وحدة الطفل

قد يبدو عدد الأطفال الذين يعانون من الوحدة ضئيلاً، مع ملاحظة رواج هذه الحالة في صفوف الإناث بصورة أكبر من الذكور، علماً أنّه تسهل ملاحظة الصعوبات التي يواجهها هذا الطفل في التفاعل الإجتماعي أو التواصل مع أقرانه وعدم اندماجه في الحياة، بصورة عامّة، ممّا يحثّ الأهل على البحث عن الأسباب.

الإختصاصيّة النفسية عهود العسكر توضح الأسباب المسؤولة عن معاناة الطفل من الوحدة.

 

يقود غياب قدرة الطفل على تكوين الصداقات‏ واللعب الجماعي في السنوات الأولى من عمره إلى صعوبة في تحقيق علاقات طويلة المدى في المستقبل، فضلاً عن تأثير هذه الحالة على توافقه الشخصي والإجتماعي والمدرسي.

وثمة عوامل عدّة مسؤولة عن هذه الظاهرة، تشمل الأسباب الخلقية أو المرضية أو التربوية أو الإقتصادية التي يعيشها الطفل. وقد تظهر منذ بلوغه الخامسة، لتلازمه مع دخول المدرسة، كما يمكن بروزها فجأةً في المرحلة الإبتدائية حينما يزداد احتكاك الطفل وتفاعله الإجتماعي.

ولعلّ المشكلة تكمن في ملازمة هذا السلوك الطفل حتى يكبر، ممّا يعوق نموّه النفسي في سنّ المراهقة، ليتفاقم الأمر ويؤدّي إلى العزلة التامة التي يصعب التأقلم معها، فيصاب بما يسمى بـ «الإضطراب شبه الفصامي».

وتظهر معاناة الطفل من الوحدة على شكل نفور من الزملاء أو الأقارب وامتناعه أو تجنّبه الدخول في محاورات أو أحاديث أو التزامه الصمت والإبتعاد عن المشاركة في أية اجتماعات أو رحلات أو أنشطة رياضية.

 
إشاعة الطمأنينة في محيط الطفل تساعده في الإفصاح عمّا في داخله من مخاوف

 

 

أسباب مسؤولة

وممّا لا شكّ فيه أن الضغط الذي يواجهه الطفل في الحياة العائلية يلعب دوراً فعّالاً في وصوله إلى حالة الوحدة، كما تؤدّي بعض العوامل الوراثية إلى هذه النتيجة.

ومن بين الأسباب المسؤولة عن هذه الظاهرة، يمكن الإشارة إلى المنزل غير السعيد نتيجة غياب التوافق بين الوالدين وخلافاتهما المستمرّة أو طلاقهما، الفشل المستمر في المدرسة، الشعور بالنقص بسبب عاهة جسمانية أو ما يسمعه الطفل عن نفسه منذ صغره بأنه قبيح الشكل أو عدم تمكّنه من اقتناء أشياء لفقره أو فقد الثقة بنفسه أو فقد الشعور بالأمن.

ويلعب تسلّط الأهل دوراً في هذا الإطار، مع إشعار الطفل بأنه تابع لهم، وفرض الرقابة المشدّدة عليه أو اتّخاذ القرارات المتعلّقة فيه بدون سؤاله عن رأيه، ممّا يشعره بالعجز عند الإستقلالية.

وقد يؤدّي تغيير الموطن إلى اختلاف العادات والتقاليد وترك الأهل والأصدقاء، وبالتالي إلى الإنطواء.  

 

هام للوالدين!

يجدر بالوالدين إدراك أنّ الطفل الذي يعاني من الوحدة حسّاس بصورة مفرطة، ويحتاج إلى تعزيز ثقته بنفسه، وذلك من خلال تصحيح فكرته عن نفسه ودفعه إلى قبول بعض النقائص التي قد يعاني منها. وممّا لا شك فيه أن هذا الطفل يحتاج إلى الشعور بالحبّ والقبول. ويجدر بالأهل البحث عمّا إذا كانت معاناته من الوحدة حقيقية أم لا تلبث أن تكون وهماً، مع مساعدته على التخلّص من هذه الحالة وبناء شخصيته واستعادة ثقته بنفسه. وإذا تعذّر الحال، لا بدّ من اللجوء إلى عيادة اختصاصي في طب نفس الأطفال.

 

لا تشكّكي في قدرة الأب على التعامل الصحيح مع الأولاد

 

خطوات مفيدة  

 

إذا كان سبب شعور الطفل بالوحدة يعود إلى اعتلال أحد أعضاء جسمه، فينبغي تدريب العضو المعتلّ لزيادة قوته، ممّا يخلّصه من شعوره بالنقص.

إشاعة الأمن والطمأنينة والألفة في محيط الطفل، سواء في داخل عائلته أو في المدرسة. وبذا، يفصح عمّا في داخله من مشكلات ومخاوف وقلق.

تفادي إلقاء مسؤولية على الطفل تتجاوز طاقته أو الطلب إليه القيام بأعمال تفوق قدراته، حتى لا يشعر بالعجز.

تشجيع الطفل الذي يعاني من الوحدة على تكوين صداقات مع أقرانه وتنمية مواهبه، ممّا يشجّعه على إثبات ذاته والثقة بنفسه.

البعد عن الإفراط في التدليل لأن الطفل المدلّل المعتمد بصورة تامّة على والديه عاجز عن الإعتماد على ذاته وغير ناضج انفعالياً ويصعب عليه التفاعل مع الآخرين.   

إكتشاف نواحي القوة في قدراته وتنمية شخصيته وإشراكه في نشاطات جماعية في النادي أو المدرسة وتكليفه بالقراءة الفردية أمام زملائه بغرفة الصف، وذلك لمساعدته على تخفيف حدّة الوحدة والعزلة التي يشعر بها شيئاً فشيئاً.