الهندسة بأنامل ناعمة جرأة.. إبداع.. وتفوق

الهندسة بأنامل ناعمة جرأة.. إبداع.. وتفوق
الهندسة بأنامل ناعمة جرأة.. إبداع.. وتفوق

في عالم ما زالت الثقة فيه أكبر بتصاميم الرجال من تصاميم النساء في الهندسة المعمارية، انطلقت مبدعات عربيات في هذا المجال حول العالم، أنجزن أو أسهمن في أعمال لافتة، فكيف خُلقت الفكرة، وما دور التكنولوجيا الحديثة في الإقدام على خطوات جريئة في مسألة التنفيذ، وهل يمكن أن يقدمن على تصاميم خيالية جديدة مع تطور أدوات العمل ومواد البناء؟

لقاءات مع مهندسات معماريات عربيات، نقلن صورة مختلفة عن فن العمارة، وأعدن الثقة بإبداع المرأة ووجودها في هذا المجال.





أعدت الملف | لينا الحوراني Lina Alhorani
تصوير | محمد فوزي Mohamed Fawzy
جدّة | أماني السراج Amani Alsarraj
الشرقية | سمية آلخير Somia Alkhair
المنامة | عواطف الثنيان Awatif Althunayan
المغرب | سميرة مغداد Samia Maghdad
بيروت | عفت شهاب الدين Ifate Shehabdine
تصوير | جاد راعي Jad Rahi
القاهرة | أيمن خطاب Ayman Khattab
تونس | منية كوّاش Monia Kaouach


 


من جدة
هنوف الثامر:

 

هنوف الثامر

 

هنوف الثامر: تطور العمل لا يعيق الخيال ويقلل من التكلفة التقديرية للمشروع




أقلل من الهدر في تصميماتي


للتكنولوجيا دور مهم جداً في إخراج عملية التصميم كما تؤكد هنوف الثامر، مهندسة معمارية خريجة جامعة يابانية، فبرأيها أنه لا يستطيع أن يقرأ ما يدور في ذهن المعماري إلاّ البرامج التقنية التي تُستخدم في التصميم والإخراج، فهي تُظهر العمل بما هو نسيج متكامل يتوافق مع المكان بكامل تفاصيله الداخلية والخارجية.

تؤكد هنوف أن الناس لا يقرؤون العمارة إلا عن طريق البرامج التقنية، كما أنها باهظة الثمن، وتندرج تحتها الأجهزة المختصة التي تستوعب حجمها، تتابع قائلة: «كلما اتسم العمل بالدقة كانت نسبة الملاحظات وقت التنفيذ قليلة، هكذا رفعنا جودة العمل».

أما بالنسبة إلى تجربتها فقد كانت جميلة وممتعة، استخدمت فيها برامج معينة مكنتها من نقل ما تفكر به من تفاصيل على التصميم، ومن ثم ّتطبيقها على أرض الواقع، وقد عملت على مشاريع عدة وفي مجالات عدة، ومن ضمنها المشاريع السكنية الخاصة كالفلل والقصور، إضافة إلى مشاريع المرافق العامة كالحدائق والمساجد والمدارس. تعلّق قائلة: «أُعطي العميل نسبة تصور تقارب 90%».


وقت الأيدي العاملة


أقدمت هنوف على تنفيذ تصاميم خيالية، وكان تطبيقها مستحيلاً على أرض الواقع، ولكنها طُبقت كما فعلت المعمارية الراحلة زها حديد، تستدرك قائلة: «تطور العمل ومواد البناء لا يعيق الخيال والفكرة، ولكنه يقلل من التكلفة التقديرية للمشروع، ويحفظ وقت الأيدي العاملة. بالنسبة إلي بصفتي معمارية، فإني أميل إلى البساطة، وهذا الأمر تعلمته في مدرسة اليابان، فحاجة الفرد – الفكرة المعمارية – والتكلفة يتم دراستهما وفق متطلبات ومعايير ترفع من جودة الحياة وتقلل من الهدر».


من الخُبر
آلاء الحريري:

 

آلاء الحريري

 

آلاء الحريري: بإمكان المصمم أن يأخذك من عالم الورق إلى فضاء افتراضي




ألواح الخشب الشفاف تنبئ بمستقبل خيالي


تولد الإبداعات، كما تؤكد آلاء الحريري، مهندسة العمارة الداخلية، ومؤسسة مكتب آلاء حريري للاستشارات الهندسية، من أمور عدة، أبرزها: طلبات العميل، والطابع العام، وفكرة التصميم المميزة.

