mena-gmtdmp

انفصلنا كثيرا

سلمى الجابري
أفتقدُ معك إلى لغةٍ مشتركة تجمعنا وتطرحنا ونحن مشدوها القلب، أفتقد إلى الكثير من ألوان الفضاء العاطفية في ملامحي، في صوتي، في حرفي، وفي أحلامي، أفتقدني في أحاديثك، في شرودك وحضورك، أفتقدُ جداً حالة الالتباس القديمة التي جمعتنا كعاشقين مجنونين بملءِ الصبابة، كما أفتقد زخمي العاطفي بحضرةِ وفرة مشاعرك. قد نصل نحو عمرٍ ما، نجهل فيهِ ما يخبئ الطرف الآخر لنا، خلف صوته وملامحه، لكننا لم نكن هكذا، لم نكن بهذا الجفاء والبرود العاطفيّ؟ نسأل أنفسنا كثيراً، ما الذي تغير؟ بعد قصةِ عشقٍ قصفت بمشاعرنا وعصفت! ما الذي جعلنا نعانق الفراغ والوحدة؟ وهم أمامنا، يجوبان أفكارنا وأنظارنا وحتى مسامعنا، لكن هنالك ما يحول بيننا وبينهم!! ما هذا الأمر الذي اجتاحنا بغتةً!! لأنه في زمنٍ ما كان بيننا لغة مشتركة، نظرة مشتركة، أفعال مشتركة، سعادة مشتركة، حزنٌ مشترك وانتظار مشترك، والآن رغم قربنا، إلا أننا انفصلنا كثيراً عن ترابط قلبينا. الكثير من الاستفهامات المفخخة تقف في عقلي وتتمدد، لكن جميعها تصب نحو إجابة واحدة، وهي: من فرط التحام المشاعر العاطفية بهم، قد تتعرض للقطع للتلف، وللتجعّد؛ لأننا نعطي الكثير مقابل القليل؛ فنصل سريعاً نحو التعب والركود، دونَ أن يحملوا على عاتقهم مهمة إشعال فتيل الأشواق؛ لذلك ننقسم عنهم بصمتٍ مطبق رغم توحّدنا بهم. فأطفال المشاعر، تحتاج دوماً للعناية، للتغذية، للاهتمام، للجنون، لإضرام الحرائق، ولغليان المشاعر، تحتاج للركض، للجريان، للوقوف، وللرقص، تحتاج للكثير مقابل السخاء، تحتاج للبقاء مقابل العطاء، تحتاج للزخم مقابل السعادة، من المستحيل أن تبقى علاقة مبتورة الأطراف قائمة بألقها نحو الأمد، من دونَ أن تتهشم؛ لذلك كما نحتاج لجزيل الحب منهم، علينا في المقابل إغداقهم به من دون أن نتوقف، عند حد البخل