بين الخليج والشام والمغرب.. هويات شرقيّة متعدّدة للمجالس

الطراز الشرقي في الديكور، مفهوم واسع يُعبّر عن جغرافيا منوّعة، وعن تاريخ طويل مُميّز بأعمال الحرفيين والفنيين، الذين يدفعون بالناظر إلى صنيعهم إلى الدهشة لدقّته وجاذبيّته.. فالمجلس الشرقي، على سبيل المثال لا الحصر، متغيّر في الصفات، سواء كان عائداً لمنزل يقع في زاوية من بلاد الشام أو في الخليج أو في زنقة بالمغرب المعربي. فما هي هذه الاختلافات، لناحية المواد المستخدمة، والخطوط الرئيسية؟
سؤال حملته "سيدتي" إلى المهندس كميل طرزي، الذي ينتمي إلى الجيل الخامس من "ميزون طرزي" Maison Tarazi العائدة إلى عام 1862، والمعروفة بإنتاج القطع الفنّية، والديكورات وفق الأسلوب الشرقي.

الطراز الشرقي في الديكور

يتمثّل الرابط بين النسخ الخليجيّة والشاميّة والمغربيّة من الطراز الشرقي، حسب الخبير طرزي، في: استخدام النقوش الهندسيّة والنباتيّة، ورسوم الحيوانات في بعض الأحيان، من دون تصوير البشر على الدوام. أمّا الاختلافات بين المجالس الشرقيّة، في سوريا والمغرب العربي والخليج فواضح تماماً في النقاط الآتية، حسب الخبير:

• الأعمال الخشبية المنفّذة في المغرب غنيّة لناحية طلائها بألوان مشرقة، والتزويق بالأنماط الهندسية، والنحت، بالتناوب مع الزليج (الفسيفساء المغربيّة) والجصّ المنحوت.
• الأعمال الخشبية المنفّذة في سوريا مصبوغة بألوان الأرض، وتبدو أكثر قتامةً، مقارنةً بألوان المغرب العربي، وتبرز لناحية الجص الذي يتخلّلها. وهي تتميّز بحضور الحجر الأبلق المنحوت والملوّن في بعض الأحيان، أو بتطعيم الخشب بالرخام ذي المقاسات المختلفة تماماً عن الزليج. تظهر المشربيات في الخشب المخروط بأشكال هندسيّة أو المثقّب، وتمثّل جزءاً من هذا الأسلوب الداخلي.
• الأعمال الخشبية المنفّذة في الخليج تبدو أكثر كمالاً، و"معمارية"؛ فالخشب منحوت، ومطلي بقليل من الطلاء أو من دونه. تبدو هذه الأعمال الخشبية في الأسقف والكوّات التي توضع المصابيح فيها. أمّا الجدران فتطلى بطلاء أبيض اللون، وتتخلّلها الأفاريز الزخرفية المنحوتة أو الجصية.

تجديدات...

سؤال الخبير طرزي عن التطورّات والتجديدات التي عرفها الأثاث الشرقي، مع دخوله الشقق العصرية، يجيب عنه، مستذكراً أربعينيّات وخمسينيّات القرن الماضي، حين كان جدّه إميل جورج طرزي من السبّاقين إلى "تكييف" الأعمال الخشبية الشرقية في الشقق والمساحات المعاصرة، بخاصّة مع بيع المالكين السوريين المتمثلين في العائلات الكبيرة منازلهم التقليدية، والبحث عن شقق أكثر راحةً وعمليّةً. لذا، تمّ تفكيك الأعمال الخشبية القديمة وبيعها إلى جامعين أوروبيين أو لبنانيين... أمّا راهناً، فإن مهندسي العمارة والمصمّمين يتفنّنون في جعل الطراز الشرقي يتآلف مع طرز المنازل المختلفة، وذلك بصورة مبتكرة، مع الدمج بين الأساليب في الديكور والألوان والنسب والمواد.
 

خصائص...

في غياب الأعمال الخشبيّة الزخرفيّة عن الجدران والسقف، فإن الإكسسوارات المنزليّة الغنية تقدّم لمسات شرقيّة إلى المنزل المعاصر، بخاصّة أن مهندسي العمارة والمصمّمين كانوا وفّروا مواد وأساليب مختلفة في صنعها، الأمر الذي وسّع نطاق الأفكار. في هذا الإطار، يقول طرزي إنّه "يمكن لوحدة إنارة مصممّة من النحاس والزجاج أن تتحدّث لغةً شرقيّةً في المساحة، مهما كان أسلوب الأخيرة؛ منقّح أو غني، معاصر أو حديث".

لناحية الأثاث في الأسلوب الشرقي المحدّث، فقد يحضر عن طريق عمل مشغول بالخشب أو طلاء زخرفي، تماماً مثل إطارات الأبواب أو النوافذ. في هذا الإطار، قد تبدو مشربية في شقّة عصريّة أو يحفر على خشب الأثاث أو يطعمّ الأخير بالصدف أو يثقّب بالنحاس...

الإكسسورات المنزليّة

الإكسسوارات سهلة التكيّف في المساحة الداخليّة، مهما كانت الميزانيّات والأساليب... علماً أن الإكسسوارات القديمة قد ترجع إلى القرن التاسع عشر أو العشرين، مع إعادة تأهيلها حسب الأذواق المعاصرة، إمّا عن طريق تغيير النسيج أو صباغ الخشب، أو عن طريق دمج الخشب بمجموعة معاصرة.

• الصور من Maison Tarazi