القرار السليم

المبتعث

سيدتي أتمنى أن تقترحي حلاً لمشكلة أخي الذي يصغرني بالعمر، أخي في التاسعة عشرة، تم ابتعاثه إلى دولة أوروبية للحصول على شهادة جامعية، منذ فترة قصيرة قرر الوالدان أن يقوما بزيارة للدولة التي يدرس فيها أخي لكي يطمئنا عليه، ولكن الغريب هو أن أخي بعد أن استقبلهم رفض أن يزوراه في شقته، وقد تسبب هذا الرفض في أن غضب أبي غضبا شديدا، وقرر ألا يساعد أخي في النفقات، وقد سألت أخي عن أسباب رفضه، ولكنه لم يجب إجابة مقنعة، وحاول أبي معرفة الأسباب من أصدقاء أخي، وقيل له إن أخي يدخن، فهل يمكن أن يكون التدخين هو السبب، لقد تسبب أخي في نشر جو من الكآبة في البيت، ولم نعد نحن كإخوته قادرين على التعامل مع الموقف.

 

الحائرة ولاء

 

عزيزتي أنا لا أمتلك بلورة سحرية تمكنني من قراءة الطالع، ولكن من وحي معرفتي بالثقافة العربية وبظروف المبتعثين، يمكن أن أخمن أن رفض أخيك لزيارة والديه يدل على خوف من ردة فعل الوالدين، ربما خاف شقيقك ألا يوافق والده على الموقع، أو على زملاء السكن، وربما شعر بخجل من أن يرى والداكِ أن الشقة غير نظيفة أو غير مرتبة، وهناك احتمال آخر وهو أن يكون شقيقك جرّب تأكيد الذات لأول مرة بعد ابتعاثه وحياته بعيدا عن سلطة الوالدين.

ربما استطعتِ أنتِ وإخوتك إقناع الوالد بأن سحب الدعم المادي كنوع من العقاب لا يجوز، فهذا العقاب قد يعرقل مسيرة أخيكِ الدراسية إذا اضطر للبحث عن عمل بأجر. حين يوافق الوالدان على سفر أحد الأبناء للدراسة يفضل أن يُسلّحاه بالكثير من المعلومات والنصائح والتشجيع، وإقناعه بأن الحرية لا تكون حرية حقة إلا إذا اقترنت بالمسؤولية.

إذا صدق ظني فإن اغتراب أخيكِ أوقعه تحت ضغوط كثيرة، ليس أقلها جهله بلغة الدولة التي ابتعث إليها، فضلا عن ابتعاده عن وسائل الراحة والأمان التي وفرتها له الحياة في الوطن، إذا نبذه الوالدان في الوقت الحالي قد تكون العاقبة غير سارة.

 

 

الزوجة ذات الهمة

سيدتي أرجو منك إفادتي في حل مشكلتي.. أنا سيدة في السادسة والعشرين.. تزوجت منذ أربع سنوات من ابن خالتي الذي يكبرني بعام.. ولم ننجب بعد.. سافرنا إلى الخارج لإنهاء الدراسة وأكملت دراساتي العليا بنجاح، وحاول زوجي أن يدرس للحصول على شهادة جامعية، ولم ينه دراسته وتحجج بأعذار واهية.. عدنا إلى الوطن للاستقرار.. وجلست في بيت أهلي شهرين لكي أمنح زوجي فرصة للحصول على وظيفة وبيت.. أقام عند أهله ولم ينجز شيئًا.. لم يقدم إلا على وظيفة واحدة، ولم يقتنع بالعمل مع أبيه، الذي كان ينتظر عودته بفارغ الصبر لكي يسانده في العمل.. بعد شهرين قررت السفر إلى زوجي وجلست في بيت أهله شهرًا.. كان يرفض العمل مع والده؛ لأنه لا يريد الاحتكاك به خوفًا على علاقته به والمودة بينهما.. أقنعته بأن يقبل مؤقتًا حتى يحصل على عمل في مجاله.