تعود آلاء إلى طموحات وحلم العميل في العمل التصميمي، ومن هنا تمسك بطرف الخيط، وتبدأ بنسج الفكرة من مكوناتها الرئيسية كالألوان، والخامات، والخطوط، والقطع المميزة، ليعطيها التوقيع الخاص بها، وهو ما يميز التصميم ويعبر عنه، تتابع قائلة: «صممت أكثر من 60 مطعماً ومقهى في السعودية والخليج، إضافة إلى المشاريع المعمارية والسكنية، كذلك فزت في عام 2011 بجائزة أفضل شابة أعمال على مستوى المملكة، وتسلمت الجائزة من الملك سلمان بن عبد العزيز الذي كان أميراً لمنطقة الرياض ذلك الوقت، كما فزت في عام 2022 بأفضل تصميم معماري لمنتجع صحي».


رغوة الحديد المبتكرة


عن تطور التكنلوجيا في المجال المعماري، بينت الحريري أن التكنولوجيا قد نقلت عالم التصميم من الخيال إلى الواقع الذي يحاكي الحقيقة بشكل عجيب، فقد صار بإمكان المصمم المحترف أن يأخذك من عالم الورق، والتصميم الثنائي الأبعاد، إلى عالم افتراضي لم يبق إلا أن نشم رائحته، تعلّق قائلة: «تحدد الميزانية، وطلب العميل ابتكار التصاميم الخيالية».

وعن المواد الحديثة المستخدمة في المجال المعماري، أشارت المهندسة آلاء، إلى ظهور الكثير من المواد المتجددة في العمل، ومن أهمها رغوة الحديد المبتكرة، والطباعة ثلاثية الأبعاد للمباني، وألواح الخشب الشفاف التي تعدّ نقلة في عالم الأخشاب، وكل هذا ينبئ بمستقبل خيالي أشبه بأفلام الخيال العلمي التي نشاهدها وننبهر بها.

تابعي المزيد: المصممة أمل عابد: الاستلهام من تاريخنا يلفت الأنظار إلى حضارتنا


من الإمارات
منى القاسم:

 

منى القاسم



متحف المستقبل أكبر مثال على تدخل التكنولوجيا


باتت العمارة في دبي، فن تحويل الرؤى إلى واقع حقيقي! بهدف تطوير التصميم، كما تجد منى القاسم، مهندسة معمارية، بدءاً بالمخططات والرسومات ثنائية الأبعاد، إلى النماذج المادية والنماذج ثلاثية الأبعاد.

ساعدت التكنولوجيا العمارة على الوصول إلى تصميم مشاريع معقدة وكبيرة كان من الصعب تصميمها في السابق. تستطرد منى: «كل ذلك عن طريق استحداث برامج الحاسوب، مثل AutoCAD وRevit وBIM وغيرها الكثير. من ناحية التصميم، أتاحت هذه البرامج لنا رؤية التصميم بكل جوانبه من تصميم 3D، وطريقة الإنشاء، وحساب الكميات كلها في وقت واحد، وفي وقت قصير، وبدقة عالية. ومثال على ذلك «متحف المستقبل» الذي دخل في تصميمه برنامج BIM وبرنامج Parametric design، وهو عملية تعتمد على التفكير الحسابي (algorithmic thi).


باتت التكلفة محددة


عملت منى في تصميم وتنفيذ المشاريع والإشراف عليها في أهم شركتين عقاريتين في دبي، وهما: إعمار العقارية، وإثراء دبي العقارية، وساهمت في إنجاز الكثير من المشاريع كبرج خليفة، ودبي هيلز، والمرابع العربية، وعنها تقول: «سرّعت التكنولوجيا من إنجاز المشاريع بتكلفة محددة ونوعية ممتازة في وقت قصير، وهو ما تطمح إليه كل الشركات العقارية في العالم. وبالنسبة إلي، أتمنى تطور التكنولوجيا في مجال الإنشاءات أكثر، من ناحية السرعة والدقة في الإنجاز، وهو ما يساهم في تطور الشركات العقارية في إنجاز المشاريع المهمة لمدينتنا الحبيبة دبي».

تكلمت منى عن تطور المواد المستدامة واستخدامها في إنجاز المشاريع العقارية، للحفاظ على بيئتنا الجميلة.


من البحرين
هبة عريقات:

 

هبة عريقات



التكنولوجيا نعمة كبيرة للمصممين


يتركز اهتمام المهندسة هبة عريقات في الغالب على «أنسنة المدن»، من خلال التصاميم التي تقدمها، وقد قامت بتأسيس شركتها الخاصة بمسمى «أتيليير ديزاين» في مملكة البحرين، التي تنفذ بشكل أساسي مشاريع الحدائق، والشقق السكنية، والمحلات التجارية، بطرق وأفكار مبتكرة.

كل حي سكني، برأي هبة، بحاجة إلى الأنسنة التي يجب أن تتكون من: مدارس، ومحال بقالة، وحديقة عامة، ونادٍ رياضي، ومسجد؛ لمنح المكان سمة خاصة به، تضيف قائلة: «ابتكرت تصميمات داخلية كلاسيكية تفصيلية، تبعت فيها إحساسي الفطري بالمغامرة، فكل تصميم داخلي يأتي من مشهد مستوحى من البيئة الطبيعية والفن والعمارة والسفر والموسيقى».


