رئيس تحرير بدرجة نجم.. وسفير بدرجة شاعر!!

الصحافي في الغرب وفي بعض الدول العربية نجم مجتمع تُلاحقه الأضواء كما يُلاحقها.. هذا الأمر غير معمول به لدينا، فالصحافي يصنع المشاهير وينسى نفسه.. فهناك رؤساء تحرير وكتّاب يكتبون لأكثر من ربع قرن لا توازي نجوميتهم نجومية أسوأ كومبارس في مسلسل من حلقة واحدة.. هناك حالات استثنائية بالطبع، ولكنها من نوع الشذوذ الذي يُثبت القاعدة، فأنا مازلت مندهشًا حينًا ومعجبًا حينًا آخر بحالة عثمان العمير رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط السابق.. فهو قدَّم نفسه كنجم صحافي لا كرئيس تحرير، فهو أنيق بما يكفي لأن ينافس نجوم السينما في أناقتهم، لديه آراء جريئة في الحياة لا تناسب منصب رئيس التحرير في الوطن العربي، فهو صناعة غربية لمفهوم رئيس التحرير الذي يعمل بدرجة نجم.

كنت أستمع إليه مرة في أحد لقاءاته فتحدث كثيرًا عن جمال المرأة وشكلها دون روحها، فسأله المذيع أراك تتحدث كثيرًا عن شكل المرأة دون جوهرها.. ألا تهمك ثقافتها؟ فأجاب بطريقة أكثر صدقًا، قائلاً »لديَّ أصدقاء كثيرون أستطيع أن أتحدث معهم عن الوضع الثقافي.. لست بحاجة لامرأة مثقفة، بل لامرأة جميلة!!«.

فهو لا ينتقي كلماته بشكل رسمي تمامًا، كما يفعل في اختيار ملابسه، فكلماته ملونة وملابسه ملونة.. وآراؤه كذلك.

على الطرف الآخر هناك شخصية لا تقل إثارة عن شخصية عثمان العمير.. فهي صناعة سينمائية ولشخصية الوزير والسفير.. هي شخصية السفير والوزير غازي القصيبي، فهو أول وزير يعلن على الهواء مباشرة أن لديه قلبًا أخضر ويعرف الحب، فكل السفراء والوزراء يريدون أن يقولوا للناس: نحن لا نحمل قلوبنا معنا، فنحن نتركها في البيت، أليس من مهام الوزير أو السفير أن يبتسم ما دام في منصبه، فالابتسامة ضد المنصب.

وحده الدكتور غازي القصيبي، وربما قلة قليلة معه، احتفظوا بقلوبهم وابتساماتهم ومشاعرهم وهم على رأس عملهم ومناصبهم، فلم يتركوها في المنزل، لأنها ضد مسؤولياتهم ومناصبهم!!

وأذكر أنني كنت أُطارد الدكتور القصيبي في لندن لإجراء حديث صحفي فلم أفلح، والتقيته بعدها في الكويت فقلت له بيتي الشهير:

إنْ كان قد عزَّ اللقاء في لندن

ففي الكويت نلقاكم ويكفينا

ولكن زحمة ارتباطاته لم تسمح بأكثر من دقائق معدودة، وقال: نؤجل اللقاء أو نكتبه مراسلة، قلت له إنني لا أحب اللقاءات المشفرة والمفكّسة، ولا أريد أن أصل إلى مرحلة إنْ كان قد عزَّ اللقاء في الفندق؛ فعلى الأوراق نلقاكم ويكفينا، وضحك وضحكت حتى بانت نواجزنا.. نقلت له شعورًا لديَّ بأنك صديقي الذي لم ألتقِ به، فما يجمعني معك أقوى مما يفرقنا إلا أننا لم نلتقِ، ويكفي أنني ألتقي معك في حب صديقنا المشترك أبوالطيب المتنبي، فجلست معه كما أجلس مع صديقي على طاولة في مقهى.

فقلت له سمعت يومًا شخصًا يقول »إن الحكومة بلا قلب« و»أنت حكومة« ومع ذلك تحتفظ بقلبك، فأنت تعشق وتضحك وتُضحِك الآخرين، فما السر في احتفاظك بقلبك وأنت مسؤول؟ فقال: المسؤول يجب أن يكون خادمًا للجمهور، وهذه الخدمة لا يمكن أن تُقدم إلا إذا كان منْ يُقدمها يحمل قلبًا يشعر بهموم الآخرين وعذاباتهم، كل ما فعلته أنني احتفظت بقلبي لا أكثر!!

 

 

شعلانيات

> المورفين عندما يعطيه الأطباء للمرضى الغرض منه ليس أن يستريح المريض، ولكن لكي يستريح الطبيب من صراخ المريض فهو من أجل الأطباء.. وليس من أجل المرضى!!

> مسكينة هذه المرأة.. لقد حزنت على زوجها الراحل حتى إن شعرها الأسود تحول من شدة الحزن إلى ذهبي لكي تجاري الموضة في الحزن!!

> ما أجمل الراحة لولا أن الملل توأم لها!!


للتواصل مع الكاتب مبارك شعلان[email protected]