ثم بدأت مشكلة أخرى وهي أن زوجي يرفض النهوض من الفراش لكي يذهب إلى العمل.. إخراجه من الفراش يتطلب مني جهدًا كبيرًا، وفي معظم الأيام لا يذهب للعمل قبل الثانية بعد الظهر.. حين أعاتبه لا يجد سببًا لعتابي، ولذلك بدأت أشعر بعدم الاستقرار معه، خاصة بعد أن اكتشفت أنه يدخن الحشيش.. وحين واجهته وعد بالإقلاع، ولم يقلع، ثم هددني بالطلاق إن اكتشف أنني أفتش في أشيائه.

أنا أشغل وظيفة محترمة، وأرى زوجي قليل الهمة.. أشعر بأنني غير مستقرة وخائفة من المستقبل.. حاولت إصلاحه وأحثه على الالتزامات الدينية فيفعل بضعة أيام ثم ينقطع. لقد تعبت من الكلام.. فقد كلمته كثيرًا وقلت له ما يدور بخاطري، وأحزن حين يغضب مني، ولكني أراه قليل الهمة، خاصة وأنا أعمل وأخدم في البيت بكل إخلاص.. أعلم أن زوجي يتمتع بصفات إيجابية أخرى، وأعلم أنه يحبني، وحين يملك مالاً ينفقه بسخاء.. أفكر في الطلاق، ولكني أخاف من أن أبدأ من جديد.. ما هو الحل برأيك؟

 

 

عزيزتي الحل بيد زوجك، وأول خطوة هي محاربة إحساسه بالخواء الذي يدفعه لتغييب عقله بفعل سيجارة حشيش. إنها مشكلة البيضة والدجاجة، وأيهما وجد قبل الآخر.. فالحشيش يمتص طاقته ويتسبب في كثرة نومه إلى ما بعد منتصف النهار.. ولكن لماذا يدخن الحشيش؟! هل يدخنه هربًا من مواجهة الفراغ؟! وهربًا من إدراكه بأنك أكثر منه شجاعة على مواجهة الواقع، وأكثر تفوقًا اجتماعيًّا بما أنك أنهيت دراستك وحصلت على عمل؟

لقد هددك بالطلاق إن فتشت في أشيائه الخاصة.. وربما يكون أحد الحلول -وهو حل قد يصيب وقد يخيب بناء على رغبة هذا الزوج في إصلاح حياته- هو أن تتفقي مع أسرتك وأسرته على خطة، هذه الخطة تتمثل في إنذاره بأن يصلح شأنه بالبحث عن فرصة عمل منتظم، والانتظام في العمل وتحمل المسؤولية، وأنه إن لم يمتثل فأنت تطلبين فراقه بمعروف.

نادرًا ما أنصح زوجة بطلب الانفصال، ولكنك في الوقت الحالي عند مفترق طرق.. فزواجك لم يثمر عن أطفال يجبرونك على تحمل سلبيات هذا الزواج.. وإن لم يدرك زوجك بأن إصلاح حياته هو مسؤوليته، وأن احترامك له كزوج ورب أسرة يعتمد على استعداده لتحمل المسؤولية، فهو الخاسر أولاً وأخيرًا.

على والديه أن يشاركاك خطة الإصلاح إكرامًا لهذا الشاب الذي يتمتع بخصال كريمة، بعيدًا عن آفة التواكل وتغييب العقل.. وربما كانت الخطوة الأولى لإصلاح الوضع هو أن يقنعه الوالدان بإكمال دراسته والحصول على الشهادة الجامعية التي فشل في الحصول عليها أثناء سفركما إلى الخارج.. إكمال الدراسة سوف يعيد التوازن لعلاقتك به ويعيد له الكثير من احترام الذات.

أعلم أن ما أنصحك به يتطلب همة عالية، خاصة أن صلة القربى قد تسبب حساسية، في كلتا الحالتين إن كنت تحبينه فعليك ببذل كل جهد لإصلاحه، وإن كنت تحبينه لا تتقبليه كما هو حاليًا؛ لأن هذا الحب سوف يتراجع تدريجيًّا كلما اشتدت وطأة إحساسك بأنه لا يتحمل مسؤوليته كزوج ورب أسرة، خاصة إذا أثمر الزواج عن أطفال لا ذنب لهم في اختيارك.. أتمنى لك التوفيق.. الفرصة مازالت أمام هذا الزوج، لأنه في مقتبل العمر، لو اجتمعت الأسرة على ضرورة انتشاله من هوة الركود.

