"ذكريات الزمن الآتي" صرخة ثقافية في وجه الارهاب

29 صور

في زمن يستفحل الإجرامُ، وتعيث الحروبُ دماراً وإرهاباً وفتكاً، أراد فنانٌ من لبنان أن يلقّن العالم دروساً في الأمان والسلام، فرفع القرية شعاراً، ومضى يرسم لوحاتٍ تكاد تنطق، فتروي حضارة جيل وأصالته.

الفنان غاندي بو ذياب ابن الجبل، هو ابن هذه البيئة. أحبَّها حتى الثمالة، فترجم شعورَه في ديوانِ شعر ومعرضِ لوحاتٍ، نقل خلالهما صورةً واضحةً وشفافةً عن المجتمع القرويّ.

حمَل المعرض اسم "ذكريات الزمن الآتي"؛ اسمٌ فيه من التناقض والتناغم ما يكفي ليعكس الواقعية والسريالية في آنٍ. جاء العملُ باكورة سنين من الجهد والتحضير تمخّضت لوحات، تستنبط بين طيّات ألوانها حقيقة فنية وفلسفة حياة، كرّستا صاحبَها فناناً على المستوى الوطني.

افتُتِح المعرض في قصر الأونسكو في بيروت، برعاية وحضور وزير السياحة اللبناني ميشال فرعون، إلى جانب لفيف من الشخصيات السياسية والاجتماعية والإعلامية والفنية والدينية. وفي المناسبة، وقّع رئيس جمعية كهف الفنون الفنان بو ذياب ديوانه الثاني "لبست حالي وجيت"، الذي تضمّن أربعة وسبعين قصيدة غزلية ووطنية شمولية حول المشهد العربي والدولي بإسلوبٍ خاص وفريد في "مذهبٍ" ثوري.

وبجولة على لوحاته، نستخلص أنّ الفنان استخرج الفلاح الذي يسكنه، فأفرغ ما في جعبته من حبّ للتراث والقرية، وترجمه رسماً ونحتاً، فكانت لوحات ومنحوتات تضجّ بحكايا على شفير الاندثار، نذكر منها، ولا نحصر: "إيه .. رزق الله"، "عالبَرَكِه"، "راجع رايح"، "مونة حطب"، "حبر الذاكرة"، "حيرة وطن".

وعلى هامش المعرض، وفي دردشة سريعة مع "سيدتي نت"، يقول غاندي: "لوحة "مونة حطب" استغرقت وقتاً أكثر من غيرها، كونها دخلت جوّ التأليف، أما منحوتة " حيرة وطن" فهي عبارة عن منحوتة برونزية، تُعرض للمرّة الأولى وتجسّد وضع لبنان؛ لبنان العنفوان والثقافة".

وبشغف يتابع: "المنحوتة الفسيفسائية "بيروت والسلام العالمي"، التي استغرقت أكثر من خمسة عشر عاماً، أُنشد من خلالها سلاماً منتظراً ولا يزال مفقوداً حتى اليوم، وهي مصنوعة من الحجر الصوان والرخام والغرانيت والصخر والزجاج المكسَّر، وفيها تماثيل برونزية تمثّل رجال دين من كلّ الطوائف يرفعون الصلوات بخشوعٍ من أجل لبنان".

ويختم: " نريد بيروت السلام، بيروت الثقافة والحضارة والتاريخ والأصالة ".

غاندي بو ذياب فنّان لا يحدّه سقفٌ، تخضرم بين جيلين: جيل الأصالة، حاز منه العزّة والمُرُوءَة، وجيل الحداثة استلهم منه الجِدّة والمواكبة، فمزج الرجل بين حضارتين، خليط أثمر معرضاً وديواناً، تغوص فيهما لتجد نفسك تتوق إلى جلسة في القرية، عنوانها البساطة، فتترك مشاغلك وتسارع إلى الارتماء في أحضان الطبيعة.