مطلقات تونس.. رحلة الصيف والشتاء!

3 صور

هناك مثل شعبي يتداوله التونسيون فيما بينهم، يقول: «في الصيف في الصالة، وفي الشتاء في قصر العدالة». و«الصالة» هي قصر الأفراح حيث تقام حفلات الزفاف، و«قصر العدالة» هي المحكمة، والقصد من هذا المثل هو أنه في فصل الصيف يتم الزواج وفي الشتاء الذي يليه يتم الطلاق.

هذا المثل أثبتته دراسة أعدتها جهة رسمية، بينت أن عدد حالات الطلاق في العام قبل الماضي بلغت 9127 حالة، مقابل ستة عشر ألف حالة زواج، وأظهرت الدراسة أن أسباب الطلاق مرتبطة بالأوضاع الاجتماعية والمادية، وأيضاً بالخيانة والغيرة وبعض المشاكل الجنسية وعدم التوافق الثقافي والاجتماعي، كما بينت الدراسة أن أكثر حالات الطلاق تتم في السنوات العشر الأولى على الزواج.

اعترفت منى، 27 عاماً، أنها تزوجت بعد قصة حب جميلة، ورغم أن عائلتها لم تكن راضية عن هذا الارتباط، لما عرف به الشاب الجار من تعاطي الخمر، فهددتهم بالانتحار. وتؤكد منى أنها حاولت إصلاح زوجها لكنها لم تنجح، فاضطرت إلى طلب الطلاق رغم معارضة الزوج.
من جهتها، أحبت سميحة، 20 سنة، شاباً تونسياً يقيم بكندا، وعدها بأن تسافر معه إلى بلد إقامته، ولكنه أخلف وعده بعد أن تزوجها، وتركها وعاد إلى كندا، ثم طلقها ولم يعمر الزواج طويلاً.

خيانة
وكذلك كانت حال سميرة، التي تزوجت بدورها بعد قصة حب، وأقامت مع فتى أحلامها في إيطاليا، وعملت على مساعدة زوجها، وجمعا رأسمال جيداً، ثم عادا إلى تونس، وأسسا معاً مصنعاً وورشة لصنع السجاد التقليدي، إلى أن جاءت موظفة بالمصنع تخبرها أن رفيق دربها ارتبط مع إحدى العاملات في المصنع بعلاقة عاطفية. ، ودخل الزوج وخليلته السجن بتهمة الزنا، بعد أن تم التخطيط لضبطهما في حالة تلبس.

أما هيام، فقد أصيبت بصدمة وانهيار عصبي بعد أن اكتشفت أن زوجها شاذ جنسياً، وله علاقات مشبوهة، فطلبت الطلاق وانفصلت عنه.
من جهتها تقول منجية: إنها تزوجت بعد أن تعرفت على خطيبها لمدة عام كامل؛ فقد تقمص طيلة فترة التعارف شخصية رجل محب وودود وكريم، ولكن بعد مدة قصيرة من الزواج أظهر وجهه الخفي، وهو وجه رجل مريض بالغيرة إلى حد شعرت معه بالاختناق، وكان كثير الشك، إلى جانب أنه كان بخيلاً، وغير ودود مع أهلها، فلجأت إلى طبيب نفسي، وهو ما لم يعجبه، وبعد طول تفكير طلبت الطلاق وحصلت عليه.

الرأي النفسي
يرى الدكتور عماد الرقيق، أكاديمي وأخصائي في الأمراض النفسية والعصبية، أن النسبة الكبيرة من الطلاق في تونس ترجع إلى عدة أسباب، أهمها:
- عدم وجود تجانس لدى الناس، رجالاً أو نساءً، والصعوبات المادية، والنمط الاستهلاكي المفرط؛ وعدم تقاسم المسؤوليات بين الزوجين يتابع الدكتور عماد: "كذلك لا يوجد «حكماء» في الوسط العائلي للمساعدة. وكثرة الضغوط الحياتية والصعوبات المادية يشعر المرأة بالوحدة والعجز عن مواجهة الصعوبات، والنهاية هي الطلاق".

الرأي الاجتماعي
من جهته، يرى عبدالرزاق التميمي، أستاذ وباحث اجتماعي، أن الطلاق بات ظاهرة تستحق البحث في ملابساتها والأسباب الكامنة وراء تفاقمها؛ ومن الأسباب المهمة التي تقف وراءه الخيانة الزوجية، وغياب التواصل الاجتماعي بين الطرفين، وعدم التصرف الجيد في ميزانية الأسرة، وتسرب الملل والغيرة وغيرها.
وأبرز انعكاسات الطلاق على الزوجة هو شعور القلق والخوف من المستقبل، ونظرة المجتمع السيئة لها كمطلقة، مما يتسبب لها في أمراض نفسية، وإن معاناتها النفسية تكون أكبر بكثير من معاناة الرجل؛ إذ إنها بحكم التنشئة الاجتماعية واقتناعها أن الزواج ضرورة اجتماعية لابد منها؛ لأنها تمثل لها «السترة» بالمفهوم التقليدي..

التعدد ممنوع والعصمة في يد الزوجين
ألغت مجلة «الأحوال الشخصية» في تونس منذ صدورها عام 1956م تعدّد الزوجات، واعتبر الفصل 18 من المجلة المذكورة الزواج بثانية جنحة يعاقب عليها بالسجن والتغريم، أو بإحدى العقوبتين. أما الطلاق فهو لا يتم إلا في المحكمة، وهناك أصوات ارتفعت بعد الثورة تنادي بمراجعة المجلة، وخاصة مسألة منع تعدد الزوجات، ولكن المجتمع المدني والنساء واجهوا هذه الأصوات.
حدد المشرع التونسي في مجلة الأحوال الشخصية ثلاثة أنواع من الطلاق: الطلاق بالتراضي؛ والطلاق للضرر؛ والنوع الثالث هو طلاق إنشاء؛ إذ لسبب أو لآخر لا يمكن إثبات الضرر، ولا يمكن الاتفاق على الطلاق بين الطرفين بالتراضي، وهو طلاق مفروض من أحد الطرفين على الآخر، ومن حق المرأة أن تطلبه، وليس للمحكمة إلا إن تستجيب لرغبة الزوج أو الزوجة مع ضمان الحقوق المالية والغرامات.

دراسة
في دراسة رسمية، تم نشرها مؤخراً، أظهرت أن نصف عدد قضايا الطلاق تقريباً تمّت بطلب من النساء، وأن 38 % من طالبات الطّلاق هن موظّفات أو عاملات، لتكون أسباب الطلاق مرتبطة بالأوضاع الاجتماعية والمادية، وأيضاً بالخيانة والغيرة، وبعض المشاكل الجنسية، وعدم التوافق الثقافي والاجتماعي، وتبين أن من بين أسباب طلب الطلاق هو عدم الإنجاب.