سرطان الرئة يزداد في صفوف النساء بعد سرطان الثدي

ما تزال وسائل الكشف المبكر عن سرطان الرئة غير فعّالة، علماً أنّه تجري حالياً أبحاث حول فحص جديد للدم قد يكشف عن هذا المرض في مراحله البدائية. وتبدأ مكافحة هذا الوباء عبر عملية معقّدة من التشخيص المبكر، علماً أن هذه العملية ليست واضحة جداً حتى الآن. للتوسّع في هذا الموضوع، «سيدتي» حاورت الإختصاصي في أمراض الدم والأمراض السرطانية البروفسور ناجي الصغير.

تزداد نسبة الوفيات نتيجةً لسرطان الرئة، وإذا كان الورم لا يتجاوز 15 ملليمتراً  تزداد فرصة الحياة بين 80 الى 85 في المائة، أمّا إذا تجاوز هذا الحجم فتنخفض فرصة الحياة إلى 10 في المائة حصراً. من هنا، تأتي أهمية التشخيص المبكر، علماً أن الأعراض السريرية تأتي دائماً في مرحلة متأخرة عن التشخيص، فيما صور الأشعة غير قادرة على التشخيص المبكر.

 

فحص جديد للدم

- ما هي إمكانية الكشف المبكر عن سرطان الرئة؟

تجرى محاولات عدّة وأبحاث على إجراء فحص جديد للدم محدّد وخاص يسمح بكشف أعراض سرطان الرئة. ويرتكز هذا الفحص على البحث عن بروتين مضاد حيوي مسؤول عن ورم الرئة، وقد نجحت نتائج هذه الأبحاث إلى اليوم بنسبة 80 في المائة.

 

- لماذا لا يعمّم فحص الدم الجديد للكشف المبكر؟

إن التأكيد على النتائج يتطلّب فحص دم جميع المصابين بسرطان الرئة، وكذلك بأعراض أمراض صدرية غير السرطان. وبالطبع، تحدّد نتائج هذا الفحص نوع انتشاره في العالم، وتجدر مراقبتها للتوصل إلى نتيجة نهائية ثابتة تؤكّد فاعليته. لذا، فإن وضعه في التداول يحتاج إلى وقت طويل.

وفي الموازاة، هناك أبحاث أخرى جارية اتّبعت فحصاً خاصاً بالمدخنين، بدأ على أساس أخذ عيّنة من اللعاب مع فحص الحمض النووي «اي دي ان» للاستدلال على احتمالية الإصابة بسرطان الرئة. ويأخذ هذا الفحص الجيني بعين الاعتبار عوامل السن ومدّة التدخين والتاريخ العائلي للإصابة بالسرطان. ويصنّف الأشخاص على إثره إلى فئات ثلاث هي: إحتمالية إصابة مرتفعة، إحتمالية متوسطة، إحتمالية خفيفة، إلا أن بعض العلماء يشكّكون في نتائج هذا التصنيف.

 

- كيف نستطيع إذاً الكشف المبكر عن سرطان الرئة؟

هناك عدد من الأبحاث، ولكن تغيب إلى اليوم الطريقة الجدية الملموسة التي تسمح بالكشف المبكر عن سرطان الرئة، رغم أن عدد المصابين يتزايد خصوصاً في صفوف النساء، إذ ارتفعت هذه النسبة في خلال الفترة الممتدة بين 2000 و2005 إلى 4,2 في المائة لدى النساء، مع انخفاض بسيط لدى الرجال.

التصوير المحوري الطبقي

 

- ما هي الأعراض الأولية للإصابة؟

تظهر الأعراض على شكل سعال وبصق ووهن ونحولاً في الجسم وألم في الصدر، وذلك عندما يكون الورم في مرحلة متقدّمة، ولعلّ الخطر يتمثّل في أن كل صور الأشعة لا تكشف الورم سوى في مرحلة تستعصي معها الجراحة في معظم الأحيان. من هنا، بدأ استخدام التصوير المحوري الطبقي (السكانر) للإستعاضة عن صور الأشعة، وقد استهلّت هذه الطريقة بنوع من الكشف المبكر لأشخاص تتجاوز أعمارهم الخمسين، مدخّنين منذ أكثر من 20 عاماً، إلا أن نتيجة هذه الحملة كانت غير مرضية لأنها بيّنت وجود لدى أكثر من نصف الأشخاص موضوع البحث، نقاط على الرئتين، ولكن الفحوص الأخرى بيّنت أن هذه النقاط ليست سرطانية. من هنا، يعتبر استعمال التصوير المحوري الطبقي (السكانر) لكشف سرطان الرئة عملية غير مجدية.

