فتيات يرددن: يا ويلي.. "عينها أصابتني"!

18 صور

يقول المثل الشعبي «عضة أسد ولا عين حسد». ويقول الحديث الشريف «العين حق»، لذا تؤمن المجتمعات العربيَّة الإسلاميَّة في عرفها بمسألة «العين»، التي قد يُصاب بها الإنسان جرَّاء إحدى الصفات الخُلقيَّة أو الخَلقيَّة التي قد يُعجب بها الآخرون، وقد يغالي البعض لتصبح «العين» مصدر هوس حقيقي له، لكن ماذا لو انقلب الحال كما يقولون، وأصبح المصاب بالعين متفاخراً بإصابته وحدوث عطب في إحدى مظاهر جمالياته الشكليَّة أو السلوكيَّة.
«سيدتي» تستعرض هنا آراء الشباب والفتيات حول هذه المشكلة، في التحقيق الآتي:

عين أصابتني
بداية، تروي لنا بيان الأسمري، 28 عاماً، مدربة الحاسب الآلي، بعضاً مما صادفته من الفتيات، والذي أثار دهشتها في هذا الموضوع، قائلة: كثيرات في مجتمعنا مصابات بمرض «أنا محسودة» أو «عينها أصابتني»، إحدى الصديقات متزوِّجة، ولها جسد ذو جمال وفتنة، عانت من خوف أهلها المبالغ فيه بإصابتها بالعين، حتى اقتنعت بذلك، وأصبحت تردد أنَّها تخاف من العين، وبعد كل مناسبة توجد بها تُخبر أنَّها أصيبت بالعين في أمر ما، وذلك من قبيل التفاخر بجمالها، وبعد مرور سنتين أصيبت بنقص فيتامين «د»، وكثرت وسوستها، ما أثَّر في أوضاعها النفسيَّة، ولم تزر طبيباً بداية الأمر، ومن سوء حظها ومن العجيب أيضاً أنَّ زيارتها للطبيب الأول أكدّت وساوسها؛ فأخبرها أنَّها لا تعاني من شيء سوى «العين»، ولم تُدرك مرضها إلا في مرحلة متأخرة.


وفي موقف آخر تعرَّضت له بيان، ذكرته قائلة: كنت برفقة إحدى صديقاتي في مطعم ما، وطلبت طبق معكرونة للمرَّة الثالثة؛ وذلك لشدَّة حبِّها لهذا الصنف من الطعام، وأخذتُ أداعبها بلطف، ففوجئت بإلقائها للشوكة وطلبها مني أن أذكر الله، وأصبحت تتلوى واضعةً يدها على بطنها، وأنا أتأمل كيفيَّة برمجة عقلها واستجابته السريعة للوهم، فجعلتها على ذلك الحال، وأنا أنظر إليها لمدَّة خمس دقائق، وما إنّ قلت ما شاء الله فإذا بشوكتها في يدها وعادت لتأكل.

تُمثل لتُبعد العين عنها
وتخبر سناء مبارك، طبيبة وكاتبة، عن جارة عجوز قديمة صادفتها عندما استقر سكنها في القاهرة؛ إذ أتت تلك الجارة من دولة عربيَّة طلباً للعلاج، وكانت مصابة بروماتيزم حاد أفقدها القدرة على المشي، وبعد العلاج تحسَّنت بشكل كبير، وطلبت من والدتي مرافقتها إلى المطار للعودة إلى ديارها، فتقول والدتي: أُصبتُ بالقلق عندما رأيتها تعرج مجدَّداً، وقمتُ بمساندتها وسؤالها عن حالها؛ لكيلا تغادر وهي لم تتماثل للشفاء بعد، لكن ردها فاجأني؛ حين أخبرتني أنَّها كانت تتفاخر بجمال ساقيها في صِباها، وتتوهم أمام الآخرين بإصابتها بالعين في حال أصيبت ساقاها بأي جرح بسيط؛ حتى ابتليت حقيقةً بالوسوسة، ومرضت، والآن ها هي تُمثل أنَّها تعرج؛ لكي تُبعد العين عنها.

وترى وفاء حامد، 27 عاماً، موظفة في القطاع الخاص، أنَّ العين أصبحت موضة في هذا الزمن، وأنَّ أكثر ما يثير استغرابها هو أنَّ بعض الأمهات عندما تجد رضيعها وطفلها يبكي بكثرة تنسب ذلك إلى العين، وتقرأ عليه الأذكار وبعض الأقاويل الغريبة من دون أن تدرك أنَّه يعاني من البرد أو المغص أو أي أمر صحي آخر.

كثرة مفسري الأحلام
ويقول عمَّار محمد، موظف في مركز تربوي، إنَّ أحد أصدقائه حين تعرَّف إلى فتاة أعجبته وقام بخطبتها، بات يُردد أنّه أُصيب بالعين، بسبب نقصانه لوزنه وازدياد ضغوطات العمل عليه، ويعتقد عمّار أنَّ مسألة «العين» باتت تفاخراً وجهلاً لا أكثر، مضيفاً أنَّ سبب الهوس الشائع تجاه أمور العين والحسد يعود إلى كثرة مفسري الأحلام ممن يعلم ولا يعلم.