أحدث البرامج الذكية


تحاول هبة أن تكون على معرفة متعمقة بأحدث البرامج الذكية للتصميم، فالتكنولوجيا، كما ترى، بمنزلة نعمة كبيرة لمصممي الديكور الداخلي، وأحد الأشياء التي تود تضمينها في الأستوديو الخاص بها في مرحلة قريبة هو الواقع الافتراضي، تعلّق قائلة: «من المتوقع أن تنمو هذه الطريقة في المستقبل القريب بشكل أكبر في صناعة التصميم الداخلي، وستسمح للعملاء بالتعاون بشكل أكبر، والحصول على فهم شامل أفضل للمساحات المصممة مع تطوير أدوات العمل ومواد البناء».

تابعي المزيد: سيدة الأعمال والمصممة السعودية مي الرفيعي: أحب تصميم أمكنة متحوّرة لا تكبر مع الزمن


من المغرب
سلمى العسري:


أفكر ببناء مسجد يكشف روعة السماء


سلمى العسري، مهندسة معمارية مغربية تعمل في بلجيكا.. رحلت إلى بلجيكا بغرض دراسة الطب، قبل أن تتحول إلى دراسة الهندسة المعمارية، ووجدت نفسها تعيش فيها مدة 27 سنة.

تفخر سلمى بكل أعمالها، خاصة مشروع مساكن اجتماعية صممتها في بروكسل ونالت الإعجاب، وهي مديرة لمكتب الدراسات الهندسية والطاقات المتجددة، تتابع قائلة: «أعمل على ترميم المباني العمومية، وإدماج الطاقات المتجددة فيها. في عام 2018، حظيت بالمشاركة في بعثة رسمية مع الأميرة البلجيكية أستريد وعدد من وزراء بلجيكا. ذهبت إلى بلدي بصفتي خبيرة بلجيكية، ووقفت لأمثل هويتي المغربية والبلجيكية معاً. المهنة صعبة، تتطلب كثيراً من التركيز والخبرة التي يجب أن تكون متجددة؛ لأن التكنولوجيا تتغير، ومواد البناء تتطور، ولا بد من التعلم المستمر».

تؤكد سلمى أن أعمال المرأة لا تحظى بالثقة كما الرجل، حتى في بلجيكا، وعلى المهندسة أن تكون بمنزلة قائد الأوركسترا، تمتلك القدرات التكنولوجية والاقتصادية. وتحلم سلمى بمشروع قرية اجتماعية للمسنين المهاجرين في المغرب يتعايشون فيه مع أجيال أخرى ويتبادلون فيه الخبرات والقيم، تستدرك: «أفكر في بناء تراثي بمواد طبيعية، كما أحلم أيضاً ببناء مسجد في بلدي أو في أي بلد إسلامي، مع ابنتي التي اختارت هي الأخرى أن تدرس الهندسة المعمارية، مسجد بروح الطاقات المتجددة، يستلهم من التراث، ويسمح للنور أن يدخل إليه من كل جانب، ويخصص مساحات متساوية للرجال والنساء.


من مصر
داليا السعدني:


يعود أصل حماية المعلومات إلى المصريين القدامى


عندما شرعت المهندسة داليا السعدني، الحاصلة على الجائزة الذهبية في المسابقة الإيطالية ADesign Award، في التحضير لمشروع تصميم مقر إحدى الشركات العالمية المتخصصة في تكنولوجيا وأمن المعلومات، كانت المفاجأة! فقد عثر فريق العمل على ماكينة ضخمة مطمورة تحت الأرض.

شعرت داليا بأنها عثرت على كنز بعد ظهور تلك الماكينة؛ حيث أوحت لها بفكرة الانتقال من زمن إلى زمن، كآلة الزمن التخيلية مثلاً، ومن هنا بدأت تضع تصوراً جديداً للمبنى، فتصورت أن من يدخل إلى الشركة سيكون في زمن الحاضر، بينما يهبط إلى الماضي، عندما ينزل إلى الدور الأرضي عبر سلم دائري، وعبره أيضاً يستطيع الانطلاق إلى المستقبل الذي يمثله الدور الأخير، تتابع: «بعد الاستعانة بعدد من خبراء علم المصريات، توصلت إلى أن معظم الأساليب المستخدمة في زمننا المعاصر لحماية وتأمين المعلومات، يعود أصلها إلى المصريين القدامى، ومن هنا أصبح الدور الأرضي للمبنى عبارة عن متحف، نال الجائزة الذهبية».

