الفيلم التركي "بهجتي الحياة" .. حين يتربى الأمل في الأزقة الفقيرة

حياة بمشهد من الفيلم
رئيسية حياة والجد والأب من الفيلم
حياة تعتني بجدها
3 صور
الفقر، التعب، ضيق الحال، كل هذه الظروف المُجهدة للإنسان وعلى الرغم من صعوبتها، إلا أنها لا تمنعه على الإطلاق من أن يعيش الحياة كما يريد، ويبحث عن الفرح وعن قيمه ومثله العليا، ومنظومته الأخلاقية الخاصة، ولا يمنعه من اثبات نفسه في محيطه وفي خارجه، ولا إبداء مشاعره وحبه لمن حوله، وذلك كله في الفيلم التركي "بهجتي الحياة" للمخرج ريها آردم، والذي عرضته لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان في مقرها الكائن في العاصمة الأردنية عمان.

بين الطبيعة الجميلة وضيق الحياة
تجري أحداث هذه الحكاية على الجانب الآسيوي لمضيق "البسفور" في مدينة اسطنبول التركية، في بيت عائلة تتكون من الجد المريض، والذي هو طريح الفراش منذ فترة، وابنه الذي يملك قارب صغير يؤمن من خلاله دخلاً متواضعاً يعيل فيه نفسه وعائلته، والحفيدة "حياة" التي تبلغ من العمر الرابعة عشرة، والذين يسكنون في منطقة بسيطة وفقيرة مهمشة، وعلى الرغم من جمال هذه المنطقة الطبيعي، إلا أنها تقاسي من الظروف الصعبة والخارجين عن القانون، الحياة الذي تحتاج جهداً مُضنياً للعيش.

تعيش هذه العائلة في منزل هو عبارة عن كوخ متواضع، حالهم كحال الكثيرين من الذين يعيشون حولهم، وتركز أحداث العمل على "حياة"، التي على الرغم من انفصال أبويها، والمرات القليلة التي ترى أمها فيها بين حين وآخر، كونها قد تزوجت من آخر وأنجبت طفلاً جديداً بات يأخذ وقتها واهتمامها الكاملين، وعلى الرغم من فقر حياة وعائلتها وظروفهم القاسية، إلا أنها تتحلى بالشجاعة وبالقدرة على التحمل والأمل لمواجهة هذه المحن، وإيجاد إمكانية ممكنة لعيش حياة أفضل.

اعتمد المخرج التركي آردم على تقديم العديد من المشاهد المختلفة والتي قد تبدو غير مرتبطة للمشاهد، ودون أن يعطي أي تفسيرات أو مبررات لما يحدث، فأن الأمر عبارة عن أحجية سينمائية مدهشة، بكوادر تحوي قدراً كبيراً من الإبداع، وحتى يُكمل حبكته الغريبة هذه ويجذب المتلقي، يقدم آردم عدداً من الأغاني الموسيقية، التي وجد لها توظيفات عديدة مع أحداث العمل، مثل الأغنية الأولى وهي "أنت سعادتي وإشراقي"، والأغنية الثانية "أنا احبك"، التي تشكل نقيضاً لحياة الصبية المراهقة بطلة الفيلم "حياة" التي تلعب الدور الرئيسي، فهذه الصبية غير قادرة على التواصل مع من حولها، ونحس أحيانا أنها لا تتكلم لكنها تهمهم كثيراً.

ولإكمال الصورة المرئية والمشهدية السينمائية، ذهب آردم إلى أفكار إبداعية عديدة، منها التلاعب بالضوء والظلال والألوان بحسب الحالات الدرامية، بالإضافة إلى استخدامه للأصوات المجهولة والغريبة المصاحبة لمشاهد وسير العمل استعانته بصوت عاصفة أو صوت تحطم زجاج وغيرها من الأصوات الطبيعية واليومية، ومن جانب آخر يظل هذا العمل من الأعمال التي تطرح شكلاً حقيقياً وواقعياً للحياة التركية الحديثة، وللشعب لتركي وما يعيشه في يومياته، من صعوبات وتحديات من جهة، ومن قوة عزيمة وأمل من جهة أخرى.