مسابقة الشعر الغنائي على موقع "سيدتي نت" في ميزان لجنة التحكيم

5 صور

من بين مئات القصائد الشعرية المتنوّعة التي استقبلها موقع "سيدتي نت" للمشاركة في مسابقة «سيدتي للشعر الغنائي» في دورتها الثانية، جرى تصفيتها وحصر التنافس في 24 قصيدة أرسلت لأعضاء لجنة التحكيم المكوّنة من ثلاثة أعضاء، وهم، الكاتبة ومديرة تحرير «سيدتي» هاديا سعيد، والشاعر والملحن السعودي وسيم باسعد، والشاعر المصري عزيز الشافعي، لاختيار القصيدة الفائزة بالجائزة. لكن ماذا عن آرائهم في المسابقة والقصائد التي استقبلوها؟ "سيدتي" حاورت كل منهم في دردشة سريعة، وكانت هذه هي الحصيلة
عن أهميّة مسابقة «سيدتي للشعر الغنائي» في وسيلة إعلامية يقول الشاعر والملحن السعودي وسيم باسعد: «الأهميّة تكمن في وسيلة إعلامية مثل «سيدتي»، وهي بالتأكيد ستعطي المشاركين فيها ضوءاً إعلامياً قوياً، ودعماً وانتشاراً غير محدودين، وتميّزاً في التغطية الإعلامية لهم». وعن تقييمه القصيدة الغنائية اليوم بشكل عام يقول: «تعتبر القصيدة الغنائية هي الأبرز بين القصائد المسموعة في الوسط الفني والحضور الشعري. وهي الضلع الرئيسي في الأضلاع الثلاثة الأساسية في الأغنية، القصيدة واللحن والصوت. لكن للأسف، الكثير من الأغنيات العربية، التي نسمعها اليوم، تقوم على مفردات ركيكة وفكرة سطحية، مما أثّر على المستمع ليتراجع ذوقه في اختيار ما يسمعه، لكنها قليلة في الأغنية الخليجية، التي بدأت تفرض نفسها خلال ربع القرن الماضي، حيث يحرص الشعراء الغنائيون في الخليج على انتقاء مفرداتهم والارتقاء بالأغنية الخليجية».
يلاحظ في معظم الأغاني أنّ هناك ركاكة في الشعر، والاعتماد بات فقط على التوزيع وتقنيات التوزيع الحديثة؟
هذا صحيح إلى حدّ كبير. وفي تصوّري إن هذه الإشكالية ترتبط بكلمات أغاني أدعياء الشعر والـ «الشيك» المرفق مع الكلمات، وبالتالي يضطرّ الملحن أو المطرب للقبول والاعتماد على التنفيذ الموسيقي، بحيث ينصبّ اهتمام الجمهور المتلقّي للأغنية على الموسيقى والإيقاعات فقط، وليس على الكلمات واللحن والتوزيع الموسيقي.
إلى أي مدى تفتقر الأغنية إلى الموضوعات الجديدة في الشعر لتحاكي متطلّبات العصر؟
إلى حدّ كبير، لكن يظلّ هناك أغنيات قليلة، مرتبطة بظروف معيّنة تحاكي متطلبات العصر والناس، خاصة في ما يخصّ الأفراح والمناسبات الوطنية والإنسانية، أو أغنيات وصلت للمتلقّي العربي، ولم تعد أغنيات محلية أو إقليمية، مثل «رهيب» للفنان عبد المجيد عبد الله، والتي ساعدت بساطة المفردات واللحن بوصولها إلى العالم العربي.
ما هي النصائح التي توجّهها لكل المشتركين بالمسابقة؟
اختيار الموضوع جيداً، وصياغة الكلمة وتوظيف المعنى الحقيقي للموضوع.
وما هي الموضوعات الجديدة التي تنصح المتسابقين أن يطرحوها في شعرهم؟
الموضوعات ثابتة لا تتغيّر، فالحب هو الحب، والهجر هو الهجر، والفراق هو الفراق، لكن الصور متعدّدة، ويمكن طرحها بأفكار شبابية دون الوقوع في ركاكة المفردات والركض خلف عبارة «هذا ما يبحث عنه الجمهور».
ما هو تقييمك للقصائد التي اطّلعت عليها واخترت منها الأفضل؟
القصائد التي وصلتني من «سيدتي» كانت كثيرة، وكان تقييمي الأوّلي هو استبعاد القصائد الضعيفة والتي لا تصلح للغناء، أو التي تنتمي إلى التقليد والمحاكاة، خاصة أن المسابقة محصورة في الشعر الغنائي، والكثير منها، إما صور مكرّرة أو اقتباسات، أو ركيكة المفردات. ومن بين 24 قصيدة تمّ اختيارها، وهي التي نشرت في موقع «سيدتي نت» أخذ التقييم منحى اختيار الأفضل وفق شمولية ومضات الاجتهاد في الصورة والمضمون والمفردات، والجرس الإيقاعي للقصيدة. وهناك أكثر من قصيدة ينطبق عليها ذلك، لكنني اخترت خمس قصائد، منهم القصيدة التي أرشّحها لتكون الفائزة بالجائزة، وإن كانت تحتاج إلى بعض التعديل والضبط لزوم التلحين.

