اليوم العالمي للمرأة: المرأة التونسية.. القانون يحميها والواقع يظلمها

احتفال التونسيات باليوم العالمي للمرأة
راعية
وزيرة المرأة في جلسة عمل
امرأة تونسية من الحرس الوطني
سنية مبارك وزيرة الثقافة الجديدة في تونس
فتيات تونسيات رسمن الراية التونسية على وجوههن تعبيراً عن حبهن لوطنهن
التونسيات دائماً في الصفوف الأولى دفاعاً عن حقوقهن
عروس تونسية
عروس تونسية بزينتها التقليديّة
منيرة حمزة في سن الخامسة والثمانين تتحصل على الدكتوراه
المرأة التونسية دخلت للعمل في الشرطة منذ عقود
كلثوم كنو قاضية ترشحت لرئاسة الجمهورية
تونسية بلباس تقليدي
سلمى الرقيق وزيرة السياحة الجديدة
كل عام تحتفل تونس باليوم العالمي للمرأة
تونسية وعلامة النصر
امرأة ريفية
وزيرة الثقافة تصافح الرئيس الباجي قائد السبسي بعد أدائها اليمين
تونسية في الجيش
دستور ضامن لحقوق المرأة في تونس
تونسية ريفية تعمل في الفلاحة
23 صور

ألغت قوانين مجلة الأحوال الشخصية في تونس منذ صدورها تعدد الزوجات، واعتبر الفصل 18 من المجلة المذكورة التزوج بثانية جنحة يعاقب عليها بالسجن والتغريم أو بإحدى العقوبتين، وهو قانون لا نظير له في كل الدول العربية والإسلامية، كما أن الزواج العرفي ممنوع أيضاً، أمّا الطلاق فهو لا يتم إلا في المحكمة، وهو ما يمثل حماية للمرأة والأسرة فلا وجود في تونس للطلاق التعسفي ولا يمكن للرجل أبداً أن يرسل لزوجته بورقة الطلاق.


ومنح القانون الزوجين الحق في الانفصال ويمكن للمرأة أن تتقدم بقضية لطلب الطلاق إما بالتراضي أو للضرر ومن حقها أيضاً أن تطالب بالطلاق وتتحصل عليه من دون تقديم مبررات مهما كانت وهو ما يعرف في المصطلح القانوني،«الطلاق إنشاء»، فالعصمة وفق القانون التونسي هي بين يدي الرجل والمرأة على حد سواء، وإذا رغبت المرأة في إنهاء العلاقة الزوجية فالقانون يمنحها ذلك، حتى ولو رفض زوجها الانفصال عنها، على أن تتحمل دفع غرامة مالية له ومصاريف التقاضي.


تحديد سن الزواج
مجلة الأحوال الشخصية حددت سن الزواج بـ18 عاماً للفتاة، وضمنت حقوق الحضانة والنفقة للمطلقات، وحق الحصول على الجنسية التونسية للأبناء إن كانت التّونسيّة متزوجة من أجنبي (عربي أو أوروبي) شريطة موافقة الزوج، فالقانون التونسي أعطى المرأة التّونسية حقوقها كاملة غير منقوصة، والدستور التونسي الجديد نصّ في الفقرة 46 منه على المساواة في الحقوق والواجبات بين المرأة والرجل، وآخر قانون تمّت المصادقة عليه منذ مدّة قصيرة يسمح للمرأة بالسّفر إلى الخارج مع أبنائها من دون إذن أو تصريح من الأب، وتطالب الآن عديد من الجمعيات النسائية ومن أهمها «جمعية النساء الديمقراطيات» بالمساواة في الإرث بين المرأة والرجل.


والجدير بالذكر أن عدد الطالبات التونسيات اليوم في الجامعات التونسية يفوق عدد الطلبة الذّكور، وتفوقهن واضح في مختلف مراحل الدراسة، والنساء اليوم في تونس هن، على سبيل المثال، حوالي 75 في المائة من الصيادلة، و30 في المائة قضاة، وأكثر من أربعين في المائة في التعليم.


عوائق أمام المكتسبات
والمرأة التّونسيّة لها حق التصويت وحق الترشّح، وقد ترشّحت امرأة، هي القاضية كلثوم كنّو، إلى منصب رئيس الجمهورية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة منذ أكثر من عام، كما أن 30 في المائة من نوّاب البرلمان التّونسي الجديد هنّ نساء أي أنه تم انتخاب 68 نائبة من جملة 217 نائباً، ولكن ورغم كل هذه الحقوق والقوانين لصالح المرأة فإن الواقع مختلف، وهناك عوائق كثيرة مرتبطة بطبيعة المجتمع الأبوي الذي لا يعترف للنساء مثلاً بسلطة القرار وبالقدرة على تحمل المسؤوليات، ورغم كفاءة الكثير من النساء فإننا إذا نظرنا إلى المناصب العليا في المؤسسات والشركات والإدارات فإن عدد النساء فيها قليل، وحتى عدد الوزيرات في الحكومة الحاليّة هن ثلاثة فقط: وزيرة السياحة، ووزيرة المرأة والأسرة، ووزيرة الثّقافة.


