«كان» 2010: تايلندا... تصطاد الذهب


لم تجر السفن كما تشتهي رياح المخرجين البريطانيين كان لوتش ومايك لي اللذين بنيا آمالهما على دعم النقّاد الذين جزموا أن السعفة الذهبية ستكون من نصيب أحدهما، بالرغم من الفتور الذي واجهه مهرجان "كان" السينمائي الدولي الثالث والستون هذا العام حيث لم تكن الأفلام بالمستوى المطلوب. وفي ختام المهرجان أعلن رئيس الحكّام تيم بورتون عن الجوائز حيث فاز بالسعفة الذهبية المخرج التايلاندي ابيتشاتبونغ ويراسيثاكول عن فيلم Uncle Boonmee Who Can Recall His Past Lives الذي يتناول حياة رجل مسن يعاني من قصور حاد في الكلى، يتحاور مع شبح زوجته ونجله المتوفين منذ سنوات. وقال المخرج لدى تسلمه جائزته "انها لحظة تاريخية للسينما التايلاندية. انها سابقة".

 

الدولة المضيفة لمهرجان «كان» لم تخرج من الحفل خالية اليدين. فالجائزة الكبرى للجنة التحكيم كانت من نصيب المخرج الفرنسي كزافيه بوفوا عن فيلم Des Hommes Et Des Dieux والذي يعيدنا الى العام 1996 حيث يلقي الضوء على إغتيال الرهبان الفرنسيين في الجزائر. كما منحت جائزة أفضل مخرج للفرنسي ماتيو امالريك عن فيلم Tournée وهو رابع فيلم طويل له يتتبع فيه فرقة من الراقصات. وقال المخرج «بدأت في سن السابعة عشرة كمتدرب وراء الكاميرا وحوّلني ارنو ديبليشان الى ممثل في الثلاثين».



جائزة افضل ممثلة كانت من نصيب الممثلة الفرنسية جوليات بينوش عن دورها في فيلم Certified Copy للمخرج الايراني عباس كياروستامي. وقالت عند إستلام الجائزة "إنه لفرح كبير ولسعادة كبيرة أن اعمل معك يا عباس".


 شكلت جائزة أفضل ممثل مفاجأة إذ نالها مناصفة الممثل الاسباني خافيير بارديم عن دوره في فيلم Beautiful والذي صرّح لدى تسلمه الجائزة قائلاً: «هذه الجائزة اعتراف بعملي الذي ما كان ليتحقق من دون الفيلم الرائع الذي اخرجه اليخاندرو غونزاليس انيارتو». كما حصد نفس الجائزة الممثل الايطالي ايليو جيرمانو عن دوره في فيلم La Nostra Vita الذي اهداه "إلى ايطاليا والايطاليين الذين يبذلون قصارى جهدهم لجعل ايطاليا بلداً افضل رغم الطبقة الحاكمة".


وحصد المخرج التشادي محمد صلاح هارون جائزة لجنة التحكيم عن فيلم A Screaming Man وهو اول فيلم افريقي يشارك في المسابقة الرسمية منذ 13 عاماً. وأوضح المخرج انه أراد عبر هذا الفيلم"إعادة أفريقيا إلى البشرية".


كما منحت جائزة أفضل سيناريو إلى فيلم Poetry للمخرج الكوري الجنوبي لي شانغ ـ دونغ العائد الى «كان» بعد ثلاث سنوات على مشاركته في فيلم «سيكريت صن شاين». تدور أحداث Poetry حول جدة تهرب من عنف العالم عبر الشعر.


 اما جائزة الكاميرا الذهبية التي تكافئ اول فيلم لمخرج فكانت من نصيب فيلم Ano Bisiesto الذي يدور حول قصة حب سادية ـ مازوشية للمخرج الأسترالي المكسيكي الأصل ميكايل روو والذي عرض في اسبوعي المخرجين.


يذكر ان لجنة التحكيم كانت برئاسة المخرج تيم بورتن وعضوية ثلاثة ممثلين هم الاميركي من اصل بورتوريكي بينيثيو ديل تورو والايطالية جوفانا ميتسوجورنو والبريطانية كايت بكينسايل، فضلاً عن المخرج الاسباني فيكتور اريسيدي وفرنسيين اثنين هما الكاتب ايمانويل كارير والموسيقي الكسندر ديسبلا والمخرج الهندي شيخار كابور ومدير التصوير الإيطالي ألبيرتو باربيرا. وكان من المفترض أن ينضم إليهم المخرج الإيراني جعفر بناهي ولكنه كان مسجوناً في طهران بعد إعلانه التحضير لفيلم ضد النظام يتناول الاحداث التي تلت الانتخابات الرئاسية الإيرانية، والذي نالت قضيته دعماً من بعض الفائزين فتم إطلاق سراحه بعد ساعات من إنتهاء حفل توزيع الجوائز.

 

 

غياب تام للأفلام العربية وحضور العرب في الأفلام الأجنبية 

 

لا شك أن الوجود العربي في مهرجان «كان» السينمائي الدولي كان شبه معدوم في المسابقة الرسمية وفي أسبوعي المخرجين وأسبوع النقّاد، وهذا ما لم تشهده السينما العربية منذ سنوات.
ولا نقول معدوماً بل شبه ذلك، نظراً لوجود فيلم المخرج الجزائري الأصل رشيد بو شارب Hors-la-loi أو «خارجون على القانون» في المسابقة الرسمية. وبالرغم من أن هذا الفيلم هو إنتاج فرنسي، بلجيكي وجزائري مشترك، إلا أنه لم يكن بالمستوى المطلوب نظراً لموضوعه السياسي إذ يعالج المذبحة التي قامت بها القوات الفرنسية في مدينة سطيف الجزائرية في صيف 1945 من وجهة نظر جزائرية، ما دفع أحد البرلمانيين الفرنسيين للقول إن بو شارب يريد كتابة التاريخ حسب مزاجه، من ناحية أخرى، برز في المهرجان العديد من الأفلام التي تتمحور حول العرب مثل فيلم Socialism أي «اشتراكية» للمخرج الفرنسي جان لوك غودار الذي تحدّث عن الفلسطينيين، أو فيلم
Des Hommes Et Des Dieux 
أي «رجال وآلهة» للمخرج الفرنسي كزافيي بوفوا والذي يتمحور حول قضية الرهبان في الجزائر، بالإضافة إلى فيلم Route Irish أي «الطريق الإيرلندي» للبريطاني كين اوتش وهي الطريق التي تربط بين مطار بغداد والمنطقة الخضراء في العراق. يذكر أن المشاركة العربية إقتصرت على الترويج لبعض الأفلام العربية في السوق الدولية للأفلام التي تقام كل عام موازاة مع أعمال المهرجان.

 

رشيد بو شارب