"سيدتي" وتبنّي المواهب
الكاتبة ومديرة تحرير «سيدتي» هاديا سعيد تقول عن أهمية مسابقة «سيدتي للشعر الغنائي» في وسيلة إعلامية: «هذه الأهمية تعبّر عن توجّه «سيدتي» وسياستها في تبنّي المواهب من كافّة القطاعات، ومنها المواهب الأدبية. و«سيدتي» رائدة في هذا المجال نظراً لانتشارها السبّاق والمتفرّد بين مثيلاتها من المطبوعات. ومن هنا تكون الأهمية في منح فرص لأصحاب المواهب في الشعر الغنائي، والمساهمة في اكتشاف الموهبة والمساعدة على إطلاقها، خاصة في مناخ يعُجّ بسوق من الغناء يبدو أنه فقد بوصلته في التأثير الثقافي والنفسي الذي يهذّب الأذواق ويطوّر الإنتاج، على حساب الكثير من المجاملات والمحسوبيات للأسف».
أما عن تقييمها للقصيدة الغنائية اليوم بشكل عام تقول: «الحقيقة أننا نشعر بألمٍ عندما نستعرض حال القصيدة الغنائية اليوم، فالتراجع ملموس حتى من المستمع العادي، الذي يكتشف بالفطرة الركاكة والرخص المنتشرين، ولهذا، ربما لا نعجب حين نرى مراهقات ومراهقين يعودون إلى أغنيات الماضي ويفضّلونها، أو يلجأون إليها حين يحتاجون التعبير عن أحوالهم العاطفية والنفسية. بصراحة، وجود القصيدة الغنائية اليوم أصبح نادراً. ولا أحب أن أبكي على الأطلال لأتذكّر قصائد شوقي أو ابراهيم ناجي، كامل الشناوي أو أحمد رامي، أو سعيد عقل أو الأخطل، وغيرهم من الكبار، فأنا ممّن يؤمنون بمراحل التاريخ والتطوّر، ولهذا، فالماضي يتوقّف ويترك بصمات وأعمالاً تخلّد. ومن جهة أخرى، ليس كل ما كان سهلاً يعتبر سطحياً، فإنتاج زياد الرحباني في الأغاني العصرية، للمثال، يعتبر نقلة نوعية نحو تاريخ جديد، وبعض أغنياته تحاكي أجمل قصائد كلاسيكية قدّمت لنا في زمن مضى أحلى الأغنيات. بكلمة: لدينا اليوم قصائد غنائية معقولة، ولكن ليس لدينا مناخ الشعر الغنائي الذي تألّق في القرن الماضي.
أما عن تقييمها للقصائد التي اطّلعت عليها واختارت منها الأفضل تقول: «اطّلعت على الكثير منها وتابعت التصفيات، وأعتقد أن معظم المشاركات تنوّعت بين ثلاث فئات: فئة الخاطرة، وفئة المحاكاة، وفئة الاجتهاد. وهذه الفئة الأخيرة هي التي كوّنت التصفيات الأخيرة. أما الخواطر فكانت عاطفية تقليدية حاولت شخصياً أن أبحث فيها عن ومضة الشعر التي تهرب أحياناً من بين مئة بيت شعري عادي، وملاحظتي كانت أن البعض تسرّع في الإرسال قبل التدقيق وإعادة النظر، وكانت الرغبة في المساهمة على حساب الجودة. أما المحاكاة فقد أصابت مساهمات أخرى قلّدت بعض الأغاني الشائعة، أو توقّفت عند القافية الرتيبة ولم تجتهد في محاولاتها، عكس مساهمات المجتهدين، ومنهم للمثال، عبد العزيز الخبيري وبشرى القربي وإلهام بكر من السعودية، وأنطوان عقيقي من لبنان، والشاعرة المشاعل من الإمارات وغيرهم، حتى أن عناوين القصائد في هذه الفئة كانت واعدة مثل «مواسم العمر» أو «سايرني بس» و«خليك هناك»، ولا يسع المجال لاستحضار أمثلة أخرى».
وعن مدى افتقاد الأغنية إلى الموضوعات الجديدة في الشعر لتحاكي متطلّبات العصر تقول: «تفتقد إلى الكثير، فما زالت الوفرة تقليداً أو وقوفاً عند أطلال الأغاني القديمة في الحب والهجر والوصال والدلال أو الغزل. هناك ثورة في العالم انطلقت مع موسيقى «البلوز» وشعراء أوروبا وأميركا منذ منتصف القرن الماضي، وتطوّرت إلى إدخال الحياة اليومية والقضايا والتأمّل والطبيعة، وحتى العلوم إلى الأغنية، ويمكننا أن نتذكّر بسرعة أغنيات «البيتلز» التي نهضت مع شعراء مرموقين، وفي مرحلة تالية أغنيات مايكل جاكسون، والتي ما زالت تعتبر ثورة في نقدها واحتجاجها الإنساني لا السياسي. ولن أطيل في تذكّر التحوّلات الهائلة في رؤية ودور الأغنية عالمياً اليوم، بل أكتفي بالدعوة وتحريض كل من يقرأني للذهاب إلى «غوغل» واكتشاف منابع وكنوز عالم أغنية اليوم الحقيقية خارج أطر «كليبات» آلة الاستهلاك والدجل».
أما المواضيع الجديدة التي تنصح المتسابقين أن يطرحوها في شعرهم تقول: «لا يمكن تحديد مواضيع بعينها وفرضها على الشعراء، فالشاعر يتأمّل ويعي ويعرف، واطّلاعه وإحساسه يقودانه لاختيار الفكرة والموضوع ووسيلة تعبيره الخاص».
وعن النصائح التي توجّهها لكل المشتركين بالمسابقة تقول: «إنها ملاحظة أكثر منها نصيحة، وهي الاطّلاع والاستماع والمعرفة كجزء أساسي لصقل الموهبة، بعدها، البعد عن التقليد والمحاكاة. تعلّمت في تجربتي الإبداعية دروس همنغواي ومحفوظ ومحمود درويش وبابلو نيرودا، وهي ألاّ أبحث عن مفرداتي في ما أقرأه، بل أستقبلها كمفاجأة سارّة، وألا أكتب تحت تأثير إعجابي بديوان شعر أو رواية، بل أحاول أن أنسى ما قرأته وأعجبت به لكي يقبع في قاع اللاوعي. والأهم ألا أتسرّع بالكتابة والمشاركة والنشر، فالإبداع يحب الوقت عكس الصحافة التي تحارب الوقت»!

