في الاحتفال بيوم التأسيس.. كيف كان دور المرأة في عصر التأسيس؟

دور المرأة والاحتفال بيوم التأسيس
كان للنساء دور البطولة في بناء المجتمع داخل الأسوار- الصورة من الحساب الرسمي ليوم التأسيس على منصة X
لم تغِب المرأة السعودية عن تاريخ وأحداث وطنها، وسجّلت حضوراً واسعاً، ولم تنظر القيادة للمرأة بمنظار ضيّق؛ بل كانت محل حفاوة وتقدير بدأت منذ يوم التأسيس، ولم تتوقف، باعتبارها عنصراً أصيلاً في بناء الوطن؛ إذ ظلت المرأة السعودية منذ التأسيس قادرة على التحدي والصمود، وحاضرة بمبادرات بطولية حتى وقتنا الحاضر، ولقد تبوّأت مكاناً يليق بها، من توليها مناصب سياسية وتعليمية واقتصادية وغيرها من القطاعات المهمة في البلاد، كالعالمة والباحث والطبيبة والمهندسة والإعلامية والمستشارة والسفيرة .. إلخ، وبالفعل لقد بُني هذا الوطن بسواعد وجهود أبنائه بكافة فئاتهم رجالاً ونساء.

المرأة في الدولة السعودية الأولى

ويعَد يوم التأسيس استذكاراً لامتداد الدولة السعودية من ثلاثة قرون، وإبرازاً للعمق التاريخي والحضاري لها، واحتفاء بالإرث الثقافي المتنوّع، ووفاء لمن أسهم في خدمة الوطن من الأئمة والملوك والمواطنين. وعند الحديث عن الدولة السعودية الأولى (1727م- 1818م) وقيام ذلك الصرح السياسي الذي غيّر مجرى التاريخ، تَرِد إلى الأذهان تلك الأحداث والمواقف البطولية، وإن كان للرجال دور البطولة في ساحات المعارك خارج الأسوار؛ فإن للنساء دور البطولة في بناء المجتمع داخل الأسوار.

الوطن في عيون المرأة السعودية..أمسية ثقافية في الرياض

  • موضي بنت سلطان أبو وهطان

لعل من بين تلك النساء التي ذكرها المؤرخون بأنها ذات عقل ودين ومعرفة، موضي بنت سلطان أبو وهطان زوجة الإمام محمد بن سعود. إضافةً إلى نظرتها الثاقبة ورؤيتها الحكيمة، يبدو أن موضي بنت أبو وهطان كانت متديّنة تحب الإحسان إلى المساكين ونفع عموم المسلمين. ولعل الإمام عبدالعزيز بن محمد حين بنى وقف مسجد وسبالة موضي في حي الطريف، كان يستذكر أعمال موضي الجليلة ويريد لها أن تستمر، وقد خُصص هذا الوقف لخدمة الزائرين من مختلف الطبقات.
  • غالية بنت عبدالرحمن البقمية

ومن النساء اللواتي سجلن دوراً بطولياً في مجتمع الدولة السعودية الأولى، تلك المرأة التي كان لها دور بارز في تلك الحقبة، وهي غالية البقمية، وذكر المؤرخ جوهان لودفيج في مذكراته، أنها سيدة معروفة بسداد الرأي، والمعرفة الدقيقة بأمور الحرب، وشؤون البادية التي تحيط بها. كانت غالية البقمية من مناصري الدولة السعودية الأولى ومؤيديها، وقد سخّرت ثروتها لخدمة المدافعين عن الوطن والتصدي لحملات الدولة العثمانية المعتدية. كما عُرفت بالكرم، وكان بيتها مقصداً للمحتاجين والفقراء وملجأ لرجالات الدولة السعودية الأولى المخلصين، وكان لغالية دور في دعم تلك الجهود. كما أن هناك بعض الأمثلة للعادات والتقاليد الاجتماعية لدى المرأة في الدرعية؛ فقد كان للمرأة السعودية دور اجتماعي بارز في تحمُّل الكثير من أعباء الحياة.
  • جليلة بنت الأمير عبدالمحسن بن سعيد (وقف خانشليلة)

ومن أبرز الأمثلة للنساء اللواتي اشتهرن بكرمهن وإيوائهن لعابري السبيل، جليلة بنت الأمير عبدالمحسن بن سعيد الدرعي؛ حيث أقامت استراحات وخانات للحجاج المارين بحجر اليمامة؛ ليرتاحوا بها مؤقتاً من عناء السفر ويتزودوا من الطعام والشراب. وأمضت عمرها في إكرام العابرين والمارين باليمامة، وقد أرادت جليلة أن يبقى هذا الأثر وقفاً لها بعد وفاتها؛ فجعلت تلك الخانات وقفاً لله، عز وجل، وقد عُرف هذا الوقف الذي يقع قرب منفوحة باسم «خان جليلة»، وقد حُرّف اسمه لاحقاً عبْر الزمن إلى "خان شليلة"، ثم حُرّفت ودُمجت الكلمتان لتصبح "خنشليلة".
  • هويدية بنت غيدان آل زميكان