 

- لماذا تزداد نسبة الإصابة بسرطان الرئة لدى النساء؟

بيّنت الدراسات في فرنسا أن سرطان الرئة ازداد بشكل كبير عند النساء بسبب ارتفاع عدد المدخّنات، وكانت دراسة أجريت في خلال الفترة الممتدة بين 1997 و2002 ذكرت أنّ معدّل إصابة النساء المدخّنات في فرنسا إرتفع بنسبة أكثر من

6 في المائة! وبالتالي، إن سبب ارتفاع هذه النسبة يعود إلى التدخين ما يزيد من خشية السلطات الصحية من أن يتطوّر سرطان الرئة بين النساء ليصبح وباءً سرطانياً منتشراً. ومن الممكن أن تعادل نسبة الوفيات من سرطان الرئة عند النساء نسبة الوفيات بسرطان الثدي!

 

- هل الوقاية ممكنة؟

للتخفيف من الإنتشار، من الضروري القيام بحملة وقائية تستهلّ بإيقاف التدخين وتناول بعض العلاجات بواسطة الفيتامينات واتباع نظام غذائي محدّد.

وفي هذا الإطار، ينصح بتناول مشتقات الفيتامين «ألف» وهو «الأسيد ريتينوويك» الذي يلعب دوراً أساسياً في تطوّر الرئتين عند الجنين لأنه قد ينمّي خلايا الرئة ويفعّل بعد الولادة الجينات المتعلقة بمكافحة السرطان. وتنخفض نسبة هذا «الأسيد» لدى المدخّنين. من هنا، بيّنت دراسة أن من توقّفوا عن التدخين وتناولوا كمية من هذا «الأسيد» تحسّنت النتائج لديهم بعد 3 أشهر من الخضوع لهذا العلاج. أمّا المصابون في المرحلة الأولية من سرطان الرئة، فلا بدّ من أن ينقطعوا بشكل تام عن التدخين أثناء العلاج، وهذا ما بيّنته دراسة أثبتت أن من خضع للعلاج في أول فترة من الإصابة بسرطان الرئة وأوقف التدخين حصل على نتائج علاجية فعّالة.

ولناحية النظام الغذائي، لا بدّ من تناول الفاكهة الطازجة والخضر التي تخفّف من مشكلات الربو والتنفس. وكانت دراسة حديثة أفادت أن لتناول البندورة والتفاح مفعولاً إيجابياً على المدخنين ومن يعانون مشكلات في التنفس. فمن يتنفس بشكل جيّد منهم يتناول 5 تفاحات أسبوعياًً وحبة من البندورة كل يومين. وتبيّن أن التفاح يحتوي على مواد «الفينوليك» و»الكيرسيتين» وهي موجودة في البصل والشاي وتؤمن الحماية للرئتين ضد التدخين وتلوث الجو.

 

الدخان والتلوّث والغازات السامة

- من هم الأشخاص المعرضون للإصابة بسرطان الرئة؟

يمكن أن يصيب سرطان الرئة أحياناً أشخاصاً غير مدخنين وإنما تعرّضوا للدخان السلبي أو للتلوّث أثناء العمل نتيجة مادة «الاميانت» أو أنواع من الغازات السامة.

لا بدّ من التمييز بين الأنواع المختلفة لسرطان الرئة: السرطانات البدائية وتظهر أوّلاً في الرئة، والسرطانات الأخرى التي تنتشر في الجسم وتنتقل الى الرئتين.

 

- هل من علاقة بين الربو وسرطان الرئة؟

ثمة أبحاث عدّة تناولت العلاقة بين هذين المرضين، وجاءت النتائج متناقضة، إذ تغيب الإثباتات الواضحة للعلاقة بين الربو وسرطان الرئة. ولكن، تجدر الإشارة إلى أن نسبة الإصابة بسرطان الرئة هو أكبر لدى الأشخاص الذين يعانون من مشكلات في التنفس المتعلقة بالتدخين وليس الربو أي التحسّس الذي يصيب الأطفال. وترتفع هذه النسبة أكثر خصوصاً لدى النساء.