العرض السعودي "بعيداً عن السيطرة".. مزج بين الخيال والواقع

13 صور

حين يموت المؤلف، تبقى شخوص رواياته تعيش في زوايا حياته وخيالنا، إنها لا تموت، لأن المؤلف أعطاها روحه قبل أن يقضي هو من واقعنا، ويتركنا في خياله، ولكن أن نحاول سرقة شخوصه من سياقاتها، ونعطيها أقنعة لتلبسها، هذا سيقتلها هي، وسيترك مخيلة المؤلف ناقصة.
هذا بعض ما قدمه عرض "بعيداً عن السيطرة" للمخرج السعودي سامي الزهراني، برفقة ثلة من الفنانين السعوديين هم "مساعد الزهراني، ممدوح الغشمري، فهد الغامدي، عبد الرحمن المالكي، بدر الغامدي، وكان المخرج الزهراني إلى جانبهم كممثل أيضاً"، وذلك ضمن فعاليات الدورة الثانية والعشرين من مهرجان الأردن المسرحي في العاصمة عمّان.

حين يهرب شخوص الرواية من سطور الورق:
حاول الزهراني في رؤيته الإخراجية أن يقرب المسافات بين منطقتين مستحيلات الالتقاء، بين الواقع والخيال، بين شخوص روايات المؤلف العظيم، وبين الحياة وشخصياتها الواقعية، وكيف حين ننزع هذه الشخصيات الخيالية من سياقاتها الدرامية في العمل الروائي، تتحول إلى شخصيات أخرى، بعيداً كل البعد عن خيال المؤلف، واضطرار هؤلاء الشبّان الحالمين والعاشقين لهذا المؤلف أن يأخذوا مكان شخوص الروايات التي أطلقوا سراحها إلى الواقع، فعاشوا في بطون الخيال حتى لا ينقص حلم الكاتب، ويزعزع صراعه الأدبي.

الجسد والفضاء المسرحي:
كان للجسد نصيباً كبيراً في العرض السعودي "بعيداً عن السيطرة"، حيث كان لغة أساسية صاحبت الحوارات والمنولوجات، فاستطاع الممثلين أن يتلاعبوا في الحوارات بأجسادهم، راسمين لوحة فنية مدهشة، خدمت العرض، وأثبت قدرة المسرح السعودي على اللعب في مدارس مسرحية عديدة حديثة وجديدة عليه، مبدياً تطوراً واضحاً على أداء الممثلين والفكر الجديد لهؤلاء الشباب الجدد.
واستطاع الزهراني الذي أدى هو الآخر مع بقية الممثلين بشكل رائع، أن يستغل مساحات الخشبة بشكل احترافي، مستفيداً من المساحات الصغيرة والكبيرة للمسرح الدائري.

الخيال والواقع على الخشبة:
هذا الحلم المسرحي الذي قدمه الزهراني، كان لابدّ له من حلول إخراجية صعبة، حتى يظهر للجمهور المتلقي والحاضر ذلك الخط الفاصل والرفيع جداً بين العالمين، واستطاع المخرج من خلال الاستعانة بالتقنيات الحديثة بشكل محدود ولا يطغى على أصالة الفعل المسرحي، أن يحقق ذلك الهدف، فكانت القماشة البيضاء قد ساعدت "تقنياً" بالدخول والخروج من الكتب، بشكل لم يُشعر الحاضرين بثقلها، فتم استخدامها بشكل احترافي خفيف على العين، مدهش بواقعيته على الخشبة.