غوغل يحتفل بالملحنة السودانية أسماء حمزة

في الوقت الذي لم يكن يُعترف فيه بعمل المرأة عامة ولم يكن من المقبول اجتماعيا تواجدها بأيٍ من مجالات الموسيقى والفنون عامة، استطاعت العازفة والملحنة السودانية أسماء حمزة أن تشق طريقها الإبداعي الصعب وسط تابوهات صخور الرفض الاجتماعي الصلبة، وأن تعزف نغمات تميزها على أوتار شائكة من عادات وتقاليد متعنتة وقفت حجر عثرة بطريق نجاحها، فتخطتها ونجحت وأبدعت وحفرت اسمها بحروف من نور في قاموس عظماء الموسيقى بالعالم العربي وبأفريقيا..

• موهبة يدعمها الوالد منذ البداية


وفقًا لموقع timesofindia.indiatimes.com، فقد ولدت أسماء حمزة بشير نصر 11 ديسمبر عام 1932. في حلفاية الملوك في السودان وكانت وحيدة والديها، وقد أحببت الموسيقى أثناء نشأتها وحلمت بأن تصبح مغنية في يوم من الأيام، وعلى الرغم من رغبتها في أن تصبح مغنية، إلا أنها لم تكن مجهزة تجهيزًا جيدًا، فأحبالها الصوتية لم تكن مهيئة للغناء، فكانت تعمد إلى الصفير والدندنة، بدلًا من الغناء.
عندما سمع والدها صافرتها ومدي تناغمها ومقدرتها على إخراج اللحن بدقة أدرك موهبتها ومهارتها وقرر أن يدعمها، فاستعار أداة موسيقية تشبه العود ولكن برقبة أنحف، حتى تتمكن أسماء من التدرب، وقد شجع والدها مسيرتها الموسيقية منذ البداية، على أنه كان واحداً من القلائل الداعمين بتلك المرحلة في ذلك الوقت، فلم يكن مقبولًا اجتماعيًا للمرأة أن تعزف أو تلحن الموسيقى في السودان. مما اضطر أسماء لتأليف مقطوعاتها قي بداياتها الأولى في الخفاء.
لطالما علمت الصغيرة نفسها كيف تعزف الأغاني التي تسمعها على العود، من أعماق ذاكرتها وعبر أذنها الموسيقية، فأخرجت أبدع الألحان بمنتهى الدقة، وقد تأثرت بكبار الفنانين من مصر مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب في بداية انطلاقها كملحنة، وقد ظهرت موهبتها الكبيرة في العزف على آلة العود.

• أول عازفة عود مدربة رسميًا

تُعد أسماء من أوائل النساء اللواتي اقتحمن مجال الموسيقى والعزف والتلحين، ومع تقدمها في السن، زاد اتقانها بالعزف على العود وتفردها، وواصلت صقل مهاراتها في العود وأصبحت من أوائل عازفات العود المدربات رسميًا في عام 1946.
قامت العازفة والملحنة السودانية بتأليف عشرات الألحان للعديد من الفنانين العرب الموهوبين، وجمعت بين العزف والتلحين، وكان أول عمل لها في مجال التلحين هي أغنية "يا عيوني" من ديوان الملاح التائه للشاعر المصري علي محمود طه في عام 1956، ثم بدأت شهرتها الحقيقية في الظهور مع تأليف أغنية "الوقت المناسب" للشاعر السوداني سيف الدين الدسوقي، وبدأت العمل في سلاح الموسيقى السودانية عام 1982، وأول عمل اشتهرت به كملحنة أغنية "الزمن الطيب" للشاعر السوداني سيف الدين الدسوقي وقامت بغنائها المطربة السودانية سمية وتلحينها لملحمة عَزة وعِزة، وقد تتلمذ على يديها الموسيقار السوداني الشهير بشير عباس.

• غوغل يحتفي بالموهبة الموسيقية السودانية الاستثنائية

واليوم يحتفي محرك البحث الشهير غوغل بموهبة هذه الموسيقية السودانية الإستثنائية، حيث تحتفي رسومات الشعار المبتكرة #GoogleDoodles بالعازفة والملحنة السودانية أسماء حمزة من خلال وسم صفحته الرئيسية برسم للعازفة والملحنة السودانية وهي بالزي السوداني التقليدي، تداعب أوتار عودها الأبنوسي، وممسكة بنوتتها الموسيقية حيث تخط ألحانها بإبداعها المعروف، ففي مثل هذا اليوم من عام1997، كانت أسماء من بين الفائزين في مسابقة ليلة القدر الكبرى للموسيقى في السودان. وقد كان هذا الفوز نقطة تحول في حياتها المهنية وساعدها في الحصول على الاعتراف بها كموسيقية مبدعة في مجال ظل الذكور يسيطرون عليه لفترات طويلة.
وفقًا لموقع GoogleDoodles، فمع تقدمها في السن، بلغت أسماء مكانة موسيقية كبيرة واستطاعت بجدها وكفاحها وإبداعها ان تجد لنفسها موطئ قدم في عالم الموسيقيين العرب العظام، "كان هذا الفوز نقطة تحول في حياتها المهنية وساعدها في الحصول على اعتراف في مجال يسيطر عليه الذكور".
توفيت حمزة عام 2018 عن عمر يناهز 82 عامًا، وبالنهاية شكر موقع رسومات الشعار المبتكرة الملحنة السودانية المبدعة "شكراً لمشاركتك مهاراتك الموسيقية والعمل نحو عالم أكثر مساواة للمرأة، أسماء حمزة!"