مهندسة التصميم الداخلي كرمة شرف الدين: أمّي ملهمتي

كرمة شرف الدين ووالدتها ياسمين الخليل شرف الدين
كرمة شرف الدين وأمها ياسمين الخليل شرف الدين

كرمة شرف الدين، مُهندسة تصميم داخلي لبنانية، مُتأثّرة بوالدتها ياسمين الخليل شرف الدين، التي كانت من النساء الرائدات في المهنة. ففي زمن الأمّ، كان الذكور مُسيطرون على عالم الهندسة.
في يوم الأمّ، تتحدّث كرمة شرف الدين، لـ"سيدتي"، عن كيفية إلهام والدتها لها، وعن شغف الأخيرة بالعمل الذي تسلّل إلى كرمة، كما عن صورة الأم في عينيها، بالإضافة إلى جديد المهندسة كرمة ورأيها في موضوعات التصميم الداخي المطروحة أخيرًا.

معنى الجماليات في التصميم الداخلي

كرمة شرف الدين، مهندسة التصميم الداخلي

حدّثينا عن تأثيرات أمّك عليك في مجال التصميم والديكور؟ وهل هي كانت السبب في دخولك المجال؟
في كلّ بيت، تُمثّل الأمّ، للأولاد والبنات، المربية والحاضنة والمرشدة والموجّهة والراعية، على الصعد الصحّية والنفسية والثقافية. وللبنات خصوصًا، هي مثالهن الأعلى؛ فالأمّ تقدّم لهن صورةً عن الأنثى وعن ذواتهن عندما يكبرن.
من ناحيتي، كانت أمّي مُلهمتي؛ فهي من بين قلّة من النساء، في زمنها، اللاتي نلن شهادة جامعية في مجال هندسة العمارة الداخلية، أي في مجال يسيطر الذكور عليه. لذلك، كنت أنظر إلى الأمر بفخر، كما أراقب شغفها بعملها وأقول في سري إني أرغب في أن أصبح مثلها، لا سيما لناحية تعاطيها مع عملها، كأنها تمارس هواية، فهي على الدوام، كانت مسرورة بها. أثّر في، شغف أمي بعملها، قبل ماهية مهنتها؟
بالطبع، هي ألهمتني لدخول مجال هندسة التصميم الداخلي، ثمّ مع مرور الوقت، لاحظت مدى حبي للألوان والفن والابتكار، إذ كنت من الأوائل في المواد المتعلقة، بالمدرسة. هي فتحت لي طريقًا لأكمل ما بدأت في عمله. لكن، وللمفارقة، أمي لم تكن مشجعة لدخولي المجال، بداية، لأن هذا الأخير بقدر ما يتعلق بالجماليات والابتكار، متعب، ويتطلب التحلي بالدبلوماسية وحسن التصرّف مع الناس وفهم طباعهم المختلفة. كانت خائفة علي. إلا أني بعد أن تسجلت في الجامعة عينها التي درست فيها (الألبا) أمي، وقفت الأخيرة إلى جانبي.

كرمة شرف الدين ووالدتها ياسمين الخليل شرف الدين


مع الأخذ في الاعتبار تغيّر الأذواق والاتجاهات في عالمي التصميم الداخلي والديكور، بين الأمس واليوم، هل تتبعين أي من أساليب أمك في مشاريعك، في الوقت الراهن؟
علّمتني أمي معنى الجماليات في التصميم الداخلي وكيفية صنعها ومُلاحظتها؛ صحيحٌ أن هناك أذواق متغيرة، لكن في مجال التصميم الداخلي، للجماليات أسس. أتبع هذه الأسس في العمل، لكن المشاريع التي أتولاها مختلفة بصورة جذرية عن مشاريع أمي، حيث الاتجاهات معاصرة ومغايرة عن زمن أمي، حينما كانت الكلاسيكية طاغية.

هل تفرحين عند عقد المقارنات بينكما، في المجال المهني؟
أفخر عند مُقارنتي بأمي، وذوقها الرفيع، فعبارة "كرمة بنت أمها" تفرحني، وهي تعني أن صنيع أمي في مجال التصميم الداخلي طبع في الناس وأسرهم، مع كل ما يعني ذلك من أن ما أفعله اليوم يؤثر بهم، كذلك.

"صندوق للكنوز"

صورة من مشروع سكني للمهندسة كرمة شرف الدين

حدّثينا عن تفاصيل مشروع الشقة التي أنجزتها والمبينة في الصور، لنواحي الفكرة والمواد والألوان؟

البياض يطغى على ديكورات الشقة الكائنة في وسط بيروت

الشقة السكنية واقعة في وسط بيروت، وفكرة التصميم هي تحويل المكان إلى "صندوق للكنوز" لأن مالكي الشقة يجمعان التحف الفنية. لذلك، الهدف الأول من التصميم، كان جمع اللوحات الفنية والتحف النادرة تحت سقف واحد.

غرفة طعام فخمة

نتيجة لذلك، اخترت الأبيض لديكور الجدران المكسوة بإطارات على الطريقة الفرنسية، وخشب السنديان ذا القشرة الناعمة ومادة للإيحاء بمظهر الباطون (الكونكريت)، لكن بلون ترابي فاتح، وذلك للمزج بين "الستايل" الفرنسي الفخم و"الستايل" المعاصر المديني، والأخير يتماشى مع اللوحات الفنية المعاصرة، التي في حوذة المالكين.