العنف ضد المرأة
إن47 في المائة من النساء التونسيّات يتعرّضن إلى العنف، وهذه الأرقام هي أرقام حقيقيّة وغير مبالغ فيها، وأنها وردت في دراسة جدّية أعدتها «اليونيسيف» بالاشتراك مع وزارة التنميّة، والعنف الممارس ضدّ النّساء هو العنف بكلّ أنواعه من عنف جسدي ولفظي وجنسي واقتصادي وغيره، وقام مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة بتونس والمعروف اختصاراً باسم «الكريديف» بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين بدراسة شملت 4000 امرأة امتدت من سنة 2011 إلى سنة 2015 وتم الإعلان عن نتاجها هذه الأيام وأثبتت أن بنسبة 53،5 %، من المستجوبات تعرضن إلى العنف بشتى أنواعه منهن78،1 % تعرضن لعنف معنوي و41،2 % تعرضن لعنف مادي و75،4 % تعرضن لعنف جنسي.


نسبة مرتفعة للطلاق
ورغم أنّ المجتمع التّونسي مجتمع متفتّح، والزواج يتمّ بعد تعارف مباشر بين الشاب والفتاة في المدن والقرى والأرياف، إلا أن نسبة الطلاق في تونس، حسب دراسة حديثة، هي الأولى عربيّاً والربعة عالميّاً، وذكرت إحصائيات رسميّة أنه عام 2011- على سبيل المثال- فإنه تمّ تسجيل 9127 حالة طلاق مقابل ستّة عشر ألف حالة زواج.


وأظهرت إحصائيات أن نسبة المطلقين الرجال المتهرّبين من دفع النفقة للزوجة وللأبناء هي في ازدياد كبير، ففي عام 2012 فإن ألفاً و200 مطلق لم يلتزموا بدفع النفقة لمطلّقاتهم بانتظام، وهناك اليوم 3 على 5 فقط من المطلّقين يلتزمون كل شهر بدفع النفقة بانتظام، أما البقيّة فإنهم يتهرّبون من دفعها، وهو ما يعرّضهم للسجن إن اشتكت بهم طليقاتهم، والكثير منهم هاربون ومختفون ومحل تفتيش والبقية مسجونون.


ميزانية البيت
من أعسر المواضيع المطروحة اليوم في المجتمع التونسي والمحددة لنوعية العلاقة بين الأزواج وهو موضوع ميزانيّة البيت التي أصبحت عاملاً أساسيّاً ومحدداً لاختيار الشريك، فأكثر الشبان التونسيين يختارون عند التفكير في الزواج فتاة موظفة لمساعدتهم بمرتّبها وبدخلها المالي على تحمل أعباء المعيشة التي أصبحت هذه الأيام في تونس لا تطاق بسبب الغلاء.


ولأن تونس، حسب عديد المصادر، أصبحت تحتل المرتبة الأولى عربياً والرابعة دولياً في نسبة الطلاق (العدد مقارنة بعدد السكان) فإن الكثير من علماء الاجتماع انكبوا على دراسة أسباب هذه النسبة المخيفة من قضايا الطلاق في المجتمع التونسي، وتبين أن الكثير من الرجال يطلبون الطلاق بسبب عدم قبول الزوجة الموظفة المساهمة بمالها في الإنفاق، لكنهم لا يبوحون علناً بهذا السبب المباشر حتى لا يظهروا بمظهر الرجال الطامعين في أموال الزوجة، وهناك زوجات موظفات يؤكدن أنهن يتحملن بمفردهن الإنفاق على البيت.


ظواهر جديدة
وبرزت في الأعوام الأخيرة بعد ثورة 2011 ظاهرة الزواج العرفي في أوساط الطلبة بشكل خاص، وهي ظاهرة لم تكن معروفة في البلاد التونسية، وأنّ الأبناء الذين يولدون من مثل هذه الزيجات يعتبرهم القانون التونسي أبناء غير شرعيين، اعتباراً لكون الزواج العرفي ممنوع قانوناً في تونس.
وتشير إحصاءات وردت في دراسات اجتماعيّة أن نحو 1060 ولادة غير شرعيّة تتمّ كلّ عام في تونس، إلا أن العدد الحقيقي يفوق ذلك، و هناك حالات حمل بسبب الاغتصاب وهي قليلة، وأكثر الولادات هي نتيجة علاقات خارج مؤسّسة الزواج، علماً وأنّ القانون التّونسي يجيز الإجهاض.
ويضمن القانون التونسي للأم العزباء حقّ إثبات نسب ابنها، بإخضاع الأب المفترض إلى التحليل الجيني بأمر من القضاء، وإن رفض الخضوع للتحليل فإن ذلك يعدّ إقراراً بأبوته للطفل.


توتّر وإحباط
ويعيش التونسيون بعد الثورة حالة من القلق على الحاضر، والحيرة والخوف من المستقبل؛ بسبب الاضطرابات وارتفاع نسبة البطالة وخيبة الأمل، ويقول أطباء أنّ عدد التونسيات المصابات بالاكتئاب قد ازداد عددهن بسبب الإحباط والضغط النفسي، وتبيّن أن نسبة النّساء المقبلات على شراء الأدوية المهدئة للأعصاب قد ارتفعت بعد أن كثرت أخبار العمليات الإرهابية، وحصول عمليات موت للأمنيين والعسكريين ومواطنين عاديين صدمت الرأي العام، وأحدثت هزّة لعدم تعوّد المجتمع عليها، وأن النساء الموظفات والعاملات أصبحن يعانين من الضغوطات؛ بسبب ظروف عدم الاستقرار، والشعور بعدم الاطمئنان على المستقبل بالنسبة للعائلة وللأبناء، إلى جانب غلاء المعيشة والبطالة المستفحلة، مما يسد الآفاق أمام العديد من الشرائح.