«وصلات الشعر» تجارة لتزيين رؤوس النساء.. فهل تجوز شرعاً؟!

6 صور

الشَّعر زينة المرأة وسر جمالها، ومن مصادر أنوثتها، والكثير من الشُعراء وصفوا جمال المرأة بشعرها، وما من شاعر إلا وقد تغزّل في شَعر المرأة، وكما قيل قديماً: «نصف جمال المرأة في شَعرها» بعد أخلاقياتها وأدبياتها وحيائها، لهذا السبب لجأت العديد من النساء، ممن يعانين من تساقط الشعر أو ممن يرغبن في تغيير جذري لمظهرهن الخارجي، والحصول على شعر كثيف وجذاب والظهور بـ«لوك» جديد وفي ساعات قليلة، إلى إتمام نصف جمالهن عن طريق ما يعرف بتقنية «إطالة الشعر» أو «وصل الشعر».

وأصبحت محلات كثيرة تستعين بمصففي شعر لديهم خبرة في مجال تقنية «خياطة الشعر» وتركيبه، ينافسهم في ذلك أفارقة جاءوا إلى المغرب للانتقال إلى الضفة الأخرى، ليجدوا أنفسهم منغمسين في تجارة هم أهل لها، كما تدر لهم مبالغ مهمة.

إلى العاصمة الرباط، انتقل «سيدتي نت» لزيارة محلات لأفارقة تميزوا بالسمعة الجيدة بين الزبائن وبتخصصهن في المجال، ووقفت على الصفوف الطويلة لنساء لجأن إلى خياطين من أجل خياطة الشعر، ومن ثم الذهاب به لتركيبه إلى أفارقة من السنغال والكاميرون، اشتهروا بالإتقان والإلمام أكثر في المجال.

مهاجرات أفريقيات لوصل الشعر
يلعب المهاجرون الأفارقة دوراً كبيراً في انتعاش سوق بيع خصلات الشعر وتركيبها، وتدر هذه المهنة عليهم مبالغ لا بأس بها. وتقول في هذا الصدد «كلير»، وهي مهاجرة أفريقية من الكاميرون، مقيمة في المغرب منذ نحو خمس سنوات، إنها احترفت مهناً عدة، ولم تكن تكسب منها إلا اليسير، إلى أن وفرت نصيباً من المال استطاعت به أن تشتري محلاً مارست فيه تركيب الشعر وبيع الشعر الطبيعي والاصطناعي، حققت من ورائه أرباحاً مهمة.
ويلجأ بعض الأفارقة ممن لا يتوافرون على محلات، إلى تثبيت الشعر في الهواء الطلق أمام المارة في عدد من أحياء المدينة الرباط.

حالات
تحكي فاطمة، موظفة بالقطاع العام، كيف أصبحت زبونة دائمة لدى «كلير»، وهي التي تعاني من شعر قصير وخفيف، حيث قالت: جئت بالمصادفة لزيارة صديقتي «فاطمة» التي تمتلك محلاً بالقرب من كلير، أخبرتني أنها خبيرة في تركيب الشعر والرموش، لم أتردد حينها، وتضيف فاطمة: ذهبت عند «كلير» وسألتها عن ثمن تركيب الشعر، وحددت معها الموعد؛ لتنطلق بعدها رحلتي مع تركيب الشعر وإعادة تركيبه، كلما خفّ مع مرور الأشهر، ولو أنه يزعجني في بعض الأحايين وأحس ببعض الصداع، إلا أنني أصبر، فالمثل المغربي يقول: «إذا أردت الزين (الجمال) عليك أن تصبر على لدغات النحل».

