نساء وأطفال غزة يرفعون شعار رغم القصف.. باقون

20 صور
ليست تجربة الحرب الأولى التي تمر بها غزة المنكوبة بسكانها الذين يشكلون أعلى كثافة سكانية في العالم، فقد اعتاد أهلها البالغ عددهم مليوناً ونصف نسمة على هذه الأجواء.
 
خوف وجوع وتشرد وترقب...........ومن قلب هذه المعاناة تلتقط «سيدتي»، عبر مراسلتها في غزة هذه القصص الإنسانية المؤلمة.
 

رغم أن الطائرات تقصف كل هدف متحرك على الأرض، إلا أن السكان يقولون: لا نخاف الموت؛ لأننا يئسنا من حياة الحصار والفقر، ولذلك فإن أطفال الحارات في غزة يخرجون من البيوت، مهللين ومكبرين كلما سمعوا صوت انطلاق الصواريخ، التي تطلقها المقاومة الفلسطينية نحو المدن الإسرائيلية، وفي ليلة النصف من رمضان قاموا بتوزيع الحلوى على بعضهم البعض، وإطلاق الألعاب النارية ابتهاجاً، رغم جراحهم وشهدائهم وهدم بيوتهم.


وهناك في الأحياء المخربة، تعيش عائلة الحاج في مخيم خان يونس، وقد تعرضت العائلة للإبادة الكاملة في ثاني أيام الحرب، ولم يبق منها سوى ابن واحد مذهول، وقفص به عصفور يغني في شجن، ورسالة تركتها الابنة نجلاء الحاج كتبت فيها: «يا مرحباً بالشهادة» وقد لقيت ربها بعد ذلك بساعة.


ورغم أن عائلة أم محمد الدالي، وهي أم لسبعة أطفال محاصرين في بيوتهم منذ أسبوع؛ بسبب الطائرات التي تقصف كل هدف متحرك، إلا أنهم يتدبرون أمورهم، تتابع أم محمد: «أهم شيء أن يتوفر عندنا الماء، قمنا بملء اسطوانات وأوعية ضخمة بالماء؛ لأن الطائرات قصفت خزانات المياه فوق البيوت، لا يهم ما نأكل المهم أن نعيش، ويكفي أن يكون عندي بعض الطحين، الذي استلمه من وكالة غوث اللاجئين، حيث أقوم بعجنه وخبزه في البيت، وغالباً ما أقليه بالزيت؛ بسبب عدم توفر الكهرباء وانقطاعها باستمرار".

اتصال إخلاء
ووسط هذه المأساة قررت بائعة الخضار، أم عاطف، أن تساعد جيرانها، فهي في كل الأحوال لا تستطيع الخروج لبيع خضارها، ولذلك قررت أن تقبع في بيتها، وتقوم بتقطيع ما لديها من خضار، وتعد أطباقاً كبيرة من الفتوش، ومع موعد الإفطار توزعها على الجيران من خلال الحائط، وينتقل طبق الفتوش من سور على سور ومن بيت إلى بيت، حتى يأكل كل أهل الحي، وهم من المخيم، الفقراء الذين لا يملكون قوت يومهم.


ياسر هو الابن الوحيد الناجي من أسرته «عائلة الحاج» التي أبيدت بأكملها في مخيم خان يونس، أصيب بحالة ذهول بعد أن فقد كل عائلته، وهو لا يتوقف عن رواية حكايته: «خرجت من البيت لشراء بعض الحاجيات، وفجأة تلقيت اتصالاً من الاحتلال بضرورة إخلاء بيتنا خلال خمس دقائق، وصرت أجري في الشوارع لأعود للبيت، ولكني وصلت متأخراً ووجدته كومة من التراب".


ومن جانب آخر في الحي، لا تكف ابنة سهاد عن البكاء؛ خوفاً من صوت الصواريخ والطائرات، وحين تسمع صوتها، ترفع عروستها عالياً وتقول: «عمو اللي بتسوق الطيارة وبترمي علينا صواريخ، خذ هاي العروسة لبنتك وما تموتنا".


