أغرب عادات الأعراس في بلاد المغرب العربي

2 صور

تتعدد عادات وتقاليد الأعراس وتختلف وفقًا للثقافات والأعراف... بعضها قد يبدو مبررًا والبعض الآخر قد يبدو غريبًا... بيد أنّ الانفتاح الثقافي الذي نحياه الآن قد جعل عند الكثيرات من العرائس التعرف على مختلف التقاليد الخاصة بالعروس وربما تطبيق بعض الأفكار الخاصة بها كنوع من التغيير والخروج عن نمط المألوف وجذب الانتباه... "سيدتي نت" في هذا التحقيق تطلعكِ على أبرز وأعجب تقاليد الأعراس المغربية.

العمارية:
فمن بين عادات الزواج الذائعة في المغرب نجد عادة حمل العروس في ليلة زفافها فوق هودج والرقص بها وهي فوقه، ثم الطواف المتحرك بها على إيقاع راقص, ويطلق المغاربة اسم «العمارية» على هذه العادة القديمة التي هي من بقايا طقوس سحرية- دينية قديمة جدًا تعود دون شك إلى فترة ما قبل دخول الدين الإسلامي، ولها دلالات بات ممارسوها يجهلون أصولها اليوم.

و«العمارية» لم تكن عادة حضرية تمارس في المدن فحسب، بل كان أثرياء البوادي يشرفون بها بناتهم أيضًا, وثمة اختلافات في أشكال العمارية وفي الطقوس المرافقة لها، ففي منطقة الغرب (التي تطلق في المغرب على منطقة الشمال الغربي) كان الناس يضعون العمارية فوق ظهر الفرس التي تحمل العروس؛ لاعتقادهم في أنّ ذلك يجلب لزوجة المستقبل مولودًا ذكرًا من حملها الأول. أما في أحواز طنجة فكانت «العمارية» تصنع من قبل العريس، ومن أشجار الزيتون، بينما في فاس التي كانت موطن نخبة التجار والعلماء عبر مراحل تاريخ المغرب، فقد كان هودج العروس ينقل- حسب وسترمارك- إلى منزل العريس «إذا كان شريفًا: أي يعود نسبه إلى آل البيت الشريف) من طرف الأشخاص الذين يمتهنون نقل الأموات فوق المحمل "النعوش".

الحناء:
تعد طقوس الحناء جزءًا أساسيًّا من الطقوس الاحتفالية التي ترافق الزفاف في المغرب، وتنال أهميتها البالغة من حيث إنها تتجاوز حدود الفسيفساء التجميلية التي تزين- ظاهريًّا- أيدي وأرجل النساء لتأخذ بعدًا سحريًّا تضيع أصوله الأولى في ليل التاريخ.. وكما قال (فوندرهايدن) فإنّ الحناء خلقت في حياة الناس جملة من الطقوس والتقاليد السحرية تنتمي إلى ماضٍ سحيق يأتينا عبرها محملاً بالرموز والعلامات، واستمرار الحضور القوي للحناء في مغرب اليوم داخل العوالم الحميمة للنساء مرتبط عضويًّا باستمرار تداول القيم الرمزية التي تمزج الدين بالأسطورة، لتمنحها نوعًا من القداسة في الثقافة الشعبية.

حكاية الزواحف
من المعتقدات المغربية المرتبطة بالحناء والزفاف أسطورة تروي أنّ السحلية الخضراء (وهي من الزواحف الجميلة المنظر وغير المؤذية) كانت في الأصل امرأة وأصل مسخها أنها كانت شابة جميلة الخلقة لم يكن مضى على زواجها سوى وقت قصير عندما ذهبت إلى الحمام البلدي للاغتسال، وحين عودتها مزينة اليدين والرجلين بالحناء باغتت زوجها وهو يخونها مع شقيقتها لم تتحمل العروس الصدمة وهي لا تزال بعد في أيام زفافها الأولى، فتمنت أن يتم مسخها فتأخذ هيئة حيوان لا يشعر كي لا تحس بعد ذلك بالآلام التي كانت تمزقها، وهذا ما حدث فعلاً ومسخت في صورة سحلية خضراء، هكذا تقول الأسطورة.

وتذهب أسطورة أخرى إلى أنّ نيل رضا ملكة الجن (لآلة رقية بنت الملك الأحمر)، التي تحرس الحمامات العمومية التي ترتادها النسوة باستمرار من أجل الاغتسال يقتضي من المرأة أن تضع الحناء على أطراف جسمها قبل أن تذهب للحمام، وتوقد قبل الدخول إلى قاعة الاغتسال البخور الطيب...

