المعلمة التي قصت شعر التلميذتين: كان «هزاراً»

2 صور

لم تعد العصا الوسيلة الكافية لردع التلاميذ، فهناك من خرق عين تلميذ برشقه بمفتاح في عينه، وهناك من كسرت إصبع تلميذتها التي نسيت كشكول الواجبات، ومؤخراً قضية المعلمة التي شغلت الرأي العام المصري، عندما قامت بقص شعر تلميذتين؛ وتساءل الناس وقتها هل المدرّسة تابعة لتنظيم بعينه، أم ذلك أحدث أساليب التربية الحديثة؟ ولكن عندما ذهبنا للتحاور معها وجدنا الحقيقة غير ذلك تماماً.
بدأت المعلمة حوارها معنا بعبارة «حسبي الله ونعم الوكيل في الإعلام الذي ظلمني، وتعامل معي على أنني مجرمة حرب».
• في البداية عرفي القراء بشخصيتك؟
** اسمي إيمان أحمد أبو بكر الكيلاني، عمري «30 عاماً» أعمل مدرسة علوم منذ 10 سنوات بمدرسة الحدادين الابتدائية بمنطقة تسمى الضبعية بالأقصر، وأنتمي إلى عائلة الكيلانية، التي تعمل جميعها في حقل التعليم.
• لماذا تتهمين الإعلام بأنه ظلمك؟
** لأنه صعّد الموقف، وخلق أزمة كبيرة بحكايات غير حقيقية، واستغلت التيارات السياسية مشكلتي مع التلميذتين؛ للهجوم على المشروع الإسلامي؛ كوني منتقبة، ولكن الحقيقة غير ذلك تماماً.
ملتزمة دينياً
• معنى ذلك أنكِ لا تنتمين لتيار سياسي؟
** ليس لي أدنى علاقة بالأحزاب الإسلامية، كل ما في الأمر أنني ملتزمة دينياً.
• إذن لماذا قمتِ بمعاقبة التلميذتين بقص شعرهما عندما رفضتا ارتداء الحجاب؟
** ما قصصته لم يتجاوز سنتيمترين، وليتني ما فعلت ذلك. ففي إحدى الحصص تحدثت مع التلميذات بأن عليهن لبس الطرح؛ لأنه من عاداتنا وتقاليدنا كمجتمع قروي، وهناك الكثير من التلميذات المسيحيات يرتدين غطاء الرأس؛ طبقاً للعادات والتقاليد. وفصلي به 22 تلميذة، تحدثت معهن على سبيل الهزار بأنني سأقص شعر من تأتي بلا طرحة في المرة المقبلة، وبالفعل في اليوم التالي ارتدت كل التلميذات الحجاب، ماعدا التلميذتين «منى بربش» و«علا منصور».
• إذا كان الموضوع دعابة أو هزاراً على حد قولك، فلماذا تحملين مقصاً من الأساس؟
** قمت بقص شعرهما؛ لأحافظ على هيبتي أمامهم، ولم أكن أحمل مقصاً، بل وجدت نفسي في موقف محرج أمام تلاميذي عندما قام أحدهم وهو تلميذ يدعى أحمد حسين بإخراج مقص من حقيبته، ويسألني «يا أبلة أنت مش قلتِ حتقصي شعر اللي حتيجي من غير طرحة؟» فسكت للحظات، وشعرت بالإحراج، وأنني لو لم أقم بفعل ذلك سأكون كاذبة أمام تلاميذي، فاضطررت للخروج من هذا المأزق بقص جزء بسيط جداً لا يتعدى عقلة الإصبع من شعر الفتاتين.
ألفاظ خادشة
• إحدى التلميذات قالت إنك قمت بتعذيبها وضربها بعد قص شعرها؟

** لا أنكر أنني قمت بضرب إحداهما، وهي «منى بربش»؛ وذلك لأنها تجرأت عليّ بألفاظ وقحة، فكان العقاب الطبيعي الضرب المعتاد.
وكيف كان رد فعل أهالي الطالبتين؟
** ذهب والد الطالبة «منى» لمنزل والدي وهو غاضب، وقص عليه ما حدث، فتشاجر أبي معي واعتذر لوالد الطالبة وقبل الاعتذار. كما جاء المدرسة أيضاً وقام زملائي بامتصاص غضبه وتطييب خاطره. وجاء والد الطالبة الأخرى علا، ونهر ابنته وقال لي بالحرف: «كنت قصصتِ شعرها كله لتتعلم أن تسمع كلامك»، ولكني فؤجئت بأن والد التلميذة الأولى «منى» تقدم بشكوى للإدارة التعليمية، وببلاغ للنيابة يطالب بالتحقيق في الواقعة.
وعمَّ أسفرت التحقيقات؟
** جرت التحقيقات معي، وتمت مجازاتي بتحويلي إلى عمل إداري، وخصم شهر من راتبي.
قرار ظالم
وما رأيك في القرار؟
** قرار ظالم، فالوزارة أصدرت حكمها طبقاً لما نشرته وسائل الإعلام قبل انتهاء التحقيقات، وهو أمر غير قانوني، فقد تعاملت معي القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية والصحف على أني قاتلة أطفال.
معنى كلامك إنك غير مخطئة فيما فعلت؟
**كان يمكنني الحفاظ على هيبتي بطرق أخرى، فقد منحت الفرصة للحساسيات العائلية والإعلام المضلل ليسهما في تضخيم القضية.
رد فعل الأطفال
• لكن الأطفال كان لهم رأي آخر ورد فعل بمثابة أكبر مصالحة لتلك المعلمة؛ فالتلاميذ يبكون كل يوم مطالبين بعودتها، ومنهم من لم يحضر؛ حزناً على معلمته. وعندما سألناها عن رد فعل التلاميذ لغيابها قالت:
** أنا متزوجة منذ سنوات، ولم يرزقني الله بأطفال، فكانوا هؤلاء أبنائي، وتوجيهي لهم حرصاً مني عليهم؛ لأربيهم تربية صالحة.
جريمة
على الرغم من اعتراف المعلمة إيمان بأنها أخطأت إلا أن بيان منظمة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفولة كان قاسياً عليها، فقد استنكرت المنظمتان بشدة ما قامت به؛ ما يعد خروجاً على الشرعية وحقوق الآدمية، وأكدت المنظمتان تضامنهما الكامل مع قرار وزير التربية والتعليم في خصم راتب المعلمة، وتحويلها إلى عمل إداري، ووصفتا ما قامت به بأنه عمل مشين لا يجوز أن يصدر من معلمة يفترض أن تكون تربوية، ويعد جريمة بكل المقاييس في حق الأطفال.
تفاصيل في عدد "سيدتي" 1674