مدربة الحياة منال السدحان: السعادة قرار وحب الذات ضرورة لتحقيق التوازن الداخلي

مدربة الحياة منال السدحان
مدربة الحياة منال السدحان

تأثَّرت بقصةٍ إنسانيةٍ، فأدركت سرَّ السعادة الحقيقية في الحياة، إذ خاضت رحلةً تطوعيةً، جعلتها تتخذ قراراً بتغيير مسارها المهني، وتتخصَّص في الإرشاد، وتجوب دول العالم، وتخوض تجارب متنوعة، وتكون على مقربةٍ من المرشدين العالميين، لتحطَّ رحالها أخيراً في الرياض، العاصمة السعودية، حيث أسَّست «باب النور»، ليكون بمنزلة بوابةٍ لكل شخصٍ يبحث عن نوره الداخلي.

مدربة الحياة منال السدحان

حب الذات لا يدفع إلى تفضيل النفس على حساب الآخرين بما يضرهم أو يؤذيهم


بدايةً، قدّمي منال السدحان للقرَّاء كما تفضِّلين؟


«مرشدةٌ في اليسر»، وهدفي في الحياة أن يعيش الإنسان حياةً ذات جودةٍ عاليةٍ باتباع أسلوبٍ بسيطٍ ومن دون تعقيداتٍ، أسلوب يمكن أن يشمل الجميع، ويناسبهم في كل مكانٍ، سواءً الرجال أو النساء.


مشروع «باب النور»، كيف بدأ وما أهدافه؟


«باب النور» يمكِّنني من تنفيذ مهمتي في مساعدة الجميع للوصول إلى توازنٍ واتصالٍ بين مختلف جوانب الحياة من أجل العيش بانسجامٍ مع رسالتنا وهدفنا في هذه الدنيا.


قصة البدايات


حدِّثينا عن بداياتكِ بوصفكِ مدربة حياةٍ ومدربة سعادة؟


بمناسبة الحديث عن بداياتي في المجال، سأحكي لكم قصةً، كانت وراء اختياري هذا التخصُّص. تبدأ القصة عندما كنت أدرس الماجستير في إدارة الأعمال ببريطانيا، حيث أعلنت الجامعة عن رحلةٍ تطوعيةٍ إلى أفقر قريةٍ في العالم، توجد في أوغندا، فتقدَّمت لهذه الرحلة، وبالفعل سافرت إلى تلك القرية التي كانت تعاني من تدنِّي مستويات المعيشة فيها على مختلف الأصعدة، لكن لفتني أمرٌ مهمٌّ، وهو أن الأشخاص الذين يسكنون في تلك القرية، يشعرون بالسعادة على الرغم من كل الظروف التي تواجههم، حتى إنهم يخصِّصون أوقاتاً لممارسة كل ما يفرحهم، وهذا كان درساً لي، بل وأعدُّه الأهم في حياتي، فقد فهمت أن السعادة قرارٌ داخلي، لذا قرَّرت أن تكون رسالتي «كيف تكون سعيداً بأفضل الطرق».


تعقيباً على هذه القصة، كيف يمكن أن نصبح سعداء؟


من هذه القصة أدركت أن السعادة قرارٌ شخصي داخلي، فنحن مَن يقرِّر أن نكون سعداء بمنتهى البساطة دون الالتفات إلى الظروف المحيطة بنا مهما كانت، فالسعادة الحقيقية، هي السعادة التي تنبع من الداخل، ولا تأتي بسبب أمرٍ خارجي، هي التي تُشعرنا بالتوازن في مختلف جوانب الحياة.
نفترح عليك متابعة هذا الحوار مع Life Coaches «مدربات الحياة» ماذا وراء ازدياد الحاجة لهن في عصرنا؟


وضوح الرؤية


السؤال الذي يطرحه نفسه هنا، هل يمكن أن نحقق التوازن في حياتنا، وكيف يمكن ذلك؟


نعم، يمكننا تحقيق التوازن في حياتنا. نفعل ذلك عندما يكون لدينا وضوحٌ في الرؤية، ومعرفةٌ بما يخدمنا في كل مرحلةٍ، ويوسِّع مداركنا، وهنا أودُّ أن أنوِّه إلى أننا جميعاً قد نمرُّ بمراحل، يحدث خلالها خللٌ في توازننا، وفي رأيي هذا أمرٌ طبيعي، فالحياة لا تسير وفق نمطٍ واحدٍ، فقد نعيشُ أوقاتاً، نركز خلالها على شيءٍ دون آخر، وفق ما تتطلَّبه الظروف، كأن تقصِّر المرأة في عملها في أوقات الإنجاب، إذ تكون في حاجةٍ إلى التركيز على صحتها وصحة طفلها، وفي ذلك أمثلةٌ كثيرةٌ، فالإنسان لا يستطيع أن يقسِّم نفسه وفق مهامه وأدواره بشكلٍ متساوٍ، ويتطلَّب الأمر حُسنَ إدارة الأمور، وتخطيطاً سليماً حتى نعود إلى توازننا في الحياة.
من المهم أن ننوِّه هنا أيضاً إلى أن هناك أموراً أساسيةً ومهمةً في حياتنا من أجل تحقيق التوازن، ولا ينبغي التهاون فيها، وتوازي أهميتها أهميةَ الأكل والشرب، مثل ممارسة الرياضة، والنوم بشكلٍ صحي، إذ تدعمنا هذه الأمور داخلياً، وتساعدنا في إيجاد التوازن في حياتنا، وأؤكد هنا على ضرورة التركيز على التغيير، وأن يبدأ من الداخل، عكس الاعتقاد الخاطئ الشائع الذي يدفع إلى تغيير العمل، أو إنهاء علاقةٍ ما بهدف إصلاح الخلل الذي يفقدنا توازننا، بالتالي العيش بسعادة، لذا أكرِّر أن التغيير وإحداث التوازن في الحياة والشعور بالسعادة أمورٌ داخليةٌ، ليس للآخرين علاقةٌ بها، ويجب أن نعمل على تحسين أنفسنا، وأن نعرف أسباب مشكلاتنا من أجل التحكُّم بها والسيطرة عليها.

