أمريكي مسلم يتبنى 80 طفلاً يعانون من أمراض قاتلة

محمد بزيك مع أحد أطفاله المتبنين
الأمريكي المسلم محمد بزيك
محمد بزيك تبنى 80 طفلاً خلال 23 عاماً
بزيك خلال اعتنائه بأطفاله
بزيك يعتني بأطفاله
محمد بزيك
6 صور
للخير وجوه كثيرة، تكاد لا تعد ولا تحصى، وللإنسانية أيضاً هذه الوجوه والأشكال، التي لا تنفك تبعث الأمل في قلوب الجميع، على الرغم مما يشهده العصر الحديث من حروب دموية، وأخبار عاجلة تفقدنا رغبتنا في الحياة، ولكن الخير والإنسانية التي قد نراها هنا أو هناك، تعود لتحيي فينا كل الجمال والأمل، بأن الإنسان الذي سلّمه الله الخلافة في الأرض، لا بدّ أن يعمرها على الوجه الأمثل من جديد.

وتعرض لنا قصة الأمركي المسلم "محمد بزيك" ذو الأصول الليبية، حالة خاصة وعظيمة للإنسانية والخير الذان تحدثنا عنهما سابقاً، ربما قلّ كثيراً ونَدَرَ رؤيتها في أي مكان، فصاحب الـ 63 عاماً، قرر أن يكون الملجأ الأخير والأب الحاني لعشرات الأطفال الذين يعيشون أيامهم الأخيرة، وكان هو عائلتهم الوحيدة في الوقت الذي فقد فيه هؤلاء المساكين كل شيء، وتخلى عنهم الجميع.

قام "محمد بزيك" بتكريس حياته لهؤلاء الأطفال، حيث وطوال أكثر من 20 عاماً، تبنى قرابة الـ 80 طفلاً في مراحلهم الأخيرة من أمراض خطيرة وقاتلة يعانون منها، أطفال يحتضرون بكل ما في الكلمة من معنى، تخلت عنهم عائلاتهم، ولم يجدوا أي شخص أو جهة تهتم بهم، فكان هو الأب والملجأ الأخير الذي رعاهم.

محمد بزيك الذي يعرف تماماً ما يعانيه هؤلاء الأطفال، عقب تجربة عاشها مع زوجته وابنه من ذوي الإحتياجات الخاصة، قال في تصريح سابق له لوسائل إعلام عالمية، أنه بعد أن مرضت زوجته "داون"، ترك وظيفته، وتفرغ تماماً للعناية بها وبالأطفال الذين عملوا على تبنيهم هو وزوجته، وبعد وفاة "داون"، قام محمد بتبني 80 طفلاً آخراً، من بينهم كان هناك 40 طفلاً يعانون من أمراض خطيرة مختلفة، وأكد أن 10 منهم فقط من فقد حياته وتوفي خلال هذه الفترة.

ويتابع محمد بزيك قوله، أن لا أحد يأبه أو يبالي بهؤلاء الأطفال المساكين، ولا أحد يرغب في أن يعيش معهم ويعتني بهم، لأن الناس يخافون من فكرة الموت، ولا يريدون رؤية أطفالهم يموتون أمامهم في بيوتهم، كما أن رعايتهم ليس بالأمر البسيط، وفي بعض الأحيان حين يكون أحد الأبوين من المدمنين على المخدرات أو الكحول، تكون ظروف هؤلاء الأطفال صعبة للغاية، وبقائهم في المستشفى لا يوفر لهم بيئة جيدة من الحب والرعاية المعنوية، ويقول بزيك "إنهم في حاجة إلي، وعندما فقدت 10 أطفال بسبب المرض، كنت أمسك أيديهم جميعاً".

من ليبيا إلى الولايات المتحدة
وكان محمد بزيك قد هاجر من ليبيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1978، وهو يعيش في ولاية "لوس أنجلوس"، حيث تلقى تعليمه الجامعي في مجال "هندسة الإلكترونيات" في ولاية شيكاغو، ثم بدأ العمل في لوس أنجلوس، وهناك ألتقى زوجته "داون" وعاشا قصة حب مثالية قبل وبعد الزواج، وفي العام 1995، قرر كلاهما البدء بتبني الأطفال المصابين بأمراض مميتة فقط، قبل أن يبدأ هو بتبني كل هؤلاء الأطفال بعد وفاة "داون"، حيث يشير إلى أنه كان قد تأثر بعائلتها التي كانت تتبنى أطفالاً منذ العام 1980.

الإنسانية لا تنتظر شكر أحد
ويتابع محمد بزيك حديثه حول تجربته هذه: "أنا أقوم بهذا العمل الإنساني منذ 23 عاماً في سرية تامة، وكنت قد دهشت عندما رأيت هذه الأخبار، وصدم أصدقائي أيضاً، حتى المترددين على المسجد الذي أصلي فيه أكدوا أنهم لم يعرفوا بهذا الأمر، وكذلك عامل السوق التجاري الذي أذهب له عندما رآني بعد انتشار الأخبار .. بكى، هذا أمرٌ طبيعي لأن المسلم لا يقوم بالإفصاح عما يقدمه من أعمال خيرية، وأنا لا أنتظر الشكر من أحد".

ابنه الوحيد
ومحمد بزيك، لديه ابن واحد فقط، يعاني من مشاكل واضطرابات في النمو، وعلى الرغم من أنه يبلغ من العمر 18 عاماً، إلا أن لديه جسد صغير جداً لطفل في الرابعة من عمره فقط بسبب هذه الإضطرابات، أما فيما يخص أبنائه غير البيولوجيين الذين تبناهم، فيقول بإن بعضهم الآن وصل إلى مرحلة الجامعة، وآخرون تزوجوا وأسسوا أسرهم وعائلاتهم الخاصة، وأصبح لديهم أبناء أيضاً، ورغم ذلك لا يزالون ينادونه بـ"أبي" إلى هذه اللحظة.


جائزة "الرحمة" 2017
وكان محمد بزيك، قد حاز في العام 2017 على جائزة "الرحمة" من قبل صناع القرار والمواطنين في ولاية "لوس أنجلوس" الأمريكية، وذلك تقديراً لكل هذه الجهود التي بذلها طوال هذه السنين لرعاية هؤلاء الأطفال، ولاقى الكثير من الدعم من قبل الناس الذين سمعوا قصته، حيث تم جمع أكثر من 500 ألف دولار دعماً له ولقضيته النبيلة هذه.

مأساته التي بدأت كل شيء
ويقول محمد بزيك، بأنه يعرف تماماً ما يعانيه هؤلاء الأطفال، لأنه هو نفسه عاشه وعانى منه، فهو مُصاب بأحد أنواع مرض "السرطان"، كما أنه زوجته توفيت بالمرض، وابنه مصاب باضطرابات في النمو وهو من ذوي الإحتياجات الخاصة، ولذلك هو يعرف تماماً ما يشعر ويحس به هؤلاء، وعليه رأى بأنه من الواجب أن يعتني بهم ويرعاهم قد المُستطاع.