فشل حفلة محمدة عبده في مهرجان "جدة غير" بسبب هروب المتعهد بالأموال

«ليالي العيد تبان من عصاريها» هذه المقولة التي نردّدها في السعودية قبل عيد الفطر بيومين، إنطبقت تماماً على حفل الفنان محمد عبده الذي أُقيم أمس في القاعة المغلقة في ستاد الأمير عبد الله الفيصل في جدة ضمن فعاليات مهرجان «جدة غير». فمنذ وصولنا إلى الموقع أيقنّا بأن الحفلة ستكون فاشلة. وكان مصدر هذا اليقين سوء التنظيم وسوء التعامل مع الإعلاميين. كل التفاصيل في التقرير التالي: 

 

 

 

كانت «سيدتي» قد وصلت تمام الساعة التاسعة والربع مساءً. وعند البوّابة، فوجئنا بأحد رجال الأمن يقول: «ممنوع دخول الإعلاميين». فما كان من «سيدتي» إلا الإتصال بسعود سالم بصفته متعهّد الحفلين الغنائيين لنستعلم منه سبب المنع، وإذا به يطلب خمس دقائق ليردّ علينا. وفي اللحظة نفسها، خرج من القاعة د. محمد العضاضي (مشرف عام المهرجان) الذي بادر بالترحيب بـ «سيدتي»، ولمّا أخبرناه بقرار المنع، إستغرب وطلب من رجال الأمن السماح للإعلاميين الذين يحملون بطاقات الحفل.

 

نفاد التذاكر

أثناء التوجّه من مواقف السيارات إلى القاعة، كنّا نمرّ ببعض الأشخاص الذين يعرضون بيع التذاكر في السوق السوداء، بسعر ألفي ريال للدرجة الأولى وثمنها الأصلي 1300 ريال، و1500 ريال للدرجة الثانية وسعرها الأصلي 700 ريال، و500 ريال للمدرّج (الدور الثاني) وسعرها الأصلي 150 ريالاً، وكانت الأخبار تفيد بنفاد التذاكر. وعندما دلفنا إلى القاعة، كانت كراسي الصالة شبه مكتملة.

عند الساعة العاشرة، وهو الوقت المقرّر لصعود الفنان محمد عبده خشبة المسرح، بلغ حضور المدرّجات حوالي الألفي شخص، وبدأت الفرقة تجربة الأجهزة من خلال عزف موسيقى أغنية «العروس»، فاعتقد الجمهور أن الفنان محمد عبده قد وصل. فارتفعت الأصوات مردّدة إسمه، لكن أحد المقرّبين من الفنان محمد عبده أسرّ لنا بأن الفنان محمد عبده لا زال في بيته، وسيبدأ الغناء عند منتصف الليل. وقد علمنا أن الإتّفاق المسبق، كان يفترض أن تبدأ الحفلة عند الساعة 11 ليلاً، وأن المتعهّد لم يكن صادقاً مع الجمهور عندما أعلن أن الحفل سيبدأ عند الساعة العاشرة.

 

حديث سرّي

عند الساعة الثانية عشرة إلا خمس عشرة دقيقة، كانت «سيدتي» في استقبال الفنان محمد عبده وهو يغادر سيارته بصحبة صديقه الدكتور ياسر سلامة، وكان بادياً على الفنان محمد عبده التوتر. وبعد أن دخل غرفته والتقط الصور مع الحضور، سأل عن المتعهّد سعود سالم، ودار بينهما حديث سرّي علمنا منه في ما بعد، أن ثمة خلافاً بينه وبين المتعهّد بسبب عدم دفع المتعهّد أجر الفرقة الموسيقية القادمة من مصر، والتي وصلت عند الساعة السابعة والنصف مساءً بطائرة خاصة وتوجّهوا فوراً من المطار إلى ستاد جدة. وأخبرنا الفنان محمد عبده أنه اتّفق مع سعود سالم على أن يدفع للفرقة أجرها في الإستراحة بعد وصلته الغنائية الأولى. وفي طريقه إلى المسرح، سألناه عن اللغط الذي حصل حول إلغاء الحفلات الغنائية في مهرجان «جدة غير» فقال: «جدة غير بلا حفلات مثل الطعام بلا ملح».



