عرض الفيلم البورتوريكي "الزورق" بسينما شومان بالعاصمة الأردنية

مشهد من فيلم الزورق
بوستر الفيلم
مشهد اخر من الفيلم
من مشاهد الفيلم
مشهد من الفيلم
5 صور
تعرض مؤسسة عبد الحميد شومان، بالعاصمة الأردنية عمان، اليوم الثلاثاء، الفيلم البورتويكي "الزورق" للمخرج خوليو كوينتانا.

ويقدم فيلم "الزورق" للمخرج البورتوريكي خوليو كوينتانا، حكاية قرية موشحة بالسواد، تعيش على أطراف المحيط الذي دفن أحلامها منذ عشر سنوات، عندما أرسل موجة عاتية، دمرت مدرسة القرية، وقتلت 46 طفلا، هم آخر جيل في القرية، بعد أن امتنعت النساء عن الإنجاب، ولبسن السواد، وكاهن القرية يكاد أن يفقد الأمل بإعادة بعض اليقين إلى نساء القرية، التي يسيطر عليها الحزن وكابوس الخوف من المجهول المتربص بهم على أطراف ماء المحيط.

بيت واحد في القرية، خارج الهيمنة، امرأة وابنها، امرأة قليلة الكلام، تمردت وارتدت اللون اللباس الوردي هي "فيديليا "، وولدها " ليو"، الذي سيصبح لاحقا بمثابة الأمل والمخلص للقرية من هذا الواقع الجاثم عليها منذ 10 سنوات.

" ليو" الشاب الهادئ، الذي يحمل جرحا مكتوما بداخله منذ طفولته، عندما توجهت والدته لإنقاذ أخيه " تيغو"، وتركته يصارع الأمواج، وهو منذ صغره معجب بالفتاة "ثريا"، التي كبرت وتزوجت من شخص آخر، لتنشأ قصة حب لاحقا بينهما، يتحدث عنها أهل القرية بهمس.

نقطة التحول في القرية، عندما يغرق كل من " ليو" وصديقه " جابرييل " في البحر، ويعودان جثة هامدة، ولكن بعد 3 ساعات من الموت يعود " ليو" إلى الحياة، ويجدها كاهن القرية" الأب دوغلاس" فرصة لمساعدته من أجل إعادة الحياة للقرية بإنعاش الجانب الروحي عند أهلها كي يعيدهم الى الكنيسة التي قاطعوها.

يبدأ أهل القرية بالنظر الى "ليو" على أنه مختلف، وأنه يحمل إشارات ودلالات، والبعض اعتقد أنه معجزة، فالأهالي العاجزون عن تجاوز محنتهم، والمسكونون بقناعات أو خرافات تمنعهم من تجديد حياتهم، هم بحاجة إلى معجزة تخرجهم من هذا الواقع الساكن إلى درجة الموت.

يستجمع" ليو" حطام المدرسة ليصنع قاربا وسط استغراب الجميع، ويرممه بعد أن حرقه بعض الأهالي، ويجره إلى البحر في طريق، هي أقرب إلى طريق الآلام، وأخيراً يصل إلى البحر، والموج يتقاذف القارب، وينجو "ليو" وتتم مصالحته مع والدته بعد أن تقفز في البحر لانتشاله وإعادته الى الأرض، والمصالحة مع الحياة من خلال خروج "ليو" و" ثريا" التي خلعت خاتم الزواج، ووضعته على الكتب القديمة "التي كانت حاجزا بينها وبين زوجها السابق الذي مات في الموجة التي خطفت أطفال القرية، وينطلق الاثنان نحو فضاءات الحياة.

الفيلم مليء بالإشارات والدلالات الدينية، لكن في إطار الدعوة إلى ذلك التوازن ما بين ما هو مادي وروحاني، فالإنسان مزيج منهما، والحياة لا تستقيم دونهما، فهذا القارب كأنه سفينة النجاة، والخروج من بين الأموات، وتلك الوردة والبتلات الحمراء التي تقصها "ثريا" بدلاً من أصبعها، تحمل دلالة الخلاص عند السيدة مريم البتول، والمسمار الذي اخترق قدم "ليو".

توجد في الفيلم الكثير من الرموز الدينية، لكن الفيلم لايريد الترويج للدين، إنما هو دعوة للمصالحة والغفران، والتأمل في عمق وجوهر الحياة، واعطاء مساحة للجانب الروحاني الذي طغت عليه المفاهيم المادية والاستهلاكية، وتجديد الحياة من خلال العلاقات بين الأسر والمجتمع بشكل عام بعيدا عن النظرة الأحادية والمواقف المحكومة بقناعات مسبقة.

ومن الطبيعي أن الأفراد والمجتمعات يستحضرون مخزونهم الروحي وقناعاتهم الإيمانية وقت الأزمات. وإن "ليو" كان بمثابة الأمل الذي ساعد الأب "دوغلاس" لإعادة أهل القرية الى الحياة، وإعادة العيش بشروط الحياة. يختم المخرج الفيلم بمونولوج يلقيه " الأب" يخاطب فيه حبة المطر بأنها عائدة الى المحيط، ولن تكون وحيدة.

تميز الفيلم بقوة السيناريو الذي سار بحذر وذكاء بين ما هو روحاني وواقعي، وببراعة مخرج أمسك بعناصر الفيلم من حيث أداء الممثلين، والاهتمام بكافة تفاصيل المكان والأزياء والألوان والإكسسوارات التي كانت تعكس واقع المكان والشخصيات وتعبر عن دواخل هذه الشخصيات ونمط العيش الذي عاشته منذ عقد من السنين.