أقلام ونجوم

بالأمس أحببتك

اليوم أصبحت ذكرى عابرة، كم أنت ساذج أيها المخادع الصغير، تبعثرت الصور في ذاكرتي وتداخلت المواقف، هنا رأيتني.. وهنا عانقتني.. وهنا همست بأذني «أحبك لا ترحلي وتتركيني وحيدًا.. مهلاً!».. هنا رأيت بعينيك نظرة الكراهية وقرأت بداخلها أنك لن تعود لي وأنك رأيتني فقط لتودعني، وفعلاً كانت نظرة الوداع كما أسميها، أنت من وضع النهاية وحاك خيوطها، وقتها فقط أدركت أننا لن نعود كما السابق وأننا لن نلتقي، ولن يمر الصيف والشتاء، والأعياد والمناسبات ونحن معًا

أحببتك بقدر ما تعشق الأرض قطرات المطر، كم وكم لوَّعت قلبي العاشق المسكين

وقذفت به في بحور الظلمات، أريد أن أخرج من ذكراك، وأن أنظف من وحلك

بعد أن أغرقت نفسي معك، وعاهدتك ألا أتخلى عنك كما طلبت مني، ولم أكن أعلم أنك تستمد قوتك بي، وبعد أن أنقذتك أغرقتني وتركتني وحيدة أصارع ذكراك المريرة، أتذكر كم غفرت خياناتك، وكم تغاضيت عن أخطائك، وأنا أكتب هذه الأسطر أحاول نسيان لوعة غيابك، أحاول التمرد على ذاتي.. أحاول كسر روتيني

أحاول تغيير كل ما كنت أفعله لأجلك، وأحاول أن أمحو كل ما يذكرني بمشاغباتنا، وضحكاتنا حتى قهوة الصباح امتنعت عنها؛ لأن رائحتها تذكرني بك، أحاول.. وأحاول.. أريدك أن تذهب أدراج الرياح والحسرة تملأ قلبك.. كلي يقين بأنك ستعود.. لكني لن أعود.

ياسمين الحربي

 

 

 هذه هي أنا!

أيعقل أنني كنت قاسية القلب، أيعقل أنني بالغت بالأمر؟ أيحق لي أن أرفع صوتي

وأقسو بهذه الطريقة.. أين أنا؟ أنفد صبري أم كان لابد أن أواجه بكامل قوتي؟

أين الخطأ.. غضبي أم تمرده؟

أكره تهوري، لكنه هذه المرة مختلف؛ لأنه امتزج بالدموع، لشدة قهري أن أكون أنا..

أن أكون مجبرة على شيء لا أحبه، ويطلب بكل هدوء مني، وعليّ أن أتقبل ما يدور ببساطة، أين الخطأ أن يكون العدل دون ميزان؟! أن أحقق رغبة الجميع وأصاب بالهذيان، لا داعي لأعرف الخطأ فصرخاتي كانت صادقة عفوية.. هذه هي أنا.

هدى كريم – السعودية

 

 

حالة زوجين

يَلعنُ اليوم الذي تزوجها به عند أي خلاف معها أو اضطراب يتعرض له.. ثار من سخونة فنجان القهوة.. فلعنها ولعن يوم زواجهما، هي غادرت المطبخ وعادت لتضع ألبوم صور زفافهما أمامه، وتركته وحده.. في الصور كُلِّها لم يكن ينظر للمدعوين ولا للمصور، بل تحدق عيناه بعروسه وابتسامة عريضة تضيء وجهه.

تتهمه بالبخل والشح عند رفض أي مطلب لها سواء فاق قدرته المادية أو المنطق أحيانًا. تدفقت صفات البخل والتقتير تباعًا عندما رفض شراء غرفة صالون جديدة أسوةً بجارتها، أخرج من جيبه فاتورة مشتريات تتضمن حاجيات لها وللمنزل ووضعها أمامها وخرج.. طول الفاتورة 60 سنتيمتراً.

لمى ضرغام

 

 

القمر المنشورغبار

العولمة حبلى بجمرات الحمم. أرادت الإعلان عن نفسها في سنوات عجاف من القرن العشرين، حملت أصنام الكراهية، الخيانة، التملق، وبسرية تامة احتفلت بولادتها.

توافق

يومًا صادفه مركب سارٍ في عمق النهر، خفق شراع قلبه، وتلألأت فجوات دمه في قاع وجدانه، فسجل نفسه مسافرًا في حلم الفنار.

عابرة

عطست موجة من الخراب، قرب شراع تداعبه رغبة بالأمل، حوَّلت السكون إلى صراع في دوامة.

نفس

 دق ناقوس الربيع، اتحدت الأزهار، أسرع الحب يهتف على الأعشاب باغتهم طغاة؛ باغتصاب لحظة الفرح.

