المصمم الفرنسي ستيفان رولان:

يُعتبر مصمّم الأزياء الفرنسي ستيفان رولان من أبرز رموز الموضة الباريسية، وهو يحظى بمكانة خاصة لدى نساء المجتمع في المنطقة العربية، حيث يفتخر بأنَّ لديه أكثر من مائتي زبونة عربية، من أشهرهنّ الملكة رانيا والشيخة موزة.

في هذا الحوار الذي خص به «سيدتي»، يتحدث ستيفان رولان عن فلسفته في عالم الأزياء، وعن زبوناته العربيات وكيفية تذوقهنّ الموضة.

- هناك إجماع بأنّك تتصدّر حالياً قائمة أشهر مصممي الأزياء في فرنسا، بعد أن قضيت عشر سنوات كمدير فني لدار جان لوي شيرير، حيث سطع نجمك بشكل لافت خلال المواسم الأخيرة. ما سرّ هذا النجاح؟

ليس من السهل الإجابة على هذا السؤال، لأنّ الجواب لا بدّ أن يشمل عناصر وأبعاداً متعددة. فأنا أقوم بهذا العمل عن عشق، وحبّ تصميم الأزياء يسري بداخلي، ويتدفق كالأوكسجين في دمي. صحيح أنني قضيت وقتاً طويلاً في الدراسة والتعلّم، لكن الأمور منذ البداية كانت عفوية، فقد ورثت موهبة الرسم من عائلتي، وكنت محاطاً منذ صغري بأجمل وأكثر النساء أناقة، وهن اللواتي غذّين مخيلتي وصقلن موهبتي. بالإضافة إلى ذلك، حرصت على الاحتكاك بالواقع، لأنّ المدرسة شيء والممارسة الواقعية شيء آخر. وهذا ما استغرق مني وقتاً طويلاً، لكنه كان ضرورياً، لأنّني تحصَّنت معنوياً وتعلَّمت الحذر من بعض ذوي النوايا السيئة. وقد كنت بحاجة إلى الوقت الكافي، لكي أفهم كيف تتطوّر الأمور في عالم الموضة، وكيف يمكن أن تؤدي إلى منزلقات خطيرة، إذا لم ننتبه بما فيه الكفاية.

من جهة أخرى، ليس هنالك سرّ معيّن للنجاح، بل هناك العمل، والعمل ثم العمل... في بداية مشواري المهني، كنت أبدأ العمل يوميا في الثامنة صباحاً، ولا أنتهي قبل الساعة الحادية عشرة ليلاً. وأعتقد أننا عندما نملك حبّ العمل والاطِّلاع والانفتاح على الآخرين، إلى جانب الموهبة طبعاً، فإنّ فرص النجاح والتميز تكون مؤكدة. وهناك أيضا عامل هام آخر هو أن تكون لنا نظرة مستقبلية ليس في مجال الموضة فحسب، بل في كل ما يرتبط بها أو يؤثر فيها، من الاقتصاد إلى الثقافة إلى الفكر والدين. فمن دون ذلك لا يمكن أن نفهم كيف يتطور المجتمع العالمي، وكيف يمكن أن نواكب ذلك التطور في مجال عملنا كمصممين...

ماذ تعني بالنظرة المسقبلية؟

أعني أنّ مصمم الأزياء الناجح يجب أن يكون في حالة تتبع وملاحظة دائمة، وأن يمتلك حاسة تسمح له بقراءة المستقبل، لكي ينجح في تصميم أزياء أو أكسسوارات تعجب المرأة بعد سنة أو سنتين أو عشر سنوات. بحيث لا يقتصر دور المصمم على مواكبة الموضة الراهنة، بل يجب أن يرافق زبائنه في حياتهم المستقبلية. أنا مثلاً أحبّ الأشياء التي لا ترتبط بزمن محدد، مثل حقيبة يد «كيلي» من «هيرمس»، فهي حقيبة يد أنيقة تتجاوز الأزمنة والعقود ويتم توارثها جيلاً بعد جيل. كل النساء يردن امتلاك حقيبة منها. عندما نصل إلى هذا المستوى يمكن أن نصمم أزياء غير مرتبطة بالوقت. وأعتقد أنّ هذا ما قمت به من خلال تصميم حقيبة «تاليسا» و«مارينا»، حيث حرصت على أن يكون الشكل أنيقاً وعملياً، فالحقيبة صمّمت على شكل ظرف بريدي، وهي مصنوعة من جلد التمساح ومزيّنة بالذهب أو مرصّعة بالألماس. ومثل هذه الحقيبة برأيي يمكن أن ترثها البنت عن والدتها، دون أن يتأثر جمالها بعامل الزمن.

 

ثقة في الأناقة:

لقد صرحت أخيراً في الصحافة الفرنسية بأنّك تعتبر الخياطة الراقية، بالنسبة لبعض الشخصيات النسائية البارزة، ليست مجرد تسلية، بل هي عامل مؤثِّر للنجاح. وقلت: إنّ دوري كمصمم يتمثل في مساندتهنّ ومساعدتهنّ على الاضطلاع بمسؤولياتهنّ الإجتماعية من خلال تصاميمي. هل يمكن أن توضح لنا ماذا تقصد بذلك؟

أنا لم أقل هذا بالضبط، أعتقد أن الترجمة كانت خاطئة!

