بالصور: سعود الدوسري قبل 23 عاماً وذكريات تنشر للمرة الأولى

18 صور

رحمك الله أيها الصديق الغائب الحاضر، وها أنت تغيب الغياب الذي لن نراك بعده، لكنك ستظل الحاضر في القلب والذاكرة. أسأل الله أن يتغمدك برحمته ويغفر لك ويسكنك الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء.
ما أن تأكد خبر رحيلك، ووريَ جسدك في الثرى، حتى تداعت الذكريات لتطرح عليّ سؤالاً واحداً. كيف تعرّفت إلى الراحل سعود الدوسري؟

تعرفت إلى الراحل سعود الدوسري منتصف عام 1992 كشريك للفنان سمير الشامي في مؤسسة "المرناء" للإنتاج الفني، عندما طرحت المؤسسة شريط كاسيت للفنان عبد العزيز المنصور، وفي نوفمبر 1992 تلقيت منه رسالة تحتوي على أربع صور شخصية كتب على خلفية كل صورة اسمه وعبارة (إذاعة الرياض- مذيع). وكان سعود وقتها بدأ متعاوناً مع إذاعة القرآن الكريم في الرياض. عندما تسلمت الرسالة اتصلت بالراحل سعود، وأثناء الحديث أخبرني برغبته في تقديم برنامج فني. وبالفعل، حضر إلى جدة، وقام بزيارتي في البيت، حيث نسّقت له تسجيل حلقة "بايلوت" لتقديمها إلى إذاعة الرياض لعمل برنامج فني إذاعي. وضمّت الجلسة الفنية كلاً من الفنانين عمر كدرس وسامي إحسان والشاعر المعنّى رحمهم الله والشاعر سعود الشيخ والزميل سهيل طاشكندي. وكان يفترض أن ينضم إليهم الزميل محمود الياس المقيم في مكة، الذي تأخر في الحضور، وبعد الانتهاء من التسجيل استمعت إلى رسائل التسجيل في الهاتف لتكون أول رسالة من الزميل أحمد مكي يقول فيها: "عظّم الله أجركم في وفاة الزميل محمود الياس عصر هذا اليوم". وبالطبع، أصابنا وجوم غريب ولم نستطع التقاط الصور لانشغالنا بفاجعة وفاة زميلنا. رحم الله من مات منهم.
الطريف في الأمر أن هذه الحلقة لم تصل إلى إذاعة الرياض، فما أن عاد الراحل سعود إلى الرياض حتى اتصل بي ليخبرني أنه وضع المسجل في جهاز المطار، وإذا به يمسح التسجيل. فقلت له. إذا رجعت إلى جدة نعيد التسجيل مرة ثانية.
في شهر ديسمبر عام 1993، ذهب إلى الرياض لتغطية الحفل الفني المصاحب للمؤتمر الخليجي الرابع عشر، وقد زارني الراحل سعود في فندق "قصر الرياض". واصطحبني إلى مؤسسة "المرناء" وتعرّفت يومها إلى شريكه الملحن سمير سعيد، وكذلك اصطحبني بسيارته إلى مقر الحفل، لأقوم بالتغطية وتعريفه إلى الفنانين الضيوف لإجراء لقاءات لإذاعة الرياض. وبالفعل، عرّفته يومها إلى الفنانين علي عبد الستار وعبد الله الرويشد وسالم بن علي، والتقطت له صوراً معهم ومع المذيع التلفزيوني سليمان السالم للذكرى، وأجرى لقاءات معهم ومع غيرهم.
ما يميّز الراحل سعود الدوسري وما شجعني على دعمه قوة موهبته، وصوته الرخيم، وشكله الوسيم، وقبل هذا وبعده، أخلاقه الحميدة، وحبه، بل وعشقه للعمل الإعلامي ورغبته في خدمة المجتمع بشكل عام، وحبّه غير الطبيعي لعمل الخير ومساعدة الناس. كل هذه الصفات والإمكانيات تؤهله لتحقيق حلمه، وتحثني على خدمته ودعمه وتشجيعه.

حكاية انتقاله للعمل في إذاعة MBC-FM
عندما كان الراحل الأستاذ محمد صادق دياب (رحمه الله) مسؤول تحرير "سيدتي" في الخليج، كان أجرى حواراً مع الشيخ الوليد بن براهيم نشر بمجلة "الرجل". وتصدرت صورته غلاف المجلة. وكان مكتب "سيدتي" يومها في مبنى كلية "السياحة" اليوم، والواقع في حي الحمراء غرب إدارة البريد. وبعد محادثة دارت بين محمد صادق دياب والشيخ الوليد بن براهيم طلب منّي (أستاذي) محمد صادق توصيل 25 نسخة من المجلة للشيخ الوليد في فلل فندق الشيراتون.
بعد أن استقبلني الشيخ الوليد بن براهيم وأعطيته المجلات قلت له: "شيخ الوليد. الآن إذاعة MBC-FM متألقة. أعرف صديقاً موهوباً في الإذاعة، بل وسامته تؤهله لأن يكون مذيعاً تلفزيونياً. له تجربة كمتعاون مع إذاعة الرياض. وحرام أن لا يكون في MBC-FM". فطلب مني اسمه ورقمه، وبالفعل، في نفس اللحظة اتصل بشخص في لندن وقال له: "خذ هذا الرقم. واتصل بصاحبه اسمه سعود الدوسري، واطلبوه واعملوا له "تيست" إذاعة. وأخبروني بالنتيجة". بعد عدّة أسابيع سمعت صوت سعود الدوسري يغرّد مع المذيع أحمد الحامد في برنامج "ليلة خميس".