طبق وريقات الحنة والبيض!!
ومن العادات التي لا تزال متبعة في احتفالات الزفاف هناك نذكر عادة تقديم طبق وريقات الحناء المجففة وفوقه بيض الدجاج ضمن الهدايا التي تحمل للعروس, ويأخذ هذا النوع من الهدايا رغم قيمته المالية البسيطة أهمية كبرى مع ذلك، فالحناء تطحن لتطلي العروس بها أطرافها من طرف سيدة «معلمة» خبيرة بالحناء؛ وتدعى "الحناية". وفي الصباح الذي يلي ليلة الزفاف تقوم العروس بسلق البيض لتأكله مع شريك حياتها المقبلة، وفي اعتقادها أنّ بياض البيض فأل خير سيجعل حياتهما كلها بيضاء وخصوبة؛ هنيئة وخالية من المشاكل.

حنة مزوارة
ومن الطقوس الأخرى المرتبطة بالحناء والزفاف في المغرب الحفل المسمى «حنة مزوارة»، وجرت العادة بخصوصه أن تقوم أسرة العروس بجمع بعض الحناء من عند سبع نساء، وتخلط بالماء ليطلى بها جسم العروس قبل «دخولها»؛ أي قبل ليلة زفافها بيوم أو يومين، ويعتقد أنّ من شأن ذلك الطقس أن يزيل عن العروس كل عمل سحري قد يلجأ إليه خصومها أو أعداؤها لمنع زواجها.. و«المزوارة» هو لقب يطلق على المرأة المتزوجة للمرة الأولى، وهي التي تكلف بالبدء بوضع الحناء على جسم العروس تيمنًا وبركة، ثم تتكلف «الحناية» بوضع الباقي.
وأثناء وضع الحناء للعروس في مجلس خاص تغني النساء بعض الأهازيج الشعبية التي يحفظها للمناسبة، ومنها:
"سيري ولا تخافي يا لآلة... تلقي السعد الوافي يا لآلة
سيري بالسلامة يا لآلـة... تلقي بوعمامة يا لآلة"

ويتضمن معنى الأهزوجة دعاء للعروس أن تكون سعيدة في حياتها، وأن يلقاها «شيخها بوعمامة»؛ أي حماها بالصدر الرحب والقبول.
وتتعدد مخاوف أهل العروس من أن تتعرض ابنتهم لمكروه من قبل الخصوم الحساد أو الأعداء، فقد يلجأ شخص رفضت العروس الزواج منه - أو أهله- إلى الانتقام منها ليلة عرسها، بتسليط عمل سحري عليها، بحيث يفسد عليها سعادتها، أو قد تلجأ فتاة عانس أعمى الحسد بصيرتها إلى السلوك نفسه، ولذلك تكلف والدة العروس في السر امرأة أو مجموعة من النساء اللواتي تثق بهنّ، من أجل مراقبة الحفل ومنع كل ما قد يحصل من الأفعال المؤذية.

كسر البيضة
وفي بعض المناطق المغربية تعمد «الحناية» قبل وضع الحناء إلى كسر بيضة على رأس العروس أملاً في أن تكون المرأة مخصبة كثيرة النسل، وبعد أن تكون العروس في كامل زينتها توقد الشموع وتطلق البخور الطيبة التي تبطل مفعول السحر الأسود _حسب المعتقد_، ويبدأ حفل الحناء وتمنح أم العروس للحناية التي «تنقش» لابنتها الحناء «الحلاوة»؛ وهي عبارة عن قالب من السكر ونقود تقدمها إليها أيضًا النساء المدعوات للحفل, ومع الحناية التي تكون منشغلة بنقش الحناء للعروس، تردد النسوة الزغاريد والأهزوجة التالية:
"سيري لدارك ويا لآلـة... سيري لـدارك تنبتـي
ثـمـة ويــا لآلــة... سيري يا وريقة العرعار
سـيـري لـــدارك... مـا تشوفـي عـار.."

وإذا شعرت والدة العروس بأنّ ثمة عملاً من أعمال السحر الأسود موجهة ضد ابنتها فإنها تقوم بتبخيرها بالدخان الذي يطلقه رمي العرعار والفاسخ والكبريت وشوك القنفذ وقطعة من درقة السلحفاة البرية في نار حامية، أو رمي حرباء حية فيها.