رشيدة أمرها مختلف، فهي عانت في الشهور الأخيرة من مرض «الثعلبة»، الأمر الذي أدى إلى وجود رقع خالية من الشعر، وهي على أبواب الزواج، ولم تجد بداً من اللجوء إلى الاستعانة بالأفريقيات؛ من أجل تركيب الشعر، بعد أن نصحتها إحدى صديقاتها بأنه الحل الأجدى في مثل ظروفها، وتضيف رشيدة: «صحيح أن الأمر مكلف للغاية، خاصة أنني دفعت ثمن الشعر الطبيعي وتركيبه، لكنها تقول وهي تفرج عن ابتسامة كانت حبيسة شفتيها: «ليس هناك بديل، ثم إن زوجي المستقبلي أخبرته بالأمر، ولم يبد أي اعتراض، خصوصاً أننا سنتزوج بعد قصة حب تعلمها كلتا العائلتين».

رأي الدين
تقول الأستاذة علياء زحل، واعظة تابعة للمجلس العلمي المحلي بالدار البيضاء وعضو في خلية المرأة والأسرة التابعة للمجلس نفسه: «أولاً لابد من تعريف الوصل، فالوصل هو الربط بين شعر الرأس وشعر آخر، طبيعياً أو اصطناعيا، والواصلة هي التي تصل شعرها أو شعر غيرها بشعرٍ آخر، منها أو من غيرها. أي الفاعلة». وقد اختلف رأي المذاهب في هذا الأمر، فالمالكية أرجعوا سبب التحريم هو أنَّ وصلَ الشعر يؤدي إلى تغيير خلق الله، ولذلك يحرم عندهم وصل الشعر مطلقاً، سواءً كان بشعر آدميٍ أم بشعر حيوان، وورد مثل هذا الرأي في رواية عن الإمام أحمد بن حنبل. أما الشافعية والحنابلة فرأوا العلة من منظور آخر، فقالوا: إنَّ العلة في تحريم وصل الشعر هي أمران: أن يوصَل الشعر بشعرٍ نجس، كشعر الميتة أو شعر الحيوان غير مأكول اللحم، أو أن يؤديَ الوصلُ إلى الغش والتدليس على الخاطب الراغب في الزواج، وهذا حرامٌ، فإن وُصلَ الشعر بشعرٍ طاهرٍ حلال، ولم يؤدِّ إلى الغشِّ والتدليس، وكانت هناك مصارحةٌ ورضا بين المخطوبين، فإنَّ الوصل إذ ذاك جائزٌ لا محرَّم.
وتشرح الأستاذة علياء: إذن ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن العلة في التحريم هي أمران:
نجاسة الشعر المستعمل، الغشّ والتدليس. فيجوز عندهم وصل الشعر بشعر غير الآدمي بشرطين: أن يكون غير نجس، وأن يكون بإذن الزوج، إن كانت المرأة متزوجة، وأن تُعلم الخاطب حين يأتي إن كانت غير متزوجة.

أما الحنفية فذهبوا إلى أنَّ الوصل يحرُم حين يتمّ بما لا يحلّ الانتفاع به، أي: حين يكون الوصل باستخدام شعرٍ يحرم استعماله؛ كشعر الآدمي أو شعر الخنزير، أما شعر بقية الحيوانات (غير الخنزير) فهو طاهرٌ عندهم، سواء كان شعر حيوانٍ مأكول اللحم أم شعر حيوانٍ غير مأكول اللحم، ولا فرق عندهم بين شعر النّمر والحصان والغزال والخروف وغير ذلك، كما أنه لا فرق عندهم إن كان الحيوان حياً أو ميتاً.. ولم يشترط الحنفية علم الزوج أو الخاطب ولا إذنه.

وتخلص الأستاذة علياء: «إن جوازه يكون للحاجة، خاصة للعلاج، لاسيما في حال العيوب المشينة، كالقرع الذي قد تصاب به المرأة، فلا بأس به، إن شاء الله، بالشروط التي ذكرها الفقهاء القدامى لجواز وصل الشعر، والتي ذكرناها آنفاً، ومن أهمها انتفاء الغش والتدليس، وأن يكون الشعر الموصول به شعراً طاهراً».