فنان العرب مع الزميل وحيد جميل

محمد عبده مخاطباً الجمهور

عند الساعة الثانية عشرة وعشر دقائق، كان قائد الفرقة الموسيقية د. عماد عاشور في انتظار صعود الفنان محمد عبده، وما أن قدّمه المذيع سعد زهير حتى تعالت الأصوات بالهتاف والترحيب. ومع بداية عزف الفرقة للأغنية الأولى «الهوى الغايب» من كلمات الأمير خالد الفيصل، بانت رداءة الهندسة الصوتية، ليمازح الفنان محمد عبده الحضور مخاطباً مهندس الصوت بالقول: «الجمهور «حيضربك». واستمرّت رداءة الصوت طوال الأغنيات الأربع الأولى.

«العروس» وهي أغنية خاصة بمدينة جدة و«بحر العيون» وهما من كلمات الأمير بدر بن عبد المحسن، و«الله عليها عودت» كلمات الأمير خالد الفيصل، و«اختلفنا» كلمات أسير الشوق، و«إلى من يهمها أمري» كلمات الأمير بدر بن عبد المحسن، وختم وصلته الأولى بأغنيتي «وحشني زمانك» كلمات ثريا قابل، و«على البال» كلمات أسير الشوق. ثم أخبر الحضور بأنه سيستريح عشر دقائق ثم يعود ليتواصل معهم غناءً وطرباً.

 

«سيدتي» تحاور محمد عبده

جلس الفنان محمد عبده خلف المسرح مباشرة ليستريح قليلاً، وجلست «سيدتي» بجانبه، وطالت العشر دقائق إلى 45 دقيقة، وكان كل بضع دقائق يسأل عن المتعهّد سعود سالم، الذي اختفى تماماً، وفجأة استأذن وتوجّه إلى المقصورة الخاصة به، وطلب عدم إدخال أي شخص إلى غرفته. وارتفعت صيحات بعض أفراد الجمهور إعتراضاً على التأخير. وبعد حوالي ربع ساعة، طلب «فنان العرب» من «سيدتي» إحضار جميع الصحافيين من الصالة ليتحدّث إليهم عمّا حصل، ولماذا تمّ إلغاء الوصلة الثانية وإنهاء الحفلة.

وبادرته «سيدتي» بالسؤال:  ما الذي حدث بالضبط؟

السبب هو المتعهّد سعود سالم. أنا جالس في الكواليس أنتظر صعود الفرقة إلى المسرح، وإذا لم تصعد فكيف سأغنّي؟!

لكن الجمهور جاء لمحمد عبده وليس للمتعهّد، وهذا أمر في يدك. ما الحلّ؟

محمد عبده موجود، وللأسف الشديد أن لجنة المهرجان لم تختر المتعهّد المناسب لإدارة الحفل.

لكن العام الفائت فشلت حفلة في جدة والسبب المتعهّد نفسه. ألم تتعلّم الدرس؟

لقد حرصت على إنجاح حفلات مهرجان جدة. وجئت من القاهرة وجاملته، وفعلت المستحيل لإنجاح الحفل. وقد أحضرت الفرقة الموسيقية من القاهرة بطائرة خاصة، ولم نحمّله قيمة التذاكر، علماً أن المتعهّد استلم هو وشركة «آرا» المنظّمة للمهرجان، من الرعاة مبلغاً وقدره ثمانمائة ألف ريال عن حفلتي فقط، غير ثمن التذاكر التي قد تصل إلى نصف مليون ريال، والآن لا يريد المتعهّد أن يدفع أجور الفرقة الموسيقية. لقد فرحت عندما علمت بإقامة حفلات في مهرجان جدة، فقد كنت خائفاً أن تنقطع الحفلات الغنائية من المهرجانات في السعودية، ولذلك قبلت. أنا أدّيت نصف الحفل وغنيّت ثماني أغنيات، وكان الجمهور سعيداً ومتجاوباً رغم رداءة الصوت، لكن ماذا أفعل؟ المعروف أن الفرقة الموسيقية لا تصعد إلى المسرح إلاّ بعد حصولها على أجرها، وقد طلبت من الفرقة الصعود ووعدتهم، بناء على كلام سعود سالم، أن يدفع لهم في الإستراحة، والآن «شَرَد» (هرب).




