصوت تحت ستار الزواج فلابد من متابعتها ومراقبتها من الجهات المعنيَّة، وبالتأكيد قد يكون هناك البعض منها قد رغب أصحابها بالمشاركة المجتمعيَّة، والمساهمة بحسن نيَّة في حل قضايا الشباب، لكن لابد من الفتيات الحذر قبل الخوض فيها، والتأكد من أنَّها تحت مظلة شرعيَّة ورسميَّة.