أما السيدة الفاضلة هويدية بنت غيدان آل زميكان، ابنة الكرام وواحدة من فضليات النساء؛ فقد ناصرت الإمام تركي بن عبدالله (مؤسس الدولة السعودية الثانية) في أصعب المواقف التي واجه بها الأعداء؛ فكانت سنداً له وعوناً.
  • الجوهرة بنت فيصل بن تركي آل سعود

وتعَد الجوهرة بنت فيصل بن تركي آل سعود (عمة الملك عبدالعزيز)، نموذجاً فريداً من الشخصيات، التي قال عنها الملك عبدالعزيز: «لقد كانت تحبني فيما أعتقد أكثر مما كانت تحب أولادها أنفسهم، كانت عندما تنفرد بي، تضعني في حجرها وتنبئني بالأمور العظيمة التي كان عليّ أن أحققها إذا ما كبرت، ودائماً تؤكد لي أنني ذلك القائد الذي سوف تجد معه شبه الجزيرة العربية كل عِزة وتمكين»؛ حيث تردد على مسامعه: «عليك أن تحيي عظمة بيت ابن سعود»، وكان لهذه التوجيهات أثرٌ عميق في نفس الملك عبدالعزيز، وظل على الدوام يؤكد أنها المرأة الوحيدة التي كان لها تأثير قوي في مسار حياته.

وقد اهتمت الدولة السعودية الأولى بدعم المرأة السعودية؛ فقد كان الإمام عبدالعزيز بن محمد يحرص على أن تُرفع إليه حوائج النساء؛ خاصة الأرامل؛ فإذا اشتد الغلاء يخصص لهن من الأرزاق ما يسد حاجتهن ويكفيهن. وكان إذا مات الرجل، جاء أبناؤه إلى الإمام عبدالعزيز؛ فيعطيهم عطاء جزيلاً، وأحياناً يكتب لهم مخصصاً مالياً يُصرف لهم باستمرار.

للمرأة دور البطولة في بناء المجتمع

لقد ساهم قادة ورجال الوطن الأشم في بنائه وقدّموا لوحدته واستقراره الغالي والنفيس؛ فنقشوا مآثر زاهية في مسيرة الوطن المباركة. ولم تكن المرأة السعودية بمنأى عن المشاركة في بناء الوطن والذود عن حِماه؛ فقد سجلت صفحات التاريخ شواهد عديدة لنساء وضعن بصمتهن في بناء وتوحيد هذا الوطن، ولا غَرو في ذلك؛ فهي الزوجة والأم والابنة.
كان للنساء دور البطولة في بناء المجتمع داخل الأسوار- (مصدر الصورة: الحساب الرسمي ليوم التأسيس على منصة X)

الحرص على العناية بالمرأة وتثقيفها

بحسب كتاب "كتاب يوم التأسيس- الدليل الإرشادي"؛ فقد حرص أئمة الدولة السعودية الأولى على العناية بالمرأة وتثقيفها وتعليمها أصول الدين:
  • فقد بنى الإمام محمد بن سعود مسجداً كبيراً في الدرعية، تُلقى فيه دروس للرجال والنساء صباحاً ومساءً.
  • اعتنى خليفته الإمام عبدالعزيز بن محمد بتعليم المرأة؛ فبنى حول مسجد البجيري مجمعاً، جعل فيه قسماً للنساء تُلقى فيه دروس لهن في العلم والمعرفة، وقد ساهم هذا الأمر في وجود طبقة متعلمة من النساء يتقنّ القراءة والكتابة.
  • ساهمت المتعلمات من النساء في رفد الحركة العلمية في الدولة السعودية الأولى، ومنهن: فاطمة بنت محمد بن عبدالوهاب، التي كانت تعقد مجالس لتعليم النساء والرجال العلوم الشرعية، وكانت تجلس لتعليم طلاب العلم وتجعل بينها وبينهم ستاراً، وقد عُهد عنها الفقه وغزارة العلم.
خلاصة القول؛ فإن كل هذا الاهتمام بالمرأة السعودية ليس بالجديد؛ بل إنها لاقت مكانتها منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز (رحمه الله)، وحتى عهد ملك الحزم وولي عهده؛ إذ توالت القرارات والأوامر التي تستهدف الرفع من شأن المرأة السعودية؛ لينالها الحظ الأوفر من النهضة العملاقة التي تشهدها المملكة اليوم؛ فتكون عاملاً مساعداً في مسيرة التطور ودعم عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؛ لتتعدى إنجازاتها العالمية، وتصبح مثالاً مشرفاً يُحتذى في العالم العربي والإسلامي؛ بل على المستوى الدولي أيضاً.
حظت المرأة السعودية بمكانتها دائماً على مر العصور- (مصدر الصورة: الحساب الرسمي ليوم التأسيس على منصة X)

يمكنك التعرف إلى المزيد من إنجازات المرأة بمناسبة يوم التأسيس.. إنجازات المرأة السعودية في قطاع الرياضة