مشاهير الفكاهة في الأدب العربي

أعلام الفكاهة في الأدب العربي القديم
كتاب «البخلاء» أروع نوادر الأشحاء وحكاياتهم التي يحتجون بها للبخل والاقتصاد
ابن الجوزي في كتابه «أخبار الظراف والمتماجنين»
كتاب الحيوان للجاحظ.
الأبشيهي في كتابه «المستطرف»
5 صور
يزخر الأدب العربي القديم بشخصيات فكاهية عرفت بخفة الدم والروح، منهم: أبودلامة، وأشعب، وأبوالعبر، وغيرهم من الشخصيات التي حظيت بشهرة واسعة طارت بهم للآفاق، وقادتهم لمجالسة الخلفاء والأمراء، والتكسب بشعرهم ونوادرهم التي احتضنتها كتب الأدب، وتناقلتها الأجيال على مر العصور، وباتت اليوم تسجل حضورًا ضمن رسائل وتغريدات وسائل التواصل الاجتماعي.
«سيِّدتي» تلقي الضوء على جانب من أعلام الفن الفكاهي العربي في التقرير التالي:

أشعب بن جبير
ولد في سنة تسع من الهجرة، اشتهر بأنه كان رجلًا طفيليًا، يحب الطعام، ويشتّم أخبار الولائم، ويحضرها، ويأكل فيها بشراهة كبيرة لدرجة أنه كان يقول: ما زُفّت عروس إلا وظننت أنها ستزف إلى أشعب، وما أقيمت مأدبة إلا وظننت أنني سأدعى إليها. نقلت عنه كتب الأدب الكثير من النوادر التي تبيّن حرصه وجشعه وطمعه، ومنها:
اجتمع عليه يومًا غلْمان من غلمان المدينة يعابثونه، وكان مَزَّاحًا ظريفًا مغنيًا، فآذاه الغِلْمة، فقال لهم‏:‏ إن في دار بني فلان عرسًا، فانْطَلقُوا إليه فهو أنْفَعُ لكم، فانْطَلَقُوا وتركوه.
فلما مضوا قال‏:‏ لعل الذي قلتُ من ذلك حَقّ، فمضى في أثرهم نحو الموضع،
فلم يجد شيئًا، وظفر به الغلمانُ هناك فآذوْه‏. ‏
ومن قصص أشعب أيضًا عندما جلس وهو صبي مع قوم يأكلون فبكى، فسألوه: لماذا تبكي؟
فقال: الطعام ساخن. فقالوا: دعه حتى يبرد. فقال: لكنكم لن تدعوه.

أبودلامة
هو زند بن الجون، رجل كوفي خفيف الظل، نبغ في أيام بني العباس، وكانوا يقدمونه ويفضلونه ويستطيبون مجالسته ونوادره. قيل: إنه خرج يومًا مع المهدي ووزيره علي بن سليمان إلى الصيد، فسنح لهما قطيع من ظباء، فأرسلت الكلاب وأجريت الخيل، ورمى المهدي سهمًا فأصاب ظبيًا، ورمى علي بن سليمان فأصاب كلبًا فقتله، فقال أبو دلامة متوددًا إلى الخليفة:
قد رمى المهدي ظبيًا
شك بالسهم فؤاده
وعلي بن سليمان
رمى كلبًا فصاده
فهنيئًا لهما كل
امرئ يأكل زاده
فضحك المهدي حتى كاد يسقط عن سرجه، وقال: صدق والله أبودلامة، وأمر له بجائزة.

أبوالعبر
اسمه محمد بن أحمد بن عبدالله الهاشمي، كنيته أبوالعباس، بدّلها إلى أبي العِبَر، ثم كان يزيد بها في كل سنة حرفًا: «أبو العبر طرد طيل طليري بك بك بك».
مارس العديد من الصناعات، وكان ماهرًا بها، لكنه لم يفلح في واحدة منها في الكسب بما يؤمّن له عيشة كريمة. كان وكما يقول: أخرج مبكِّرًا، وأجلس على الجسر، ومعي القلم والأوراق، فأكتب كلّ شيء أسمعه من كلام الذاهب والجائي والملاّحين والمُكارين حتى أملأ الدرج من الوجهين، ثم أقطعه عرضًا وطولًا وألصقه مخالفًا فيجيء منه كلام ليس في الدنيا أحمق منه.

مؤلفات في الفكاهة
هناك عدد من المشاهير الذين ألفوا العديد من المؤلفات التي تزخر بها المكتبة العربية ونجحت في رسم البسمة في وجه القارئ العربي، منهم: الخطيب البغدادي صاحب كتاب «التطفيل»، والقيرواني صاحب «زهرة الآداب» في كتابه «جامع الجواهر في الملح والنوادر»، والثعالبي صاحب «يتيمة الدهّر» في كتابه «تنف الظرف»، والأبشيهي في كتابه «المستطرف»، وابن الجوزي في كتابه «أخبار الظراف والمتماجنين»، وهذه الكتب الفكاهية لا تخلو من فوائد علمية وأدبية، بل هي سجل صادق لتاريخنا السياسي والاجتماعي في زمانها.