يتَّخذ العدوان بين الأطفال أشكالاً عديدة، فقد يدافع الطِّفل عن نفسه ضدّ عدوان أحد أقرانه، أو يعارك الآخرين باستمرار لكيّ يسيطر على أقرانه، أو يقوم بتحطيم بعض أثاث البيت عند الغضب، ولا يستطيع السيطرة على نفسه، سلوكيَّات كثيرة قد تظهر على طفلكِ خلال مراحل عمره المختلفة، خاصَّة بعد بلوغه سن المدرسة وبداية احتكاكه مع الأقران الغرباء.


"سيِّدتي نت" باستشارة الاختصاصيّ النفسيّ يعرب القيسي يرشدكِ لأسباب هذا السلوك، وطريقة التعامل المثلى معه ...
بدايةً يشير القيسي إلى أنَّه ابتداء من العام الأوَّل، نلاحظ أنَّ العديد من الأطفال يلجئون إلى العنف من وقت إلى آخر، وقد تكون العدوانيَّة وظيفيَّة عندما يرغب الطِّفل في شيء ما بشدَّة، فيصرخ أو يدفع أو يعتدي على أيّ إنسان أو شيء يقف في طريقه، وقد تكون العدوانيَّة متعمَّدة عندما يضرب الطِّفل طفلاً آخر بهدف الأذى.
وعند حوالي عمر الأربع سنوات، تخفُّ العدوانيَّة الوظيفيَّة بشكل ملحوظ مع تطوُّر القدرات الفكريَّة والنطق عند الطِّفل، بينما تزداد العدوانيَّة المتعمَّدة بين أربع وسبع سنوات، علماً بأنَّ نسبة حدوث العدوانيَّة خلال احتكاكات الأطفال قليلة مقارنة بنسبة المبادرات الايجابيَّة التي تحصل بينهم.

مظاهر السلوك العدوانيّ لدى الطِّفل
تُقسم مظاهر السلوك العدوانيّ لدى الطِّفل إلى ثلاثة أقسام رئيسيَّة، وهي:


1. السلوك العدوانيّ:
السلوك العدوانيّ سلوك يحمل الضرر إلى كائنات أخرى من الإنسان أو الحيوان، فالطِّفل قد يؤذي طفلاً آخر بنزع لعبته من يديه، وقد يفعل ذلك في مشاجرة حول ادِّعاء حق ملكيَّة شيء ما، وقد يفعل الشيء نفسه إذا طلبت المعلِّمة أن تنزع جميع اللعب من الأطفال وتوضع في مكان آخر.

2. المشاعر العدائيَّة:
وإذا كان العدوان الصَّريح يأخذ أشكالاً ظاهرة تتمثَّل في الاعتداء البدنيّ أو الاعتداء اللفظيّ أو بالتخريب أو بالمشاكسة والعناد ومخالفة الأوامر والعصيان والمقاومة، فإنَّ المشاعر العدائيَّة أو العدوانيَّة تتَّخذ شكل العدوان المضمر غير الصريح، مثل: الحسد، والغيرة، والاستياء، كما تتخذ شكل العدوان الرمزيّ الذي يمارس فيه سلوك يرمز إلى احتقار الآخرين، أو توجيه الانتباه إلى إهانة تلحق بهم، أو الامتناع عن النظر إلى الشَّخص وعدم الرَّغبة في مبادرته بالسَّلام أو رد السلام عليه.

3. العدوان تجاه الذَّات:
السلوك العدوانيّ لا يتَّجه بالضرورة نحو الغيرة فقط، فقد يتجه نحو الذَّات أيضاً متمثِّلاً في نواحٍ بدنيَّة، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك حين قال تعالى: "وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ"، وقال أيضاً: "وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم".

أسباب العدوان لدى الأطفال
يرى القيسي أنَّ الاضطراب أو المرض النفسيّ أو الشُّعور بالنقص، هو ما يجعل الطِّفل يلجأ إلى الانتقام أو كسر ما يقع تحت يديه، وذلك بأسلوب لاشعوريّ، فيشعر باللذََّة والنَّشوة لانتقامه ممن حوله، كما أنَّ الشُّعور بالذَّنب أو عدم التوفيق في الدراسة، خاصَّة إذا عيَّره أحد بذلك، يجعله يلجأ لسلوكيَّات عدوانيَّة، مثل: تمزيق كتبه، أو إتلاف ملابسه، أو الاعتداء بالضرب على المتفوِّق دراسياً، أو السرقة.
ولا ننكر أنَّ القسوة الزائدة من الوالدين أو أحدهما تنتج عنها الرَّغبة في العدوانيَّة و الانتقام، خصوصاً عندما يحدث ذلك من زوج الأم، أو زوجة الأب، بعد وقوع الطَّلاق، أو وفاة أحد الوالدين.


دور العائلة:
تؤدِّي العائلة دوراً رئيسياً في تطوير العدوانيَّة عند الطِّفل، فعندما يهدد الوالدان الطِّفل وينتقدانه ويضربانه يؤدِّي ذلك إلى رفضه إطاعة أوامرهما، ويثابر في رفضه هذا حتى يعودا ويستجيبا لمطالبه، كما أنَّ محاولة الابن الأكبر فرض سيطرته على الأصغر واستيلائه على ممتلكاته يؤدِّي بالصغير إلى العدوانيَّة، كذلك محاولة الولد فرض سيطرته على البنت واستيلائه على ممتلكاتها، وللأسف نجد بعض الآباء يشجِّعون على ذلك فيؤدِّي بالبنت إلى العدوانيَّة.
ويضيف القيسي: "ولا ننسى كبت الأطفال، وعدم إشباع رغباتهم، وكذلك حرمانهم من اكتساب خبرات وتجارب جديدة باللعب والفك والتركيب وغيرها، كل ذلك يؤدِّي بهم إلى العدوانيَّة لتفريغ ما لديهم من كبت".
كما أنَّ الثقافات التي تمجِّد العنف وتحبِّذ التنافس تُؤثِّر على دعم سلوك العدوان لدى الأطفال، ومشاهدة العنف بالتلفاز أو من خلال أيّ وسيلة أخرى تشجِّع الأولاد على التصرُّف العدوانيّ، حيث أشارت إحدى الدراسات إلى أنَّ برامج الرسوم المتحركة المخصصة للأطفال تحتوي على أعلى نسبة من مشاهد العنف مقارنة بأيّ برامج أخرى، كما اتَّضح من دراسة أُجريت على أطفال في التاسعة من أعمارهم لمعرفة مقدار شغفهم بالأفلام المرعبة أنَّ الذين كانوا من المولعين بمشاهدة ذلك النوع من الأفلام قد أصبحوا بعد عشرة أعوام ممن يتَّصفون بالميول العدوانيَّة.