 

 

القرار السليم

سيدتي تجاوزت الاربعين ولم اتزوج. فقد فرضت علي الظروف ان اتولي مسئولية اخوتي وامي بعد وفاة والدي وانا في الثامنة والعشرين. يمكن ان اوصف بأني عصامية وبأنني لا احيد عن الحق  وقد من الله علي بالمظهر الحسن. كنت طموحة ومتحمسة للحياة . حملت المسئولية بكل وفاء الي ان تخرج من تخرج وتزوج من تزوج . افقت لاجد نفسي متقوقعة بلا مستقبل ولا حقوق, بلا مال ولا امل. واشتد همي حين استغنت عن خدماتي الدائرة الوظيفية . ساءت نفسيتي وشعرت بوطأة المحنة . وتوقعت ان اجد المساندة والعون من اخوتي ولكن هيهات. تملكني الخوف من المستقبل وحاصرني الفزع والفراغ واليأس. ثم قررت ان ابدأ من جديد. ارتدت بي الذكريات الي ماضي البعيد وتذكرت حلما بأن اعمل في وظيفة تيسر لي السفر الي جميع انحاء العالم. قررت ان ادرس  ما يؤهلني لتحقيق الحلم واكتشفت ان تكاليف الدراسة سوف تأتي علي البقية الباقية من مالي ولكني سجلت اسمي قبل ان يغلبني التردد. والمشكلة حاليا هي انني في صراع مع نفسي ما بين الانسحاب من الدراسة والرجوع الي حالة اليأس والخوف والاحتفاظ بما تبقي لي من مال وانتظار فرصة عمل قد لا تأتي. لو استمر طموحي الدراسي قد احصل علي المؤهل ولا يتحقق الحلم اما بسبب السن او بسبب انعدام الواسطة. وهل يسخر مني الناس لأنني احلم في مثل عمري؟

ارجو ان تجيبيني بواقعية وبدون مجاملة.

 

الحائرة  خارج الزمن

 

 

 

عزيزتي مدخل كل منا الي مرحلة الثبات هو الالتزام بأية قرارات. لقد توليت مسئولية اسرتك بكل ما اتي به قبول المسئولية من ايجابيات وسلبيات وجائزتك الكبري هي ان الجهد اثمر عن وصول الاخوة والاخوات الي بر الامان. وثوابك في الحياة هو انك اكتسبت صلابة مضاعفة وتجربة حياتية غنية اما ثوابك في الاخرة فهو عند ربك. ولذلك فان تضررك من نكران المعروف مفهوم ولكنه ليس سببا لعرقلة مسار حياتك نحو السلام النفسي والشعور بالاكتفاء. حين احسنت الي اخوتك لم يكن في خاطرك انتظار المردود لأن البنية الاجتماعية التي ننشأ عليها توهم الصغير بأن من حقه ان يأخذ من دون ان يعطي. وهي للاسف ثقافة محتاجة الي اعادة نظر.

الاربعون وما بعدها ليست نهاية المطاف واذا كان السفر بغيتك فمن حقك ان تحاولي لأن المحاولة قدر من النجاح. ثم ان كل ما يتعلمه الانسان يصب في مخزونه الحياتي ويثريه بطرق لا يمكنه تخمينها. ولذلك لا يجب ان تتقدمي خطوة ثم تتقهقري خطوة. راهني علي نفسك وراهني علي رحمة ربك. ولو لم يتحقق حلمك بالحصول علي وظيفة تؤمن لك السفر كوني علي يقين بأن الخير هو ما يختاره الله. البحث عن وظيفة سوف يجدد فيك الامل والحماس. ومن تمتلك مثل خبرتك لن تعدم عملا شريفا مهما كانت نوعيته. والناس لا تسخر من الانسان المكافح الشريف . ابحثي عن منابع القوة في نفسك لكي تستمر مسيرتك بمعونة الله . رزقك بيد الله .