كُـلما رأيـتك

رحاب أبو زيد
كم نحتاج من إسقاطاتٍ عاطفيّة حتى نلتئم كما يجب؟ وكم ينبغي علينا أن نتوقف عن ملاحقتهم؛ حتى نعاود أدراجنا بحبٍ جديد؟ لن نحتاج سوى للحظةٍ فارقة؛ حتى نستمع لصوتِ يُتمنا الفاحش؛ لتعود إلينا من جديد، وتلك اللحظة قد عشتها أخيراً، بشقّ الأسى. | فنحن لا نشعر بمدى البؤس الذي آل إليه حالنا، إلا عندما تربت يد محب فوق وجعنا بصورة مباشرة. ما كان هذا الوجع يواتيني إلا ليجهز على ما تبقى من أنفاسي، فأنا لم أحتمل ثقل هذا العالم المحض، إلا من أجل حب ينتظرني عند رحابةِ الأقدار، وذلك الحب هو من هدهد لي فزعي وفجائعي على حين غرّة مني. لذا كلما رأيتك قلتُ (آه) وألف (آه). | كلما رأيتك تضخمت بداخلي تلك الرغبة السريّة في الخلودِ بقلبك. | كلما رأيتك أصبحتُ مُغيبة عن العالمين، إلا عنك، وكأنني حبيسة لنور وجهك، وبعيدة كل البعد عن ظلامِ وجوههم. | كلما رأيتك لاحقتني الأغنيات، الضحكات، المسرّات، شقاوة الكلمة، براءة اللهفة، شهقة اللحظة، ومشاكسة النظرة. | كلما رأيتك لامستُ ضبابية المستقبل أكثر، فكلما اقتربت مني، أجدني أكتمل في عينيك. | كلما رأيتك أدركت مدى فداحة فقري العاطفيّ الذي كان من قبلك، وهذا أكثر ما يؤلمني بقدرِ البهجة التي تسري بين أوردتي. | كلما رأيتك تحالفت ضدي النوارس، الطرقات، الشخوص، وكل الحيوات التي عشتها، والتي ما زلتُ أعايشها بصورةٍ سلميّة، وهي تغبطني عليك. | كلما رأيتك تبتسم، تغدو هذه الحياة من حولي أكثر قابليّة للرقص والعناق، وأكثر خفّة وتعايشاً