"حاوي" أفضل فيلم روائي عربي في مهرجان الدوحة السينمائي


من الافتتاح إلى الختام، خمسة أيام عاشتها العاصمة القطرية مؤخراً، محتفيةً بالسينما والفنانين العرب والعالميين الذين حلّوا إلى جانب مئات الصحافيين ضيوفاً على الدوحة، للاحتفال بالدورة الثانية لـ"مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي". وفي محاولة لتطوير أعمال المهرجان الذي عرض 51 فيلماً مقابل 30 فقط العام الماضي، في ما أقيمت الاحتفالية بـ "الحي الثقافي" البديع الذي شيّد حديثاً، بمبانيه ذات الطراز العربي القديم، وهو يدشن للمرة الأولى بحدث كبير على هذا المستوى. كما حرصت إدارة المهرجان على استضافة مخرجي الأفلام المعروضة والممثلين ما جعل عدد الضيوف كبيراً للغاية ويتوقّع أن يكون قد تجاوز الألف.

 

على رأس النجوم العرب كانت يسرا وعادل إمام، كما حضرت نبيلة عبيد، ولبلبة ورجاء الجداوي، والممثلة سلمى حايك ومخرج فيلم «ميرال» جوليان شنابل، إضافة إلى روبير دي نيرو، والمخرج الجزائري رشيد بوشارب.

أرادت قطر أن يتميّز مهرجانها عن المهرجانيين السينمائيين الخليجيين في دبي وأبو ظبي، فربطته بتأسيس «مؤسسة الدوحة للأفلام» التي ترأسها ابنة أمير قطر الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني. هذه المؤسسة التي أقيم لها مبنى كبير داخل الحي الثقافي، مهمتها إقامة دورات تعليمية للراغبين في صناعة الأفلام، لاسيما المبتدئين منهم، وتمويل المشاريع السينمائية التي يتقدّم بها سينمائيون يحتاجون للدعم. وشارك أكثر من فيلم من إنتاج قطري في مهرجان هذه السنة، وحاز أحدها وهو «حاوي» (من إنتاج قطري ـ مصري) على جائزة «أفضل فيلم روائي عربي». الأمر الثاني الذي يريد مهرجان الدوحة أن يتميّز به هو أن يجعل من المهرجان السينمائي احتفالية شعبية،
لا تنحصر فعالياتها داخل الأروقة المغلقة التي يتواجد فيها الاختصاصيون. فتوزّعت عروض الأفلام على عدد من الصالات المتواجدة في المراكز التجارية الكبرى، والمسرح المفتوح الموجود داخل الحي الثقافي. وتحوّلت الدوحة إلى معرض كبير لصور مشاهير السينما التي التقطت لهم بالأسود والأبيض بعدسة الفنانة الفرنسية الموهوبة بريجيت لكومب. وانتشرت الإعلانات والصور التي التقطتها لاكومب بأحجام ضخمة ولافتة في الشوارع، على واجهات المباني، في المراكز التجارية وعلى جوانب السلالم الكهربائية، وعرضت شاشات كبيرة، وضعت في الأماكن العامة، مقاطع دعائية من الأفلام التي يتمّ عرضها، تشجيعاً للناس على مشاهدتها. ومع ذلك،
لا يبدو أن عدد المقبلين على العروض كان كبيراً بالحجم المتوقّع. وعناية من القيّمين على المهرجان بهذا الجانب الشعبي، نظّم يوم كامل خصيصاً للأسر والأطفال، حيث اختيرت الأفلام التي تعني العائلة مجتمعة، كما أقيمت ورش عمل وعروض للصغار، واستقبل فنانون متخصّصون في مجال أنشطة الصغار.


كانت ثمّة أفلام عربية وأجنبية مهمّة تستحقّ اهتمام الجمهور. فقد عرض مثلاً في اليوم الافتتاحي فيلم رشيد بوشارب المخرج الفرنسي الجزائري الأصل «خارج عن القانون» الذي يصوّر نضال الجزائريين في قلب فرنسا من أجل الحصول على استقلال بلادهم منذ العام 1945 وحتى 1962. وهو الفيلم الذي أثار احتجاجاً في فرنسا، وطالب البعض بمنع عرضه لأنه يسيء، في رأيهم، لفرنسا ويقدّمها بصورة عنيفة وعدائية، أثناء قمعها الثورة الجزائرية. كما عرض في الختام الفيلم الإنجليزي «طالب الصف الأول» الذي يعرض حكاية عجوز كيني أميّ، يجاهد من أجل دخول الصف الأول، ويجلس إلى جانب الأطفال الصغار ليتعلّم فكّ الحرف. ورغم أن قريته في غالبيتها تقف ضد رغبته هذه خائفة على أطفالها من العجوز إلا أن الرجل لا يتراجع أو يهادن حتى يصل إلى رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء لإسماع صوته، معتبراً أنه ضحّى بحياة زوجته وأولاده، وعمره كله من أجل طرد الاستعمار البريطاني، في ما لا يسمح له حتى بتعلّم القراءة. فيلم إنجليزي مؤثّر للمخرج جاستن تشادويك، سيناريو آن بيكوك.


