"شبح السرطان" يطارد عائلة سعودية

5 صور

تخضع عائلة سعودية لفحص دوري كل ستة أشهر كإجراء احترازي لكشف الأورام؛ نتيجة تاريخ العائلة المليء بمرض السرطان بعد أن غيب الموت ابنتهم «أزهار».

«سيِّدتي» التقت العائلة؛ الزوج والأقارب، الذين تحدثوا عن معاناتهم مع هذا المرض، وأظهروا مخاوفهم من أن يتمكن منهم ويلاقوا المصير نفسه، والتفاصيل في هذا التحقيق..
بالحديث مع بعض أفراد عائلة «أزهار. م»، يحكي زوج المرحومة، «موظف في قطاع خاص»، والحزن يغلّف وجهه: زوجتي «أزهار.م» شابة في مقتبل العمر، وتبلغ 27 عاماً، عشنا حياة هانئة سعيدة، ومشكلتها بدأت من وزنها؛ حيث كان 145 كيلوغراماً يتذبذب بين الصعود والهبوط إلى 80 كيلو غراماً، وعائلتها تشهد إصابة أغلب أفرادها بالسمنة المفرطة غير المرضية؛ بسبب عاداتهم الخاطئة في الأكل، كما أن تجاربها المستمرة في الحميات غير المناسبة، ومن دون استشارة المختصين في مجال الصحة والتغذية، أدت إلى قابلية جسمها للتغير اليومي.


صابرة محتسبة مع المرض
وأضاف: «عندما تمكّن المرض من زوجتي، ذهبت بها إلى المستشفى، وأخبرنا الطبيب في البداية بأن زوجتي تعاني من أكياس ماء على جدار المعدة، ما أدى إلى انتفاخ بطنها وكبر حجمه، حتى إن من يراها يعتقد أنها حامل، وقد أثبتت الفحوصات إصابتها بسرطان المعدة، وعندما أخبرني الطبيب بإصابة زوجتي بمرض السرطان صُدمت، ولم أصدق، وما كان عليَّ إلا أن أحتويها نفسياً، وكان لزاماً عليَّ أن أكون أباً وأماً في آن واحد لثلاثة أطفال، كما أن مرض زوجتي أفجعني وحرمني راحة البال والاستقرار، بينما كانت زوجتي صابرة محتسبة ومتفائلة، وكلما يئست أرى صبر أزهار، فأتعلم منها القوة والصمود، واستمرت في العلاج -رحمها الله- بمستشفى الملك فهد التخصصي لمدة عامين دون جدوى، حتى جاءت ساعة الصفر، وسرقها منا الموت دون عودة، وهي في أجمل أيام عمرها، ونزل علينا الخبر كالصاعقة».

وأردف محمد: «ابني عبد الله الذي يبلغ حالياً 8 أعوام ينام دائماً على سرير والدته، وعندما أسأله يقول لي: «أحب النوم على سرير أمي، خاصة حين أتضايق».

السرطان يعني الموت
أما أختها «هنية. م»، 19 عاماً، فقد سبقت الدموع كلماتها، وهي تقول: «عام ونصف وأبنائي لا يزالون ينتظرون أختي أزهار كل يوم كما تعودنا، فقد كانت لي الأم الحنون والعون والسند بعد رحيل والدتي؛ بسبب المرض القاتل أيضاً».
وتابعت: «إن هذا المرض حصد من أهلي الكثير، فكم من شاب وشابة نرى آثارهم ولا نراهم بسببه، فبالأمس أمي وأختي وأقارب لنا ماتوا بالأسباب نفسها، وأتوجس كل يوم أن يصاب أحد أحبه بالمرض نفسه».
وأضافت: «عندما أخبرني الطبيب أيضاً بأنني مصابة بسرطان الثدي صدمت كثيراً، ولكنني لم أستغرب إصابتي به مع أخواتي، ولله الحمد فهو في بدايته، وتمت السيطرة عليه، لكنه تحوّل إلى كابوس، ولا نزال في حالة من عدم التصديق والقلق والتوتر، فالسرطان هو الموت، ويندرج السؤال: «هل سأموت؟!».