هناك تطور كبير في مستويات الوعي لدى النساء السعوديات


حبُّ الذات تصالحٌ داخلي

 

مدربة الحياة منال السدحان


بالحديث عن النفس الداخلية، كيف يمكن أن نحبَّ ذواتنا، وما الفرق بينها وبين الأنانية والنرجسية؟


حبُّ الذات أولى خطوات تحقيق التوازن في مختلف جوانب حياتنا. هو تقديرٌ داخلي للذات، وتقبُّلها كما هي، ومعرفة ما يُسعدها، والبعد كل البعد عمَّا يضرُّها، وهنا يحصل اللبس بين حب الذات من جانبٍ، والأنانية والنرجسية من جانبٍ آخر، لذا أؤكد أننا لسنا وحدنا في هذا العالم، ولسنا سواسيةً في الأفكار والآراء، وحبُّ الذات لا يدفع إلى تفضيل النفس على حساب الآخرين بما يضرُّهم أو يؤذيهم، ولا يدفع إلى قطع العلاقات، وترك الوظائف من منطلقٍ «نفسي أهم»! حبُّ الذات هو تصالحٌ داخلي، يجعلنا أكثر تقبُّلاً للآخرين.


من واقع خبرتكِ، كيف يمكن أن نساعد أنفسنا لرفع الوعي الذاتي في داخلنا؟


رفع الوعي، لنصبح على قدرٍ جيدٍ منه، أمرٌ بالغ الأهمية، ويساعدنا في إدارة أمور حياتنا والسيطرة عليها. هذا الأمر يحتاج إلى أن نتعلَّم، ونطَّلع أكثر في مجالات تطوير الذات، وأن نقرأ جيداً فيها حتى نفهم أنفسنا. هناك كتبٌ، وصوتياتٌ متوفرةٌ في كثيرٍ من الأماكن، يمكن أن تكون مناسبةً لذلك، كما نستطيع الاستعانة بمرشدين مختصين في الموضوع.
نفترح تابعي معنا تفاصيل لقاء سابق مع نوف المروعي رائدة رياضة اليوغا على مستوى العالم


المرشد المناسب


ما الطريقة الصحيحة للتخصُّص في المجال، واختيار المرشد المناسب؟


تخصُّص «الإرشاد في اليسر»، يحتاج من الشخص إلى أن يتعلَّمه في المعاهد والأماكن المختصَّة، وهناك مؤسساتٌ تقدِّم شهاداتٍ معتمدةً في المجال بالسعودية.
تلك الشهادات التي نحصل عليها لاحتراف هذا التخصُّص، وكذلك الدورات، وورش العمل، هي ما يجب أن يبحث عنها الشخص حتى يكون في المكان المناسب، ومع الشخص المناسب الذي يساعده في تحقيق توازنه الداخلي، ويوصله إلى الشعور بالسعادة.
وعلى الشخص أن يبحث عن المرشد الذي لا يقدم له إجاباتٍ عن تساؤلاته، ولا يقدم حلولاً، بل يساعده في معرفة مكامن الخلل، ومصادر المشكلات، وتسليط الضوء عليها حتى يعي كل ما يمرُّ به، أو يعاني منه، ثم يبدأ بنفسه حلَّ كل ذلك، والوصول إلى المراد.

يمكننا تحقيق التوازن في حياتنا عندما يكون لدينا وضوح في الرؤية، ومعرفة بما يخدمنا في كل مرحلة


وعي النساء السعوديات


كيف ترين مستويات الوعي وحب الذات لدى النساء في السعودية؟


منذ إنشائي مركز باب النور قبل نحو عشرة أعوامٍ، وأنا ألمس، وأرى مدى التطور والتقدم في مستويات الوعي لدى النساء بالسعودية، وكذلك الرجال على حدٍّ سواء، ويعود ذلك لكثيرٍ من الأمور، منها ارتفاع نسب التعليم، والشهادات العليا، والتطوُّر في مؤسسات التعليم على مختلف الأصعدة، وأهمها البرامج والمبادرات التي تطلقها مؤسسات الدولة، وتهدف إلى تحسين جودة الحياة، وأنسنة المدن، وتوفير الخدمات، وسهولة إتمام الأمور، والاهتمام بالصحة والبيئة، وغيرها من البرامج التي تخلق فرصاً أكبر لشعورنا بالسعادة، وتسهم في تحقيق توازن داخلي ورضا ذاتي، وترفع جودة حياتنا.


بمناسبة اليوم العالمي لليوجا، حدِّثينا عن أهمية هذه الرياضة؟


اليوجا رياضةٌ مهمةٌ جداً، ولها فوائدُ عظيمةٌ، إذ تساعدنا في التركيز، وتسهم في تحقيق التوازن الداخلي، وتحسِّن من الصحة العامة والنفسية ككل، وتجعلنا ننام بشكلٍ جيدٍ، وترفع من لياقة الجسم، وكل تلك الفوائد لها دورٌ كبيرٌ في عيشنا حياةً أكثر جودةً، والوقاية من أي اضطرابات داخلية.
نفترح عليك متابعة هذا اللقاء مع مدربة الخيول واليوغا دانة القصيبي: المرأة السعودية ذات وعي عالٍ بالرياضة والصحة