للحبّ أشكال كثيرة..

مريم شمص
مريم شمص
مريم شمص

كلّما تكلمنا عن الحب تراءت لنا باقات الورد والموسيقى العاطفية والكلمات الرقيقة والأمسيات الحالمة..

كلّما تكلمنا عن الأعياد والمناسبات تخيلنا علب الهدايا والحلوى ومظاهر الاحتفال البراقة..

وكلّما اقترب اليوم الذي اخترعوه للاحتفال بالحب والعشّاق، قفزت إلى خاطرنا صور الشموع وكلام القصائد والأشعار الرومانسية..

ولكن، من قال إنّ الحب هو ذلك فقط، أو أنّ الاحتفال به يكون بهذا الشكل دون غيره، أو أنّ المناسبات لا تكون سعيدة إلا بما جرى التعارف عليه من مظاهر احتفالية..

الحبّ هو غير ذلك أيضاً، وغير ذلك من الحب قد يكون أحياناً أجمل وأصدق أشكال الحب..

الذي يحفظ أكلتك المفضّلة ويحضّرها لك كلّما أتيح له ذلك، يحبك جداً..

والذي يعرف اللون الذي تحبّه، والهواية التي تعشقها، والموسيقى التي تفضلها.. يحبك حقّاً..

الذي يركض ليفتح لك مظلته حين يلمح تجهّم الغيم، ويفرش فيأه نحوك حين تحتدّ نظرات الشمس إليك.. يحبّك فعلاً..

الحب قد يتجسّد في أبسط الأشياء أيضاً... في قلب البطيخة الذي يقدّمه أبوك لك رغم أنه الجزء المفضّل لديه، في الشاي الساخن يسكَب لك في أجمل كوب في خزانة العرض، تلك التي يمنع لمسها واستخدام معروضاتها لأيٍّ كان.. في علبة البسكويت التي تحبها منذ طفولتك مخبّأة في الدُّرج لتظهر فوراً عند زيارتك.. في شال الصوف بالألوان التي تعشقها، تبدأ الأنامل الحنون بحياكتها لك مع هبوب أوّل نسمة باردة..

الحبّ قد يكون أوّل حبة لوز أخضر ظهرت في أوّل الربيع قطفت خصيصاً لك قبل أي أحدٍ آخر من شجرة لوز لعبت تحتها طفلاً في حديقة بيت جدتك..

الحبّ أوّل رسالة صباحيّة تجدها على هاتفك حين تستيقظ، أُرسلت لك قبل استيقاظك، طبعتها أنامل عطوفٌ أتعبها الزمن وأتعبتها أنت أيضاً..

الحبّ! ما الحبّ؟ الملعقة الزرقاء التي تناولتَ بها وجبتك الجامدة الأولى قبل ظهور أسنانك، ملفوفة بكيس حريري ومحفوظة في صندوق الأشياء الثمينة.. فستان عيد ميلادِك الأوّل ذو الكشاكش الذهبية المُخبّأ بين مكعّبات صابون الغار المعطّر في حقيبة تحوي أثمن الذكريات.. الحبّ صورتك الثابتة على شاشة هاتفٍ يضيء بابتسامتك كلما فُتِحت الشاشة، صورك الورقية في كلّ مراحل عمرك مثبتة تحت زجاج طاولة المكتب وطاولة غرفة النوم وواجهة غرفة الجلوس..

الحبّ هو اسمك على لسان أحدهم في صلاته يدعو لك في ظهر الغيب بالتوفيق والتيسير.. شمعة يضيئها صديق على نيّة شفائك أو تفريج همّك دون أن تعرف.. غطاء دافئ يثبّت على أكتافك عند استغراقك في النوم خوفاً عليك من البرد، كلمة طيبة تقال في غيابك لردّ غيبتك والدفاع عنك.. لمعةٌ صادقة في العين عند رؤيتك، ودمعة فيها عند وداعك..

الحبّ قصصٌ جميلة عذبة تروى عنك بتفاصيلها محفورة في ذاكرة راويها كالوشم أنت نفسك لا تذكرها..

للحبّ أشكالٌ كثيرة، كوجوه أمهاتنا وجدّاتنا وإخوتنا وأصدقاء طفولتنا، الحبّ كلّ هؤلاء وأكثر.. نعم، الحبّ كلّ هذا، وأكثر!