ويرى محمد الأمير، 26 عاماً، مهندس في أرامكو، أنَّ «العين» أصبحت شماعة، تُلقى عليها كل أنواع الفشل والضرر، فبعض الأشخاص إن فشل نسب ذلك للعين، وآخر إن لم ينم بالليل نسبه للعين أيضاً، ولا يقتصر الأمر على النساء فقط، فللرجال نصيب من ذلك أيضاً، ومن أعجب ما رأيت أحدهم كان يعتقد أنَّ النادي الكروي الذي يشجعه قد أصيب بعين جرّاء خسارته في إحدى المباريات، فذهب إلى راقٍ شرعي بنية هبة الدعاء لهذا النادي، وأخذ الماء الذي قُرئ عليه ليصيب شيئاً منه أحد اللاعبين، كما أنّه يتفاخر باعتقاده وبفعلته أيضاً.

صورة ذهنيَّة قديمة
يخبرنا المحلل النفسي والمتخصص في القضايا الأسريَّة والمجتمعيَّة، الدكتور هاني الغامدي، عن سبب تفشي ظاهرة التفاخر والهوس بالعين، قائلاً: برمجت عقول البعض بأنَّ ما أملكه اليوم ينظر له الآخر بعين حاسدة، وهذا الأمر مرده صورة ذهنيَّة قديمة ومتجذِّرة مِن قِبل كثير من أفراد المجتمع، حيال أمر الحسد والعين بسبب ضعف استشعار القوة، وضعف الاتكال على المولى عزَّ وجلَّ في كافة أمور حياة الإنسان من جانب، وأيضاً من خلال المستوى البسيط الذي عليه البعض من مقدرات ماليَّة أو اقتصاديَّة أو إدراكيَّة، وبالتالي هو يشعر بالتفرد والزهو حيال ما استجد عليه من تملك لبعض الأمور العينيَّة أو الملموسة، ومن هذا المنطلق يعتقد الفرد بأنَّ ما امتلكه اليوم إنِّما هو مثار انتباه الآخرين له، وبالتالي فحين لا يحسن استخدام ذلك الشيء ويتسبب في عطبه سيعزي الأمر بشكل مباشر بأن شخصاً ما قد عاينه.

العين داء حق
يوضح لنا أستاذ الشريعة والدعوة بالكليَّة الإسلاميَّة بالمدينة المنورة، الدكتور ناصر العمري، الرأي الشرعي حول العين قائلاً: العين داء حق، غير أنَّه لكل داء دواء، ودواء العين يقوم على ركيزتين: الأولى الوقاية والتحرز؛ وذلك بمواظبة المسلم على الأذكار الثابتة، والركيزة الثانية: العلاج حين يقع الداء، وقد بينته لنا سنة المصطفى، صلى الله عليه وسلم، وقد يسبق داء العين داء الوسوسة بها، وهذا يُدافع بتقوية التوكل على الله والثقة به، والاعتماد عليه سبحانه وتعالى، ولتحذر الفتاة المسلمة من التباهي بأنَّها محط الأنظار، وقد نُهينا أن نتمارض فنمرض.
ويخبرنا الراقي الشرعي، الأستاذ خالد الزهراني، أنَّ عدد النساء اللاتي يردن إليه بغرض الرقية الشرعيَّة ضد العين أكثر من الرجال أضعافاً مضاعفة، وأنَّ نصف اللاتي يتواصلن معه عبر الاتصال الهاتفي مصابات بـ«العين الوهميَّة»، فمن بين 20 امرأة 10 منهن يتوهمن إصابتهن بالعين، بينما 7 فقط هنَّ من يكنَّ مصابات بالعين فعلاً، والثلاث الباقيات يعانين من أمور أخرى.

المشاهير والإصابة بالعين
للمشاهير نصيب من خوف الإصابة بالعين؛ إذ اعتزمت الممثلة الأميركيَّة ميلا كونيس أخيراً بعد حضورها لتجمع يشرح بعض التقاليد لحماية الطفل من شر العين، اعتزمت أن تقوم ببعض من تلك التقاليد؛ كربط سلسلة حمراء حول مهد ابنتها، ووضع عصا بين السبابة والإبهام، وإراقة الخردل على صدرها، ووضع قدميها في الماء المغلي، وعدم السماح لها بالجلوس على حافة الطاولة؛ لأنَّ ذلك يجعلها لن تتزوج!
كما أعربت الممثلة والمغنية الأميركيَّة بيونسية أنَّ شراكتها مع شركة «توب شوب» للملابس والأحذية ستكون موضع حسد كثيرين من تجار التجزئة؛ حيث إنها لا تظهر في علامة تجاريَّة مملوكة للقطاع الخاص إلا وأصبحت أسرع العلامات التجاريَّة نمواً حول العالم.
وظهر العديد من النجمات في وسائل الإعلام مرتديات إكسسوارات يُعتقد أنَّها تمنع الإصابة بالعين، مثل مادونا، هايدي كلوم، جينيفر أنيستون، سلمى حايك، نعومي كامبل وغيرهنَّ كثيرات.
وبحسب مجلة فوغ فإنَّ العروس التي حُسدت منذ بزوغ الألفيَّة، هي دوقة كامبردج، كيت ميدلتون، تلتها أمل علم الدين، زوجة الممثل جورج كلوني.