أزمة منتصف العمر

ديالا عيتاني
ديالا عيتاني
ديالا عيتاني

 

أزمة منتصف العمر، أو ما يسمى بالعامية "جهلة الأربعين" أو المراهقة الثانية، هي مرحلة يمرّ بها بعض الرجال ما بين عمر 35 إلى 50 عاماً، وما يترافق ذلك من تغييرات هرمونية وبيولوجية واجتماعية ونفسية كبيرة، قد تنتج منها قرارات وتصرفات تؤثر في حياة الرجال عامة، والحياة العائلية بشكل خاص. يمكن القول إن الرجل يقف في هذه المرحلة في نقطة وسط بين الماضي والمستقبل، فيفكر في جميع قراراته التي اتخذها قبل هذه المرحلة، وبكل ما يمكن أن يفعله في المرحلة القادمة، وقد تكون تسمية المراهقة الثانية بالغة الدقة؛ لأن الرجال يقومون ببعض التصرفات أثناء أزمة منتصف العمر تشبه كثيراً تصرفات المراهقين.

أما أزمة منتصف العمر للنساء، فهي مرحلة تمرّ بها النساء ما بين عمر 45 إلى 55 عاماً، وما يترافق ذلك من تغييرات هرمونية وبيولوجية واجتماعية ونفسية كبيرة، قد تنتج منها قرارات وتصرفات تؤثر في حياة النساء. هذه المرحلة صعبة عند النساء بسبب التغييرات الكبيرة بالهرمونات، وتأثيرها في الشكل الخارجي، إضافة إلى عدم انتظام ساعات النوم والأرق. وكذلك التغييرات المزاجية والاكتئاب والتعصيب والتوتر وعدم الرضا، فضلاً عن التغييرات البيولوجية، التي أبرزها مخاوف من تقدّم العمر ومرحلة Menopause أو انقطاع الدورة الشهرية. وهناك مجموعة من المشاعر التي تنتاب النساء عند الدخول في أزمة منتصف العمر تظهر على شكل تبدل كبير في الشخصية والسلوك ومخاوف من نظرة المجتمع.

قد ينفي البعض وجود أزمة منتصف العمر أو المراهقة الثانية عند الرجال والنساء، كما عدّها البعض مرحلة انتقالية حرجة تشمل تغيّراً عاطفياً مفاجئاً يظهر في السلوك والتغييرات في المظهر الخارجي، وإرجاع مرحلة الشباب.

يصاب بعض الرجال والنساء بأزمة منتصف العمر، لكنَّ تأثيرها يكون أكبر في سلوك الرجال وقراراتهم؛ حيث تعدّ هذه المرحلة مفصلية في حياة الرجل، التي تترافق مع أعراض كثيرة، مثل الكآبة والملل وعدم الرضا عن الحياة. إلَّا أن التعامل مع أزمة منتصف العمر يختلف من رجلٍ إلى آخر بقدر وعي الرجل للتبدلات التي تطرأ على جسده ونفسيته. والأمر يختلف عند النساء لارتباطه أكثر بتطورات بيولوجية أبرزها انقطاع الطمث، كما أن تعبير النساء عن هذه المرحلة يختلف عن تعبير الرجال؛ حيث يكون جل اهتمام الرجل إظهار مظهر الشباب والانتفاض على الواقع الذي يمرّ به.

في الواقع، تعاني العائلة كلُّها من هذه المرحلة، فالزوجة مضطرة للتعامل مع زوجها الذي يعيش مراهقةً ثانية، ولا بدّ أن تتفهّم المرحلة النفسية والهرمونية التي يمرّ بها الشريك، ومعالجة الأمور بذكاء ووعي كبير. والانتباه إلى نمط الحياة المتّبع وممارسة الرياضة، وتناول الأكل الصحي، واكتساب الثقة بالنفس، والابتعاد عن الأفكار السلبية التي تؤثر في الصحة النفسية والجسدية للمرأة، وعدم التركيز على ما تقدّمه وسائل التواصل الاجتماعي.

تكمن أهم النصائح في تفهّم العائلة والزوجة للمرحلة التي يمرّ بها الرجل والتغييرات التي تطرأ على نفسيته ومظهره الخارجي، ومشاركته هواجسه، وتدارك المشاكل الزوجية والشك. كما يجب أن يتفهم الزوج أعراض هذه المرحلة ومخاطرها، لكي يساعد زوجته في التغلّب عليها؛ لأن انقطاع الطمث في هذه المرحلة العمرية يتسبّب في خلل بالهرمونات، وشعور بأنها قد تفقد أنوثتها، لذلك لا بدّ أن يحتويها الزوج، ويزيد من ثقتها بنفسها، وتجاوز هذه المرحلة الدقيقة التي تمرّ بها.