خطوة مميّزة
عن أهميّة المسابقة أكّد الشاعر عزيز الشافعي أنّ قيام مجلة بحجم «سيدتي» بإقامة مسابقة للشعر الغنائي خطوة مميّزة نحو اختيار كلمة مميزة، والبحث عن مواهب عربية لا تجد طريقها للشهرة، رغم ما تملكه من موهبة، خاصة أن الكلمة الحلوة لم يعد من السهل تواجدها.
وعن تقييمه القصيدة الغنائية اليوم بشكل عام يقول: «أصبحت القصيدة الغنائية تعاني من غياب المعاني الرقيقة والمشاعر الرومانسية والكلمة ذات المغزى، وأصبح وجود أغانٍ من هذا النوع قليلاً، ولا يحرص عليه إلا مجموعة من الشعراء المميّزين في كتابة الأغنية في الوطن العربي، إضافة إلى اعتماد العديد من المطربين على التوزيع الموسيقي دون الاهتمام بالكلمة التي يغنّونها، مما أدّى إلى هبوط مستوى الأغنية.
وعن القصائد التي تقدّم بها المتسابقون قال عزيز: «كان هناك قصائد مميّزة، في حين كان مستوى بعض القصائد ضعيفاً جداً. ولكن، بشكل عام، هناك محاولات جادّة من المتسابقين لتقديم أفضل ما لديهم».
وعن الموضوعات الجديدة أكّد أنه يجب على الشاعر أن يكون حريصاً على مخاطبة مشاعر الناس، والتحدّث بلغتهم بأسلوب راقٍ يستطيع من خلاله الوصول لقلب الجمهور والنجاح بأعماله.
أما عن نصيحته للمشتركين فيقول: «نصيحتي لكل المشتركين أن يثقوا في أنفسهم وموهبتهم في البداية، وأن يبحثوا عن موضوعات ذات قيمة وهدف، وأن يقرؤوا كثيراً في الشعر العربي، حتى يمتلكوا مفردات لغوية ثريّة تساعدهم عند اختيار كلمات أعمالهم».


ترقبوا غداً أسماء الفائزين بمسابقة "الشعر الغنائي"