هل يمكن أن توضح لنا الأمر؟

لقد قلت إنّه بالنسبة للنساء اللواتي يهتممن بالخياطة الراقية، دوري يتمثل في مساعدتهن على الاضطلاع بمهامهنّ كسيدات مجتمع على الوجه الأمثل. فعندما أستقبل الملكة رانيا أو الشيخة موزه أو شخصية عالمية شهيرة، ينبغي أن أكون في مستوى ما ينتظرنه مني. أنا أتعامل مع سيدات مجتمع مهمات جدا، ومع مغنيات وشخصيات فنية مشهورة، كما أنني أتعامل مع أميرات، ومع نساء مسؤولات عن شركات اقتصادية عالمية. كلّ واحدة منهن لديها دور تلعبه في المجتمع، لذا قلت إنّ الخياطة الراقية بالنسبة لمثل هؤلاء النساء ليست مجرد تسلية، حيث أن لهنّ دوراً وصورة ومكانة بارزة. وعندما يتعاملن معنا كمصممي أزياء، يشعرن بالثقة، لأنّ دورنا هو مساندتهنّ ومساعدتهنّ من خلال تصميم أزياء تتماشى مع هذا الدور وهذه المكانة، أي أنّها أزياء لا ترهقهنّ بل تصاحبهنّ وتبرز مكانتهنّ. أنا أعتبر أنّ دوري لا يتمثل في إبراز جماليات الفستان الذي أصممه، بقدر ما أحرص على إبراز جمال المرأة التي ترتديه.

ألا تعتقد أن هناك مبالغة فيما تقول، فأنت وأنا نعرف جيداً أنَّ هناك عيوباً جسدية عدّة تحول ضد تصميم فساتين محددة مثل الفساتين التي تصممها لكل النساء. ألم تواجهك مثل هذه الصعوبات؟

صحيح أن هناك نساء لا يتمتعن بأجساد رشيقة، وسبق ان استقبلت نساءً لم يكنّ بالضرورة رشيقات. وأنا أنصح النساء الممتلئات بعدم محاولة إخفاء وزنهّن الزائد بارتداء أزياء عريضة، بل ينبغي على المرأة الممتلئة أن تواجه هذا الأمر ببساطة وشجاعة. هل تعرفين أنني صممت مرّةً فستاناً لأميرة كانت تعاني من وزن زائد، وهذه الاميرة كانت بالنسبة لي كالشمس المشرقة، حيث صممت لها فستاناً رائعاً لعرسها، وكانت من أنجح سفيراتي، وأنا أعتبر ذلك الفستان بمثابة أكبر حملة إعلانية لي في كل منطقة الشرق الاوسط. لهذه الأسباب أنا لا أهتم بالنحافة ولا بالسمنة الزائدة، بل العكس لأنَّ مثل هذه الحالات تمثّل تحدياً جمالياً وفنياً بالنسبة لي.

 

أذواق شرقية:

لديك أكثر من مائتي زبونة من منطقة الشرق والخليج العربي، من بينهن أميرات وسيدات أعمال ومجتمع. ما هي مواصفاتهنّ وشروطهنّ؟ وما مدي اطلاعهنّ على عالم الموضة والأزياء؟ 

المرأة العربية امرأة أنيقة وأنثوية إلى أقصى الحدود، تحب الجمال والأناقة والمواد الفاخرة. والأهم من كل ذلك أنّها ترحّب بالأفكار الخارجة عن المألوف، لأنها تسعى إلى التميز، لا إلى مضاهاة ما هو رائج في عالم الموضة. لذا فالنساء العربيات لديهنّ الشجاعة على تقبّل المغايرة أكثر من النساء في مناطق أخرى. لا أعتقد أنّ زبوناتي العربيات لديهنّ شروط محدّدة. ولكن يمكن القول أنّ ما يبحثن عنه عندما يتوجهن إليّ هو القصات الواضحة والمبّسطة. وهن يحببن فلسفتي، التي يمكن اختصارها في إبراز جماليات المرأة وليس الفستان. ومن النادر جداً أن تُطلب مني أشياء لا تتماشى مع هذه الفلسفة. وفي هذه الحالة، أرفض رفضاً قاطعاً، لأنني أرفض وضع اسمي على شيء غير جميل.

لقد ارتدت تصاميميك سيدتان من أشهر سيدات المجتمع العربي، هما الملكة رانيا والشيخة موزة. ماذا يعني بالنسبة لك أن ترتدي تصاميمك من هنّ مثلهما من سيدات المجتمع من الدرجة الاولى؟

أولاً، أعتبر ذلك شرفاً بالنسبة لي. إنهن نساء يضعن ثقتهن فيّ وفي عملي. وهذا شيء يشرّفني ويسعدني. علاقتي بهن علاقة أعتزّ بها كثيراً، وأعتبرها قبل كل شيء علاقات إنسانية رائعة. كل العلاقات التي تربطني بزبوناتي هي علاقات انسانية راقية وجميلة. عندما استقبلت الشيخة موزة لأوّل مرة، لم أكن أعرفها، لأنها جاءت إليّ بطريقة غير معلنة. وعندما تعرّفت عليها عن قرب، وجدت أنّها امرأة استثنائية في طريقة كلامها وفي نظرتها للأشياء. والأمر نفسه بالنسبة للملكة رانيا، فقد وجدت فيها امرأةً بسيطة، واضحة ومنظّمة ومنهجيّة جداً. وما جذبني أكثر في هاتين الشخصيتين هو الصدق في نظرتهما للأمور وفي وطريقة كلامهما. وهذا يشكل تحدّياً فنياً هاماً جداً بالنسبة لأيّ مصمّم، لأنَّه لا يمكن الغش مع نساء بمثل هذه الأمور الشخصية...