هدايا من خطيبي

هدايا من خطيبي

 

سيدتي أنا فتاة مخطوبة، وسيتم زواجي بعد عام تقريبًا.. خطيبي يريد أن يقدم لي الهدايا عن طريق أخته، وأمي ترفض أن أقبل تلك الهدايا؛ لأنها تعتبرها عيبًا، كما منعتني من مراسلة خطيبي.. الحقيقة هي أنني لم أمتثل لأوامرها، واستمرت المراسلات بيني وبينه بدون علمها.. حين عنفتني على قبول الهدايا، قالت إن بإمكان خطيبي أن يرسل لي هدية مع أحد إخواني.. وحين قلت له ذلك، قال إنه يستحي من إخواني.. أنا أحبه جدًّا ولا أريده أن يغضب مني.. ولكن تشدد أمي أتعبني، علمًا بأن أمي ليست امرأة متعلمة، لم أعد أعلم كيف أرضي كلا منهما.. أشعر بأن حياتي الزوجية سوف يكتنفها الصراع والنكد.. أحيانًا يشتد كربي إلى درجة أنني أتمنى الموت.. أريد حلاً يريحني أرجوك.

 

الحزينة سارة

 

 

عزيزتي لم ترد في رسالتكِ التفاصيل الكافية التي تمكنني من تحديد موقف خاطبكِ وموقف والدتكِ.. ولكن بشكل عام أنا أؤمن بدخول البيوت من أبوابها.. ما دمتِ مخطوبة فما الذي يمنع الخاطب من زيارتكِ في بيت أهلكِ وفي حضورهم، وتقديم الهدية في النور وفي العلن؟ وفي الوقت نفسه أقدر أن الخاطب يستحي من إرسال هدية للمخطوبة مع أحد أشقائها.. إن كان تاريخ إتمام الزواج تحدد بعد عام، أليس من الأفضل أن يعقد القران بحيث يكون دخول القرين بيت قرينته شرعيًّا ومقبولاً كسلوكٍ اجتماعي؟! بعد القران يمكن أن تستكمل التفاصيل الضرورية لإتمام الزواج.. نصيحتي إذن هي ألا تستبعدي أمك، ولا تقدمي على سلوكٍ سري.. لو عرف خاطبكِ أنكِ تراسلينه سرًّا خوفًا من غضبة أمكِ قد يفقد ثقته بكِ تدريجيًّا.. الصدق هو أقصر الطرق، ولو صارحته بمخاوف أمكِ عليكِ، سوف يحترم مشاعرها ويفكر في وسيلة مقبولة للتواصل معكِ.

 

الخيال والواقع

 

سيدتي أنا فتاة عربية مسلمة في العشرين.. أقيم مع أسرتي في دولة غربية.. عشت مراهقة كلها أخطاء.. ولكني أقلعت عنها والحمد لله.. مؤخرًا تعرفت إلى شاب عن طريق غرف الدردشة.. علمت أن أمه غربية وأباه إيراني.. وعلمت أنه يكبرني بأربع سنوات.. هو أيضًا عاش الكثير من المشاكل والأخطاء ومنها السرقة، ولكنه تاب واعتنق الإسلام منذ عام.. قال لي إنه يبحث عن علاقة جادة تنتهي بالزواج، وإنه لا يريد العبث مع الفتيات وإنما يبتغي الحلال.. مرّ على تعارفنا شهر، وصارح كل منا الآخر بما حدث في الماضي. 

المشكلة أنه يريدني أن أقطع على نفسي عهدًا بأن أتمسك به حتى لو رفضه أهلي.. فقد صارحته بأنهم قد يرفضونه لأنه لا يعمل، ولأنه من أصل غير عربي.. فقال إن الزواج لن يتم إلا بعد حصولي على الشهادة الثانوية.. أي بعد عامين.. والجزء الآخر من المشكلة هو أنه حين انقطع عن الكلام معي لمدة ثلاثة أيام بدون أسباب، أدركت أنني لا يمكنني الاتصال به؛ لأنه رفض إعطائي رقمه بحجة أنه لا يريد أن تتطور العلاقة بشدة تمنعنا من التأكد من جدية ما بيننا.. لقد رأيت صوره على «الويب كام»، ولكنه لم يرني لأنني رفضت.

حين عاتبته على انقطاعه قال إنه يثق بي، ولكني إنسانة كثيرة الشك، وعدم الثقة بالآخر تفقدنا إنسانيتنا.. ولكن بعد كل ما حدث لي مع الشباب لا يمكن أن أصدق كلامًا يقوله أي شاب.. والآن أنا حائرة.. هل أصدقه وأتمسك به؟!

 

الحائرة  ج

 

 

عزيزتي هل تعرفين المثل القائل «إن الماء يكذِّب الغطاس»؟ معنى المثل أن الواقع يبدد الخيال.. لو كان الشاب صادقًا في رفض العبث مع الفتيات، فماذا كنتما فاعليْن حين تم التعارف عن طريق غرفة دردشة؟ غرف الدردشة خلقت لقطع الوقت، وإطلاق العنان للرغبات المخبأة تحت طبقات الوعي.