تابعي المزيد: المهندسة إيفا شوميلاس Eva Szumilas: العودة إلى روح الفنون الزخرفية هو شعاري


من لبنان
ران اسطفان:

 

ران اسطفان



التكنولوجيا قللت من عدد العمال


قلت أخطاء الأفكار الخيالية في المشاريع الكبيرة، وأصبحت أشكالها أجمل من قبل بكثير، ولها قدرة على تحمّل الكوارث الطبيعية، برأي المهندسة ران اسطفان.

تفترض ران أن يكون المهندس كثير السفر، لتجميع الأفكار وتأسيس فكرة مبتكرة جديدة تليق بالمحيط وترضي العميل.

تتابع ران: «نعمل على برنامج 3DMAX ، وهو عبارة عن صور حقيقية يستخدمها المهندس لإيصال فكرته إلى العملاء، كما أن تقنية الحيوية أو الـ Technique Animation تخص الألوان والمواد المستخدمة في المشروع، وهذا الأمر يخفض من تكاليف المشروع.. فمثلاً اليوم بتنا نشهد على ما يسمى الـ Organic Architecture، إضافة إلى تطوير مواد الدهان العاكسة للحرارة، التي من خلالها نقلّل حاجات التدفئة والمكيّفات والطاقات الشمسية، وتوفير تكلفة مادية كبيرة على الإنسان، ونحافظ على سلامة البيئة».


جودة عمل أفضل


أصبحت شرفات الشقق صلبة تمتدّ أفقياً، ويتم دعمها من جهة واحدة لضمان الحصول على صالات ومساحات كبيرة جداً للضيافة من دون أي أعمدة أساسية ظاهرة في الوسط بفضل نظام Post Tension، تتابع ران: «باتت المدة الزمنية أقصر من السابق بسبب التخطيط المسبق، إضافة الى وجود الـ Tower Cranes في أرض الواقع؛ ما يؤدي إلى تقليل التكلفة، وتأمين جودة عمل أفضل، وتقليل عدد العمال، وتوفير السلامة لهم، من خلال أنظمة الأمن الداخلية للمنزل، والإَضاءة للتحكّم في كل الأمور الإلكترونية بجهد أقل. وكلما تطوّرت مواد البناء والعمل باتت الفرصة أكبر لكل مهندس أن يصمّم أشكالاً خيالية جديدة مبدعة ومبتكرة تحلّ أغلب المشاكل التقليدية».


من تونس
جميلة زين العابدين:

 

جميلة زين العابدين



استلهمت فكرتي من موقع أثري روماني


تحدّثت جميلة زين العابدين، مهندسة معماريّة وباحثة في المعايير اللّاملموسة للتّصميم المعماري، عن مواكبة الهندسة المعماريّة للعصر الحديث، وتأثيره في نفسيّة الساكن ومزاجه.

ابتكرت المهندسة جميلة بالاعتماد على التّكنولوجيا الحديثة تصميماً هندسياً لمبنى أطلقت عليه «مركز ذاكرة»، وهو متحف بتصميم جديد، يشبه موقعاً رومانياً أثرياً تاريخيّاً، في بيلاريجيا بمحافظة جندوبة، غرب العاصمة التونسية.


مركز الذّاكرة


استلهمت جميلة فكرتها من زيارتها السياحيّة إلى هذا الموقع الأثري، فعزمت على محاكاته مستعينة بتطبيقات تكنولوجيّة حديثة خماسيّة الأبعاد، تعود بالزّائر إلى العهد الرّوماني، فيعيشه من خلال تجواله داخل مركز الذّاكرة المتكوّن من مبنى تحت الأرض بثلاث طبقات، تتابع جميلة قائلة: «يتجوّل الزّائر بمركز الذّاكرة وعلى عينيه نظّارات خماسية الأبعاد تسمعه أصواتاً لعمّال بناء قادمة من العصر الرّوماني، وضجيج جرّارات نقل الأحجار، فيكتشف لباسهم ونمط عيشهم، ثم ينتقل إلى مكان يتواصل فيه مع ضوء الشّمس والمناظر الطّبيعية المحيطة بالموقع الأثريّ».

استخدمت جميلة تقنية جديدة تسمح بمزيد من الضّوء الطّبيعي من خلال الفتحات في جميع أنحاء المبنى، جامعة بين القديم والحديث وبين الماضي والحاضر.

في هذا التصميم الخيالي، استخدمت جميلة مواد بناء عصريّة مثل «البلاكوبلاتري» لبناء جدار على شكل جبل داخل المركز، تعلّق قائلة: «استعملت الخرسانة والبلّور الشّفّاف لتجسيد البناء العصري الذي يتمازج مع حجر العهد الروماني، وتمكّنت من دمجهما بفضل التطبيقات التّكنولوجية الحديثة».

تابعي المزيد: زها حديد صممت أجمل ملاعب كأس العالم في قطر