اللوحات والتحف كثيرة في الشقة


لناحية الألوان الرئيسة، هي مُحايدة، فهناك الترابية الهادئة والأبيض والخشب، مع تطعيم الديكور في الصالة بزوجين من الكراسي منجّدين بنسيج أصفر مستوحى من إحدى اللوحات. أمّا الألوان الأخرى البارزة، في الديكور، مستلهمة من اللوحات المستخدمة في التزيين أو اكسسوارات المنزل.

لقطة في الشقة

تأثيرات الديكور الداخلي على الناس

تعتقدين أن المساحات الداخلية، وبالإضافة إلى تلبية حاجات الساكنين، يجب أن تُشعرهم بالفرح. كيف تُترجمين ذلك، في أعمالك؟
أُترجم ذلك، عن طريق مقابلة كلّ فرد سيعيش في المنزل، الذي أتولى تصميمه: الأب والأم والأولاد والبنات؛ أطلع على أعمارهم وهواياتهم ومجالات العمل والاهتمام، وأحاول فهم طباعهم، حتى ألبي حاجات كل منهم، في كل زاوية من زوايا البيت وأجعلهم يشعرون بالراحة فيه. هناك أمر مهم، في هذا الإطار، متمثّل في أهمية فهم مهندس التصميم الداخلي طباع الشخص، الذي يسكن المنزل، فمن يمتلك طاقة عالية يجب أن يقيم في منزل ذي ديكور يُهدّئه، فيما الشخص الهادئ يتطلب أن يكون ديكور منزله هادئًا، لكن في الوقت عينه مُحفزًا على الطاقة التي تنقصه. أهتم كثيرًا، في إطار مشاريعي السكنية، بالمشاعر التي يخلفها الديكور في نفوس الساكنين.

ديكور وألوان

لاحظت أن استخدام الألوان المحايدة يتكرّر في تصاميمك. لماذا؟ وما هي نظرتك للألوان في العموم، ودورها في التصميم الداخلي؟
صحيح؛ في مشاريعي السكنية، الألوان المحايدة طاغية، وذلك لأنها تتصدر الموضة، في الأعوام الأخيرة، وأيضًا لأن الناس يرغبون فيها. في هذا الإطار، تفيد الإشارة إلى أن الناس الذين يصممون مساكنهم (الزوجية) اليوم، سبق أن عاشوا في منازل أهلهم ذات الطرز الكلاسيكية، حيث الألوان الطاغية، هي: الأحمر القاني والزيتي والكحلي والذهبي. بالتالي، وبعد أن ملوا الألوان الكلاسيكية المذكورة، يتوقون إلى ألوان مريحة ومحايدة، راهنًا.
من جهة ثانية، وبعيدًا عن الموضة، الألوان المحايدة الطاغية في الفراغ المعماري، تسمح بالتلوين عن طريق التحف واللوحات الفنية والسجاد والاكسسوارات وأوعية النباتات. لكن، في حال كانت الألوان الأساسية طاغية، فإن الاكسسوارات ذات الألوان البارزة ستشوّه الديكور.

مستقبل التصميم الداخلي

كيف تنظرين إلى مستقبل التصميم الداخلي، خصوصًا أن مشاريعك موزعة في دول عربية وغربية؟
تقصر المسافات بين الدول، عامًا بعد عام، نتيجة تطور وسائل التواصل وسهولتها، مما يسمح للمصممين تولي مشاريع خارج البلدان التي يقيمون فيها وإعداد تصاميم داخلية للشقق أو غيرها، حتى من دون زيارة المواقع، إذ بعد إعداد التصاميم هناك شركات للمقاولة (أو مقاولون فرعيون) لتنفيذ رؤى المصممين وأفكارهم، بحذافيرها، على أرض الواقع، مع أهمية اختيار شركات المقاولة ذات السمعة الطيبة والتأكد من اهتمام فرقها بالتفاصيل.
للعام السادس على التوالي، أعد تصاميم لشقق حول العالم، وهذا يفرحني ويطلعني على وجهات نظر جديدة وأساليب جديدة في البناء.

ما هو موقفك من الموضوعات المطروحة أخيرًا، على نطاق واسع، في عالم التصميم، ومنها الاستدامة والممارسات الواعية في العمل وتخفيف البصمة الكربونية؟
أرى أنه من الطبيعي طرح هذه الموضوعات في العالم، اليوم، وأحاول عن طريق بعض المشاريع التي تسمح بذلك، التمسك بذلك، من خلال التعاون مع الحرفيين وتحفيز الاقتصاد المحلي عن طريق شراء الأثاث ومواد التصميم من البلد عينه، كما تجديد الأثاث العتيق...

ما هو جديدك، في عالم التصميم الداخلي؟
أنهي مشاريع سبق أن بدأتها في الدول العربية وأوروبا وأفريقيا، وأنا في صدد البدء في مشاريع جديدة في لبنان، كما سأطلق خطّ أثاث خاصًّا بي قريبًا، على أمل أن يلاقي الإعجاب.