ما علينا.. إن كان يبحث عن زوجة فعلاً فليتقدم لأهلكِ.. لا يمكنكِ أن تفترضي، من قبل أن يصبح الحدث حقيقةً، أن الرفض سيكون مصير طلبه.. لقد ذكرتِ أنكِ تقيمين مع أهلكِ في دولة غربية.. ومعنى ذلك أن الآباء والأمهات لا يرفضون طالب زواج لبناتهم بدون أسباب قوية.. ربما رحبوا به بشرط أن يحصل على عمل، ويقدم لهم الضمانات التي تؤمن مستقبلكِ معه.. وإن رُفض الطلبُ فمن حقكِ عليهم أن تعرفي الأسباب، وأن تقتنعي بالرفض، علمًا بأنه لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى.. وهذا هو ما يوصينا به ديننا. ولكني أريد أن أسألكِ عن أسباب هذا التعجل في طلب الزواج، علمًا بأنكِ ما زلتِ في مرحلة الدراسة الثانوية رغم بلوغكِ العشرين؟

إن كنتِ مهملة في دراستكِ، فالأفضل أن تكمليها لكي تكتسبي ثقة أهلكِ واحترام الآخرين.

 

كذبة حبيبي

 

سيدتي أتمنى أن تساعديني لأني أعيش وحدي في مشكلة حيرتني..  أحببت شابًا عن طريق الإنترنت، وأعترف بأن التعارف على النِت خطأ، ولكني أخطأت بسبب الحياة الاجتماعية المحافظة.. أنا في التاسعة عشرة، والشاب يكبرني بخمس سنوات.. كانت ظروفي صعبة؛ لأنني كنت وحدي في البيت.. كان والدي مريضًا وأمي معه في المستشفى وأتعبني الفراغ.. حين تعرفت إلى الشاب كان يهتم بي، ومرت الأيام ثم توفي أبي وكانت الصدمة قوية، حيثُ إنني لم أتقبل وفاة أبي، ولم أصدق أنني لن أراه مرة أخرى.. الشاب الذي ذكرته وقف معي، ولكن بعد مضي عام ونصف على بدء العلاقة اكتشفت أنه كَذِبَ عليَّ.. فقد أراني صورًا وادعى أنها صوره، وبعد تعقيدات كثيرة اكتشفت أن الصور التي شاهدتها ليست صوره، وإنما هي صور شخصٍ آخر؛ لأن الشاب الذي أحببته شخص مريض ومشوه؛ بسبب انفجار أحد الأجهزة الكهربائية التي أحرقت وجهه، وخلفت به تشوهاتٍ منفرة.. قال لي إنه انسحب من الجامعة بعد الحادث، وإن أهله تخلوا عنه، واضطر للسكن مع جدته.. وقال إنه أحبني لأني طيبة القلب.

أرجو أن تنصحيني ماذا أفعل.. لا أريد أن أجرحه.. أريد أن أساعده، ولكنه يرفض أن أراه حقيقة.. اكتشفت أيضًا أنه كَذِبَ حتى في وضعه المادي، حين قال إنه ابن عائلة، ثم عاد وادعى أن والده فقير، ثم قال إنه ليس فقيرًا، وإنما شحيح جدًّا.. حاليا يقول إنه بسبب حبه لي يريد أن يستكمل دراسته الجامعية، ولكن لا يوجد من يساعده ماديًّا.. أريده أن يكون إنسانًّا طبيعيًّا وسعيدًا في حياته.. إكمال الدراسة يحتاج مالاً، وهو مستعد أن يعمل حتى في حمل الأسمنت، ولكنكِ تعرفين أن المشوه يهربُ منه الناسُ، فلا يجد قوتَ يومه.

 

 

 

 

عزيزتي تقبلي كلامي كما لو كنتُ أمكِ التي تريد مصلحتكِ.. لقد حملتِني أمانة حين لجأت إليَّ طلبًا للمشورة.. ولقد قرأت رسالتكِ بحرص.. ونصيحتي هي أن تقطعي صلتكِ بهذا الشاب بسرعة.. يكفي أنه مارس الكذبَ أكثر من مرة، ولم يعد ممكنًا أن تعرفي الحقيقة كاملة.. مما ورد في رسالتكِ أكادُ أجزمُ بأنه يتلاعبُ بكِ، وأنه من نوع الرجال الذي يتلمس طريقًا يمكنه من السيطرة على الفتاة بأسلوب أو بآخر.. لو كان رجلاً ذا شهامة وذا مبدأ لما حمّلك هذا العبء النفسي والمعنوي، لا لسبب إلا لأنكِ وثقتِ في كلامه وشعرتِ نحوه بالحب.

من يكذِبُ في الصغائر يكذِبُ في الكبائر أيضًا.. وأنتِ عزلاء، وابنة مجتمع لا يتقبل هذا النوع من العلاقات.. أنتِ إذن إنسانة قابلة للكسر وللفضيحة وللتهديد.. وما هو أكثر.. اعتذري له بلطفٍ من أنكِ لستِ في وضع يسمح لكِ بمساعدته ماديًّا ومعنويًّا بسبب التقاليد.. ولو قُدر لكما أن تجتمعا ستجتمعان، ولكن ليس في الوقت الحالي، لأنكِ بحاجة إلى إعادة بناء حياتكِ داخل الأسرة بعد وفاة الوالد.. ولا يغرَّكِ هذا الشابُ إن بكى واستعطف، أو أقسم بأنه يحبكِ ويخلص لكِ.. لا تصدقيه.. فقد صادفتني مشكلتكِ من قبل مئات المرات.

لن تقدّري هذه النصيحة إلا حين يدق بابكِ رجلٌ مناسبٌ يحبكِ في النور ويريدكِ في الحلال، ويدخلُ البيتَ من بابه.. وبدلاً من أن يستثيرَ رثاءَكِ وشفقتكِ ويحملكِ مسؤولية، سوف يسعد برعايتكِ وحمايتكِ ويشعركِ بالكبرياء وسط أهلكِ وأصدقائكِ.