رحاب الصائغ – العراق

 

 

 امرأة تستعد للحب

عندما يقرر قلبي أنك -لا محالة- ساكن بداخله، بل صرت تغزل كل مشاعره، وغدوت أنت.. أنت.. أنت متفردًا بهمساته وأنّاته وأمنياتهِ، ورحت تصول وتجول في رحاب قِلاعهِ، وأخذت تشدو بأحلام الصبايا، وتذبح الوحشة في عقر داره... حينها أريدك هنا أمامي امتثالاً لأمره!

أريدك أن تخرج من ذاك الجدار، من أي جدار، أريدك في المرايا ونافذتي وحتى في الستار... أريد.. أن أحُس بدفئك في الجوار! أريدك في خيالاتي وخطواتي وكلماتي... أريدك في الحوار! أريدك بين أهدابي في هدأة الليل وصخب النهار!أريد أن يفنى الانتظار.

أعانق فيك كل شيء حتى رموش عينيك، وأعشق فيك كل شيء والبسمة الحلوة على شفتيك! أستنشق أنفاسك في كل شيء، ورذاذ عطر على كتفيك، وأزين باسمك كل شيء. عقدي وفستاني ومنديلاً أمسكته بيديك. وكل شيء وأي شيء يغزوك في مخيلتي أحيله أسيرًا وأهديه إليك!

هلا الطيب

 

 

انتظارٌ... وقدر

كانت تلقاه كل يومٍ عند الجبل تحادثه ويحادثها وترتسم على محياهما ملامح الخجل، تلاطف بوجوده أنسام الصباح والمساء، وتشرق الحروف من بين شفاهها كلما ذكر اسمه أمامها، وكان يعشقها حد الجنون ويغار عليها من كل إنسان، تسير الأيام على العاشقين تدخلاتٌ، همزٌ ولمز وبعض التيارات المعارضة بحقٍ وبغير حق، يكبران وتكبر المشاعر وعدٌ وعهدٌ لا يميتهما إلا الموت، وجبلٌ ما زال يتجدد على ترابه اللقاء..

تمر بعض السنين، تكبر لتدرك ملامح أخرى للقدر، تمامًا كملامح وجهها حين سافر يطرق أبوابًا في غير بلاد تهم بفك ثنايا ثوبها المحبوك، وتعد قطرات المطر وأوراق الشجر وشقائق النعمان ونسمات صيف.

 تتوالى السنون وتزيد نضجًا وجمالاً وانتظارًا، يُطرق بابها ويَكثر الخُطاب ولا شيء في أعماقها يصمت بإيجاب، تتوالى السنون مع ظهور تفاصيلها بأشياء تشبه التجاعيد وأشياء تشبه الأمل، ثم تتبدل تفاصيل الحياة وتنقلب دفعةً واحدة، هو يعود لدياره متغير الحال والأحوال، وهي لا تنتظر من حاله إلا وقفةً على الجبل تبدد ظلامًا خلفه الانتظار، تمر الأيام بوجوده كلمح البصر، وتبدأ الحكايات والكلام متى وأين وكيف؟ حتى طرق بابها وسألها: أتقبلين الزواج بي؟

يمر الوقت، يتحول الخيال حقيقة، تزين وجهها. تسرح شعرها وتلبس الأبيض، وأخيرًا تسكن بيت الأحلام، وتبتسم لأيامٍ قادمة تأنس بها في ظل اختيارها من بين البشر.

تمر الأيام... أيام باردة وكوب قهوةٍ مرة وأَحداثٌ لم يُحدثها بها الهوى، شخصٌ آخر لا علاقة له بمن أحبت مطلقًا، شخصٌ تشغله الأوراق والملفات نهارًا ويعانق الهاتف وهمس الكلام ليلاً، أيتلاعب بها القدر، أم يحاول غزل حقيقة أنها ضحية بعض المجاملات في حياته أمام عينيها؟ تجردها الليالي من ماء عينيها، هكذا حتى رست سفينتها في جلسة مواجهة وصراحة.. حديثٌ طويل وتنتهي الجلسة بسؤاله الجواب «أقول لك إن مشاعري أحرقتها المسافات بعد كل ما رأيت في وجهك من لهفةٍ، شوقٍ، وانتظار؟».

سكون رهيب لساعات، لأيام، لشهور وسط الكون تجد نفسها أمام أحد خيارين: استعادة ما فقدت أو فقدان ما استعادت، تفكر مليًا بكلا الطريقين، وتحتار أي الصعبين قد تختار؟

صور الناس من حولها تناظرها بشفقة، وبعضهم يهز برأسه متأسفًا على ما آلت إليه أحوالها بعد سني الانتظار، وأهلها وصراعها معهم ورفضهم لانفصالها ولومها على ما صنعت لنفسها من جحيم.

تبدأ مشوارها الجديد.. تختلق من تحت لسانها الكلام، تقلبُ القضايا والحكايات والمواقف، تزيد جرعة العناية والاهتمام ورقة، فوردة، فسهام عشقٍ تنبعُ مياهه من جديد، تغيب عنه ليشتاق تهامسه ليصحو، تناصره تآزره وتسكنه فيسكنها، وتعيش أيامها تفك ثنايا ثوبها؛ لتحيكها من جديد ولا تملُ الانتظار.

هبة فراش