تأثير التصوير والتواصل الاجتماعي على الحج؟

برامج التواصل الاجتماعي في الحج
أحمد النجار
منى الحربي
مستشار التنمية البشرية والعلاقات الإنسانية بدر يماني
أحمد غريب
السيلفي في الحج
الانشغال بتوثيق لحظات الحج أكثر من الانشغال بالخلوة الروحانية
8 صور

لا تُخفى علينا بعض السلوكيات التي نشاهدها أثناء فريضة العمرة أو الحج من بعض الطائفين والساعين أو رامي الجمرات أو السائرين تجاه عرفات، وهم يلتقطون لأنفسهم «صور السيلفي» ويوثقون تلك اللحظات عن طريق الفيديو أو برنامج «سناب شات»، وحتى على البث المباشر من مستخدمي «الانستجرام»، و«تويتر»، والـ«فيس بوك».


ونحن هنا لسنا بصدد الفتوى بالتحليل أو التحريم، بل لمعرفة مدى تأثير مثل هذه السلوكيات على نفس ومشاعر الحاج الروحانيَّة.


«سيدتي» سألت قراءها هل يحرصون على استخدام هواتفهم المحمولة أثناء الحج لغرض متابعة برامج التواصل الاجتماعي، ونشر لقطات من الحج لمشاركة أصدقائهم؟

أحرص على توثيق حجتي
شيماء طارق (20 عاماً) طالبة، تحرص على التقاط بعض الصور للذكرى ومشاركة الأصدقاء أثناء الحج وتقول: لا أعرف متى سأعود مرَّة ثانية للحج وربما تكون حجة واحدة بالعمر. لذلك أحرص على توثيقها، لكن لا أظن بأنّني سأتابع برامج التواصل الاجتماعي وأخبار العالم والأصدقاء.
ويوافقها أحمد غريب (19 عاماً) طالب، بأنَّ التصوير ولو بقليل من الصور مع مناسك الحج جميل جداً، لكن يجب أن يكون الوقت الأكبر للعبادة.


الـ«واي فاي» يحتجز الحجيج في الخيام
أحمد النجار (47 عاماً) فنان تشكيلي يقول: أديت فريضة الحج مع وجود برنامج الـ«واتس أب» فقط وقبل ظهور البرامج الأخرى وأرسلت بعض الصور من خلاله، والملاحظ أخيراً أنَّ معظم الناس ماكثون في خيامهم عاكفون على الـ«واتس أب» لوجود الـ«واي فاي» فيها.


الحج في ظل الـ«سوشيال ميديا»
وتواصلت «سيدتي» مع مستشار التنمية البشريَّة والعلاقات الإنسانيَّة، بدر يماني، ليحكي لنا بداية عن صديق له ذهب لألمانيا وانضم لأحد برامج التأمل مدَّتها 7 أيام وكان من أسس البرنامج الانعزال التام عن الجوالات والإيميلات وعن الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي وحتى عن الطعام الدسم ليلتقي فيها بذاته وروحه وبأفكاره وبنقاط قوته وضعفه، وهذا هو التأمل الحقيقي، وأضاف: الحج هو تأمل بمعنى الكلمة، ففيه تصفى النفس استعداداً لمزيد من الطاعة، فالإنسان في الحج يخرج من كل مادة، من لباسه ومن الطعام الدسم ومن المركب الفارِه ومن بيته وغرفته وعالمه المستقل ليكون بين الناس في مشاعر طبيعيَّة غير مزيفة، ويحصل على حقيقة الحج النقي الذي لا يمكن أن يكتمل بالانشغال بالتصوير ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعي والدخول على مجموعاتها، التي تضم عموم الناس والرسائل الصالحة وغير الصالحة.


وهنالك خمس أسئلة يجب أن نسألها أنفسنا لنعرف كيف نحج، وماذا نريد من الحج في ظل الـ«سوشيال ميديا»:
ـ هل نحن بخير أم نحن فعلاً مصابون بحالة من الادمان وليس لدينا وعي بأنَّنا مدمنون؟ هذا تحدٍّ لي ولكل حاج، هل نستطيع فعلاً أن نتوقف لمدَّة 7 أيام لنتأكد أنَّنا غير مدمنين وغير مرضى بمواقع التواصل الاجتماعي؟
ـ هل لدينا الجرأة في هذه السبعة أيام أن نواجه ذواتنا وأنفسنا وأن نلتقي بأفكارنا ونراجعها ونحاسبها؟
ـ هل نستطيع أن نجد اللذة والأنس بالله وبمناجاته والاختلاء به ونستشعر الجنّة التي سنعيشها نتيجة لذلك والتي ستكون طريقنا لجنَّة الآخرة؟
ـ هل نستطيع أن نكون إضافة مباركة لكل حاج حولنا، وأن نجعل حجَّنا رائعاً ومباركاً في خدمة من نلتقي بهم من الحجيج؟
ـ وسائل التواصل الاجتماعي نهتم بها لنكوِّن مكانتنا وصورتنا لدى الآخرين فهل سألنا أنفسنا ما هي مكانتنا عند الله؟ نبحث كثيراً عن المكانة في الأرض ولكن ماذا عن المكانة في السماء؟


وأخيراً يقول: لو عرفنا الحج على حقيقته سنحترمه ونحبه ونذهب إليه بشكل مختلف بعيداً عن كونه فريضة نريد التخلّص والراحة منها كركن واجب من أركان الإسلام.

الحج رحلة.. وأنت مسافر إلى ربك
لمعرفة حقيقة الحج من زاوية مختلفة تواصلت «سيدتي» مع المستشارة التربويَّة، صباح باخشوين، التي أوضحت: أنَّ الحجَّ فرصة للبعد عن كل ما هو مرتبط بالعالم المادي، وكأنَّه رحلة تحرِّرك من جميع الحبال المتصلة بالآخرين لتقوية الحبل الرابط والمتصل بينك وبين الله، وجمال تلك الرحلة أنَّها سفر إلى ربك للاستماع لما سيُقال لك ويُوحى ويُهمس إليك، ستستشعر الفتوحات بداخلك والحلول لكل ما استصعب عليك حله وأتعبك همُّه، تلك الفتوحات والهمسات بحاجة إلى هدوء داخلي وصمت وسكون لجميع الأفكار الخارجيَّة المرتبطة بالعالم الدنيوي، وستسأل هل يمكنني أن أتحكم بالأفكار وأصمتها سأجيبك بنعم تستطيع، فقط ابتعد عن ما يثير الأفكار كالمُلهِيات التي حولنا وأهمها وسائل التواصل الاجتماعي وحب مشاركة الناس بالصور والاهتمام بتعليقاتهم.


الحل «جوال أبو كشاف»
وتستكمل باخشوين: برأيي من قرر أن يعيش تلك الرحلة بمعناها الحقيقي أن يكتفي بأخذ هاتف محمول يخلو من وسائل التواصل الاجتماعي «الجوالات القديمة»، التي ستؤدي الغرض الضروري للتواصل وطمأنة الأهل، فأنت في هذه الرحلة أتيت مُحرماً خالياً من كل شيء إلا من الرغبة في القرب من الله، فأحياناً توثيق اللحظات بالقلب أعمق بكثير من توثيقها بكاميرا الهاتف المحمول أو على حسابك ببرنامج تواصل اجتماعي.