شهادات من أعز أصدقائه
كيف تعرفتما إلى سعود الدوسري؟ سؤال طرحناه على اثنين من أعز أصدقائه، وهما سمير الشامي، وهو نفسه الملحن سمير سعيد، شريكه في "المرناء" والمذيع التلفزيوني سليمان السالم، الذي كان له دور في بداية سعود الدوسري (رحمه الله) مع إذاعة الرياض.
المذيع التلفزيوني سليمان السالم يتحدّث كيف تعرّف إلى الراحل سعود فيقول: " تعرفت إلى أخي سعود الدوسري (رحمه الله وغفر له) قبل 25 سنة. والصورة التي تشاهدونها لي معه عمرها 23 سنة. سعود من بدايته كان موهوباً، وعرفته من خلال زميل متخصص في الفنون ولديه مؤسسة إعلامية، وهو الفنان سمير سعيد وشقيقه خالد، الذي قال له إن سليمان يعمل منذ سنتين كمذيع في التلفزيون ويمكنك استشارته. فقلت له يومها إن صوتك جميل، وإذاعي مائة بالمائة. ويمكنك أن تبدأ من الإذاعة، لأنها المطبخ الحقيقي لصقل الموهبة. وبالفعل، تقدّم للإذاعة، وبدأ متعاوناً في إذاعة القرآن الكريم. وهو كان يحلم بفرصة في التلفزيون السعودي، لكن وقتها كانت الفرصة غير مهيأة، بالإضافة إلى أنه وجد نفسه في الإذاعة أكثر. ثم، فجأة، سمعته عبر أثير إذاعة MBC-FM، ثم بعد ذلك وجدوا في صوته وشكله، بأنه يصلح ليكون مذيعاً تلفزيونياً.
ميزة سعود (رحمه الله) أنه مثقف وكريم ويشعر بمعاناة الآخرين، لكنه لم يشعر أحد بمعاناته التي يعيشها وأعرفها من خلال تجربتي معه. وإن كان أخي سعود ذهب جسداً وبقي قلباً وروحاً في العمل الإعلامي، وهو إنسان مشرّف لكل إعلامي سعودي انطلق للعمل الإعلامي العالمي".
أما أقرب أصدقائه وشريكه الملحن سمير سعيد فيقول: "رحم الله فقيد الإعلام الصديق والأخ الحبيب سعود الدوسري. الإنسان الخلوق المتواضع منذ بداياته إلى أن أخذ الله أمانته. لقد ربطتني بسعود (رحمة الله عليه) علاقة صداقة وتوطدت لدرجة الأخوة، حيث كان حينها طالباً في الإعلام. عرف عن سعود حبه وشغفه بالإعلام، وكان حلمه إنشاء صرح إعلامي مميز، يقدم من خلاله المواد الهادفة للمجتمع. وفعلاً، قمنا بافتتاح مكتب خدمات إعلامية. ومن الطبيعي أن تكون البدايات متواضعة، ولم نحدّد الأهداف التي نطمح إليها لقلة الخبرة بالعمل التجاري، ولكن الإصرار موجود، ونحاول تخطّي الصعاب لكي ﻻ نفقد الأمل.
ولكن، شاءت الأقدار التحاقه بإذاعة mbc fm عندما كان البث من لندن، حيث انتقل إليها للعمل بالمحطة، واعتذر عن تكملة المشوار معنا بالمكتب. ولكن ظلّت صداقتنا مستمرة وإن غاب اللقاء، فصرنا نتواصل هاتفياً، أو كلما رجع إلى الرياض لزيارة أهله. رحمك الله يا سعود. له مواقف إيجابية كثيرة معي شخصياً ومع العديد من الأصدقاء، والتي تشهد له بعظم أخلاقه وجميل أفعاله. منذ سماعي لخبر وفاته (رحمه الله) والذي نزل عليّ كالصاعقة، وشريط الذكريات الجميلة التي جمعتني به ﻻ يزال مستمراً وعالقاً بالذهن. ولكن قضاء الله فوق كل شي، وﻻ نملك إﻻّ الدعاء له بالرحمة والمغفرة، وأن يسكنه فسيح جنّاته في الفردوس الأعلى".