لا شهية للطعام
لكن البيوت الغزاوية تخلت عن طقوسها الرمضانية مجبرة، ففي بداية رمضان وقبل بدء العدوان لم يكن باستطاعة معظم الأسر شراء القطايف، والحلوى بسبب الفقر والبطالة، ومع بداية العدوان لم يعد بالإمكان الخروج من البيوت، وأصبحت الأسر التي كانت تعتبر القطايف من طقوسها اليومية، تكتفي بوجبة أساسية بسيطة كل يوم، ولا تتناول أي صنف من الحلوى.


حيث اعتادت أم سعيد، أم لستة أبناء، شراء كمية كبيرة من صناديق الفول المدمس المعلبة، والذي تسميه فول الصين العظيم، واستخدامها على وجبات الإفطار والسحور لأولادها؛ لأنها لا تستطيع أن تقدم لهم أكثر من ذلك، وخلال أيام الحرب قامت بتوزيع هذه العلب على الجيران، خاصة من دمرت بيوتهم، وعلقت قائلة: «ربنا يرزق، المهم أن نكون أمة متكافلة كما طلب منا الإسلام".

تأجيل نتائج وأعراس
العديد من البيوت الغزية كانت تنتظر، خلال النصف الأول من شهر رمضان، إعلان نتائج التوجيهي «الثانوية العامة»، ولكن تم تأجيل إعلانها بسبب الأوضاع التي تمر بها غزة، وعلق طلاب التوجيهي على صفحات «الفيس بوك»: كيف نفرح وهناك طلبة تقدموا للتوجيهي واستشهدوا، أو جرحوا، أو دمرت منازلهم، أو فقدوا عائلاتهم؟


كله تأجل حتى الأعراس، فقد كانت أم محمد تجتهد؛ لتنتهي من إجراءات حفل زفاف ابنها الأول، ليتم الزواج في ثاني أيام عيد الفطر، وكانت تستغل أيام رمضان؛ لتلف على المحلات، وتشتري الأثاث والملابس لها ولأولادها؛ استعداداً لعرس ابنها البكر، ولكن ظروف الحرب جعلت من موعد العرس موعداً مؤجلاً، وحتى إشعار آخر حسب قولها.


ورغم كل هذه الظروف لا يتردد السكان عن الذهاب للمستشفيات للتبرع بالدم بعد الإفطار، وللمساعدة في إخلاء الجرحى والمصابين، وبالذات خريجو معاهد التمريض الذين يعانون من البطالة منذ سنوات، إلا أنهم لم يترددوا عن المسارعة لتقديم المساعدة للجرحى.


جوالات أطفال غزة
مراهقو غزة لا يخافون الموت، فهم يركضون خلف الطائرات التي تقصف البيوت، ويقومون بتصويرها بكاميرات جوالاتهم في محاولة لتوثيق كل هذه الأحداث القاسية ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي والفيس بوك قبل وكالات الأنباء لفضح جرائم الاحتلال بحق أطفال ونساء غزة الأبرياء والعزل. وعن هذا الظرف الكارثي تعلّق أم أمين: «في الأوقات التي تتوفر فيها الكهرباء ورغم أن القصف يكون دائراً حولنا إلا أننا نتابع حلقات مسلسل باب الحارة؛ لأنه يحكي قصة صمودنا وصمود الشعب السوري».
ولكن لا تخفي نساء غزة سخطهن وغضبهن على أبو عصام بسبب زواجه من أخرى وخيانته لأم عصام شريكة عمره، وينتظرن اكتشاف أم عصام وانتقامها لكرامتها في الحلقات القادمة، ويجلسن في مداخل البنايات يناقشن موقف أم عصام، وتوقعاتهن للأحداث المقبلة.


إحصائيات
34 طفلاً شهيداً بعد ستة أيام من العدوان.
20 امرأة استشهدن في القصف، بينهن حوامل.
342 عدد الأطفال المصابين.
171 عدد النساء المصابات.
374 منزلا مدمراً.