لجنة التحكيم

ترأست لجنة التحكيم الفنانة يسرا أما الأعضاء فهم الفنانة سلمى حايك، والممثل والمخرج البريطاني نك موران، والمخرج الهندي بهافنا تلوار، والمخرج وكاتب السيناريو البوسني دانيس تانوفيتش.

انتظر كثيرون حفل الختام لمعرفة الأفلام الفائزة، وأيضاً لحضور تكريم الفنان عادل إمام الذي كان متواجداً منذ حفل الافتتاح وتمنّع عن إعطاء أي حديث صحافي. لكن التكريم جاء قصيراً، واقتصر على شهادات من يسرا ولبلبة ورجاء الجداوي، الفنانات اللواتي لهنّ تجربة فنية طويلة مع عادل إمام، ومن ثم عرض فيلم عن مشواره الفني المستمر منذ أربعين سنة. عادل إمام تعمّد الطرافة، وتحدّث بالعربية رغم أن كل كلمات الحفل كانت بالإنجليزية. وقال في نهاية كلمته ممازحاً أنه يريد أن يتعشّى، بعد أن أصابه الجوع وطالت الخطابات.

أراد المنظّمون أن يجعلوا من يوم الختام عيداً لكل الحاضرين وللشعب القطري عموماً والجاليات العربية المتواجدة في قطر، فأقيم بعد توزيع الجوائز حفل للمطرب راغب علامة في «المسرح المفتوح» مجاناً لمن يرغب شرط الحصول على بطاقة مسبقاً. وبما أن كثيرين لم يعلموا بالأمر حتى اللحظة الأخيرة، بقي أكثر من ربع المدرّجات فارغاً. غنّى علامة من قديمه إضافة إلى أغنية يؤديها للمرة الأولى من ألبومه الجديد. كما أقيم حفلان آخران تكريماً لضيوف المهرجان.


وتواجد الممثل روبير دي نيرو في المهرجان، على رأس المنظّمين. فهو أحد المؤسسين الأساسيين لمهرجان «ترايبكا» في نيويورك الذي أبصر النور بعد أحداث 11 سبتمبر.


قصة "ميرال" و"حاوي"


من الأفلام التي لاقت اهتماماً كبيراً في المهرجان «ميرال» الذي يحكي قصة عذاب فلسطينيي 48 من خلال حكاية اجتماعية مؤثرة. الفيلم أخرجه جوليان شنابل، بطولة ياسمين المصري، وقصة الفلسطينية المعروفة التي باتت إعلامية ذائعة الصيت في إيطاليا رولا جبريل.

 

للمرة الأولى هذه السنة، تنافست عشرة أفلام عربية على جائزة أفضل فيلم عربي روائي ليفوز في نهاية المهرجان فيلم «حاوي» إخراج وسيناريو ابراهيم البطوط، (إنتاج مصري ـ قطري). وهو يحكي قصة سجين يطلق سراحه لاستعادة مجموعة من الوثائق الهامة. ونرى في الفيلم رجلاً عجوزاً يجرّ وراءه حصانه المريض في شوارع الإسكندرية؛ ومجموعة من كتّاب الأغاني يجمعهم طموحهم لتأليف الأغاني. فيلم ينتمي إلى سينما الواقع، مشاهده بطيئة، عن مدينة الإسكندرية اليوم، ووضعها المترديّ. ونال الفيلم اللبناني «تيتا ألف مرة» للمخرج محمود قعبور جائزة «أفضل فيلم وثائقي». وفيلم العجوز الكيني «طالب الصف الأول» «جائزة الجمهور» عن أفضل فيلم روائي، والفيلم السوري «خبرني يا طير» جائزة «أفضل الأفلام العربية القصيرة».

 

كواليس


شاب التنظيم الكثير من الثغرات وخاصة في ما يتعلق بترتيبات حركة الصحافيين الذين توجّب عليهم الحصول على تذكرة لكل نشاط دون أي اعتبار للبطاقات الصحافية التي وزّعت عليهم.

لم يصعد إلى المسرح لتكريم عادل إمام أيّ مسؤول عن المهرجان، واقتصر تكريمه على شهادات من يسرا ولبلبة ورجاء الجداوي، ما أثار الكثير من الانتقادات.

لم يقتنع كثيرون بجدارة الفيلم المصري الفائز «حاوي» عن فئة أفضل فيلم عربي روائي بسبب وجود أفلام أفضل منه بكثير، واتّهمت يسرا رئيسة لجنة التحكيم بضغطها على اللجنة، لكنها كذّبت الخبر.

أصيب الصحافيون بخيبة أمل لعدم تمكّنهم من إجراء حوارات مع النجوم العرب المتواجدين، علماً بأن مهمّة تحديد المواعيد كانت من اختصاص القيّمين على المهرجان الذين لم يتمكّنوا من تلبية الطلبات.

تأبّط عادل إمام ذراع نبيلة عبيد ومشى على السجادة الحمراء يومي الافتتاح والختام، ولم يكن لنبيلة عبيد أي نشاط آخر في المهرجان، كما لم تدلِ بأي شهادة فيه على المسرح.