وعما إذا كانت السمنة في العائلة هي السبب في ذلك، أكدت أخت أزهار «سبيكة.م»، 17 عاماً، أن السمنة سبب رئيس في الإصابة به، وكذلك كان السبب الوراثي عاملاً مساعداً لها.
مضيفة: «أكثر ما يقلقني أن لي أخوات أخريات يعانين من السمنة، أما أخواتي اللاتي أصبن بالسرطان بالرغم من صغر سنهن، فلولا نعمة الله والكشف المبكر لسرطان الثدي لكان مصيرنا غير معروف».


تركنا المنزل
وبالعودة إلى تاريخهم العائلي المصاب بالسمنة، قال والد أزهار: «إن تاريخ العائلة مليء بهذا المرض، ووفقاً للأطباء فقد وجد أن هذا المرض يصاب به (شخص واحد من كل سبعة أشخاص في العائلة) ١/٧ من العائلة، وكانت أسرتي من أكثر الإصابات بهذا المرض، فبعد فقدان زوجتي ثم أزهار، تبعتها ثلاث من أخواتها مصابات بأورام «سرطان في الثدي» في بداياته، وبفضل الله ثم بالفحص المبكر تم استئصاله بسرعة، والآن يخضع جميع أفراد العائلة لفحص دوري رسمي كل ستة أشهر، كإجراء احترازي لكشف الأورام مبكراً، فتاريخ العائلة مليء بمرض السرطان والسمنة المفرطة، ومن المعروف أن السرطان له علاقة وثيقة جداً بالسمنة».
وأضاف: «تركنا منزلنا واستأجرنا بيتاً آخراً في الدمام، كنتيجة لوفاة زوجتي وابنتي، فلا أريد لبناتي ذكريات أليمة عن والدتهم وأختهم أزهار، ولعل بناتي يستطعن أن يبدأن حياة جديدة بإذن الله».


الرأي الطبي
«سيِّدتي» التقت بالدكتور فولكر رودت، رئيس واستشاري قسم المعالجة بالأشعة في مستشفى سعد التخصصي بالخبر، والذي أكد وجود علاقة وثيقة بين السمنة والإصابة بمرض السرطان، وأن السمنة هي سبب مباشر للسرطان، وكلما كبر الشخص بالعمر زادت نسبة الإصابة به أيضاً، خصوصاً بعد الأربعين، لافتاً إلى أن العلم لم يتوصل حتى الآن إلى علاج نهائي للمرض، فالعلاج منه جراحي لاستئصال الورم، وكيماوي لمنع انتشاره، وإشعاعي للقضاء على أدنى نسبة لعودته أو انتشاره، ويكون العلاج الإشعاعي مرة واحدة فقط.
وقال الدكتور فولكر رودت: «إن 56% من المرضى ارتفعت نسبة شفائهم بشكل تام، و44% لا نستطيع عمل شيء لهم»، موضحاً أنه كلما كان الكشف مبكراً، ارتفعت نسبة الشفاء.
وأشار إلى أن مرض السرطان ينتشر في المجتمع السعودي، خصوصاً سرطان الثدي الذي قد يصل من 30% - 50%، وشدد على عدم التردد في إجراء الفحص الأولي، مبيناً أن 60% من الحالات المصابة هي حالات متقدمة من المرض، مما يضطرهم إلى استئصال كامل الصدر، و30% هي حالات غير متقدمة.


الرأي النفسي
وحول ذلك، أوضح الأخصائي النفسي بمجمع الأمل بالدمام «جلال الناصر» أن حدوث مواقف مؤلمة قد يترك أثراً نفسياً لدى البعض، وفي ظروف أخرى قد يسمى قلقاً إذا تجاوز الحدود الطبيعية؛ أي أدى إلى حدوث خلل في الحياة الاجتماعية، وبالنسبة لحالة العائلة وظروفها فهي تسمى «حالة قلق المرض»، بناء على الوصف البسيط للحالة، وتتمثل بشعور الشخص بأنه مصاب بمرض ما قد يؤدي به إلى الموت، وقد يتشارك أفراد العائلة بمثل هذا النوع من الأمراض، وعادة يكون العلاج دوائياً ونفسياً، ويستمر لعدة جلسات، ويعتمد الرجوع للحالة الطبيعية والشفاء على تعاون الأفراد، بالإضافة لحرص المريض على العملية العلاجية.