خوفك على مهرجان جدة أوقعك في هذه الورطة، لكنك بثماني أغنيات لم تشبع جمهورك.

(مقاطعاً) نعم، الجمهور متعطّش وجالس على نار. ومن حقه أن يستمتع وأن أشبعه غناءً وطرباً.

أتصوّر أن المطلوب الآن هو أن تصعد إلى المسرح وتشرح للجمهور ما حصل؟

المشكلة بين قائد الفرقة والمتعهّد، وعلى د. عماد أن يصعد إلى المسرح ويخبرهم بما حصل.

ثم وجّه كلامه إلى د. عماد. وطلب منه التوجّه إلى المسرح وأن يوضح الأمر بكل صراحة، ويخبرهم أن إسم المتعهّد هو سعود سالم. وبالفعل توجّه د. عماد إلى المسرح، وما إن أعلن عن إلغاء الحفل بسبب عدم دفع المتعهّد أجورهم حتى تعالت الأصوات بكلمة « حرامي». ثم نزل الجمهور بأكمله من القاعة في الطابق الثاني، (أكثر من ألفي شخص)، إلى الغرفة التي كان يختبئ بها المتعهّد وراحوا يضربون على الزجاج ويشتمونه. وقد استطاع رجال الأمن التدخّل لإبعادهم عن غرفته ليخرج من باب آخر ويختفي تماماً.

ثم عاد الفنان محمد عبده للحديث فقال: «أنا والجمهور ظُلِمنا في هذه الحفلة، فأنا موجود في الكواليس وقلبي مع الجمهور. وهناك مشكلة أخرى لا تقلّ أهمية، وهي رداءة الصوت والتنظيم، وهذا يؤثّر سلباً عليّ وعلى الفرقة والجمهور. على متعهّد الحفلات إدراك ماهية الحفلات وتنظيمها، وليس أن يقبض مال الناس و«يفرك» (أي يهرب). المفروض أن يعرف المتعهّد كيف يدير الحفلات، وذلك من حيث المسرح والإضاءة والصوت وتأشيرات الدخول والسكن... «كويس إن المسرح ما طاح فينا» (جيد أن المسرح لم يقع بنا). فعدد الموسيقيين في حدود الخمسين، وهو لا يستوعب أكثر من عشرين موسيقياً.

هل تؤيّد من يقول إن أنجح الحفلات الغنائية في جدة هي التي نظّمها المتعهّد خالد ناقرو؟

خالد ناقرو يخاف على سمعته وعلى الحفلات الغنائية، ولم يحدث أن اشتكى منه أحد، ولا يعرف اللف والدوران. وأعود وأقول: المفروض أن يوضع هذا المتعهّد في القائمة السوداء ويمنع من تنظيم أي حفلات غنائية. فما حصل هو سوء نيّة وطمع ولا مبالاة.

 


الجمهور يسأل عمّا حصل؟

رسالة هاتفية من محمد عبده

غادرت «سيدتي» المقصورة عند الساعة الرابعة والنصف فجراً، بينما غادر الفنان محمد عبده مقصورته بعد حوالي الساعة، لكننا عند الساعة الثامنة والربع صباحاً، تلقّينا رسالة من هاتفه الجوّال هذا نصّها: «سوف أقوم إن شاء الله تعالى بإحياء حفل بمناسبة عيد الفطر المبارك، وسوف نهيّئ له كل الإمكانيات الهندسية والفنية وأحدث التقنيات الحديثة ونقدّم الجديد ونجدّد القديم الجميل، ممّا يتشوّق إليه محبّو الغناء والطرب إرضاءً لما لحق بهم في حفل الصيف من سوء تنظيم وإدارة».